[ سيكون موضوع اليمن محلا للنقاش في زيارة ابن سلمان إلى واشنطن - وول ستريت ]
نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا لمراسلها ديون نيسباوم، عن "مركز العمليات الجوي" السعودي، الذي تتم من خلاله إدارة العمليات الجوية للحرب في اليمن.
وتحدث نيسباوم مع الجنرال عبدالله الغامدي، الذي جلس وسط الغرفة، وأخذ يشير إلى شاحنة تسير بين الرمال، وتمر من جانب مجمع صغير، قائلا: "انظر"، وقال الغامدي للصحافي: "هناك جماعة من المقاتلين يختبئون هناك، لكننا نتركهم ونراقب لساعات، وأحيانا لأيام، قبل أن نضرب لحماية المدنيين".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الغامدي هو نائب قائد التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، وهي قوة تواجه انتقادات دولية متزايدة؛ للطريقة التي تدير فيها غاراتها، حيث تقدر الأمم المتحدة أنها أدت إلى مقتل أكثر من أربعة آلاف مدني منذ بدء العملية قبل ثلاثة أعوام.
وتفيد الصحيفة بأنه في الوقت الذي يؤكد فيه القادة السعوديون أنهم يقومون باتخاذ الاحتياطات لمنع القتلى بين المدنيين، إلا أن الأمم المتحدة وصفتها قبل فترة بأنها "غير مناسبة وغير فعالة"، ونتيجة لهذا أصبحت الحرب في اليمن مصدر إزعاج في العلاقات التي تزداد قوة مع الولايات المتحدة، وفي وقت يتحرك فيه البلدان لمواجهة التاثير الإيراني المتزايد في المنطقة.
ويذكر الكاتب أنه من المتوقع أن يكون موضوع اليمن محلا للنقاش في زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن، وهو الرجل الذي يقف وراء الحرب التي باتت تعرف بأفغانستان السعودية، لافتا إلى أن السلطات السعودية سمحت عشية زيارة ولي العهد الرسمية لأمريكا للصحيفة بالدخول لمركز العمليات الجوي، ومراقبة الطريقة التي ينفذ فيها القادة العسكريون عملياتهم ضد المتمردين الحوثيين.
وتقول الصحيفة إن السعودية تعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة في العمليات ضد تنظيمي القاعدة والدولة في اليمن، فيما يعمل ولي العهد ابن سلمان بشكل قريب مع أبرز مستشاري الرئيس دونالد ترامب وصهره، جارد كوشنر، في خطة جديدة للتسوية في الشرق الأوسط.
ويلفت التقرير إلى أن السعودية برزت بصفتها أكبر حليف أمريكي في منطقة الشرق الأوسط، إلا أن إدارة ترامب تواجه المشكلة ذاتها التي واجهت إدارة باراك أوباما، وتتعلق بحجم الدعم الذي يجب أن تقدمه للسعودية، وما يتبع هذا الدعم من مسؤولية أخلاقية وسياسية وقانونية، خاصة عندما تقدم الولايات المتحدة الدعم العسكري وتسهم في قتل المدنيين.
وينقل نيسباوم عن مسؤول أمريكي، قوله: "نتفهم القلق بشأن الضحايا المدنيين، ولهذا السبب نقوم بالتعاون معهم في هذا الموضوع"، مشيرا إلى أن جماعات حقوق الإنسان تقوم بالضغط على الولايات المتحدة لوقف بيع الأسلحة المتقدمة التي تستخدمها السعودية في اليمن، وحثت جماعات إغاثة إنسانية، مثل "ميرسي غروب" و"أوكسفام أمريكا"، في رسالة للرئيس ترامب للضغط على ولي العهد السعودي، لعمل ما بالإمكان، وتخفيض عدد الضحايا المدنيين في النزاع.
وتذكر الصحيفة أن المشرعين الأمريكيين زادوا من دعواتهم وقف التشارك في المعلومات الأمنية مع السعودية، وتوفير الوقود في الجو للمقاتلات السعودية، ودعا السيناتور الجمهوري عن ولاية أوتا، مايك لي، وسيناتور ولاية فيرمونت المستقل بيرني ساندرز، إلى قرار يدعو إلى وقف الدعم العسكري للسعودية في اليمن، وقال لي: "نقصف في يد ونعطي الدعم الإنساني في يد أخرى.. ونقوم بسحق الإرهابيين من جماعة لتظهر مكانهم جماعة أخرى".
وينوه التقرير إلى أن وزارة الدفاع ترى أن أفضل وسيلة للمساعدة في اليمن هي استمرار العمل مع السعوديين، حيث يقول قائد القيادة المركزية في الشرق الأوسط جوزيف فوتيل: "بحسب وجهة نظري، فإنه من الأفضل أن نبقى مشاركين ونواصل التأثير".
ويبين الكاتب أن السعودية حاولت شل المتمردين الذين تدعمهم إيران، وإعادة الحكومة الشرعية الضعيفة، إلا أنها لم تنجح، وأدت الحملة إلى تشرذم اليمن، وخلق أرضية خصبة للجماعات المتطرفة، وردا على هذا فإن ترامب وسع هجمات طائرات "الدرون" في العام الماضي إلى 120، مقارنة مع 30 في عام 2016.
وتقول الصحيفة إن "السعودية تدير عملياتها من مركز في قاعدة عسكرية في الرياض، ويراقب المستشارون الأمريكيون والبريطانيون غرفة معتمة من مكتب زجاجي خلفي، يطلق عليه البعض مازحا (القفص)، ويراقب الضباط السعوديون الصور الأمنية على الجدار، التي تشمل على لقطات فيديو تلتقطها الطائرات فوق اليمن، وهناك شاشة تظهر رادارا يكشف عن مقاتلات وطائرات دون طيار وطائرات لتزويد الوقود، وهناك شاشة تتغير ألوانها ومعلمة، وتظهر الطائرات التي تقوم بالغارات الجوية في اليمن".
ويورد التقرير نقلا عن مسؤولين سعوديين، قولهم إنهم شنوا منذ بداية الحرب 145 ألف مهمة فوق اليمن، وقدر مسؤول أن 100 ألف منها كانت مهام قتالية، فيما شن الجيش عمليات كثيرة منها 300 في يوم واحد، مشيرا إلى أن منظمات حقوق الإنسان وثقت 16 ألف غارة، قالت إنها تمت على أهداف غير عسكرية، حيث يتراوح عدد القتلى من المدنيين، فتقول جماعات الإغاثة إن أكثر من 10 آلاف مدني قتل، فيما ترى تقديرات للأمم المتحدة أن ثلث القتلى المدنيين كان بسبب الغارات التي يقودها التحالف.
ويؤكد نيسباوم أن الدعم الأمريكي للسعودية في حرب الحوثيين كان محدودا، إلا أن التعاون في مواجهة المتطرفين الإسلاميين مكثف، حيث تعمل القوات الأمريكية الخاصة جنبا إلى جنب القوات السعودية والإماراتية، من قاعدة سرية في شرق اليمن، وذلك بحسب مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين، وتقدم الولايات المتحدة المعلومات الاستخباراتية لمنع هجمات الحوثيين على السفن الأمريكية في المياه قرب اليمن، وتقدم معلومات أمنية أخرى لمنع المتمردين من ضرب الحدود السعودية وعمليات تهريب السلاح.
وتشير الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة قدمت دعما للحملة السعودية منذ بدايتها، حيث تم التأكيد لإدارة باراك أوباما أنها ستكون حملة قصيرة، إلا أن المسؤولين الأمريكيين توصلوا إلى نتيجة، وهي أن الطيران السعودي لم يتلق التدريب الجيد، بحيث بدأ القادة السعوديون بتجنب إجراءات السلامة التي تم وضعها بالتعاون مع الأمريكيين، وعبر الأمريكيون عن إحباطهم من السعوديين الذين اتخذوا قرارات بناء على معلومات أمنية فقيرة، وقاموا بشن هجمات على مواقع ليست قائمة الغارات.
وتختم "وول ستريت جورنال" تقريرها بالإشارة إلى أن أوباما قرر في النهاية تعليق بيع صفقة أسلحة دقيقة للسعوديين، وحد من الدعم العسكري لهم.