[ محمد بن سلمان وملك الأردن ]
على الرغم من كونه جزءاً من التحالف العربي المشارك في الحرب باليمن، ما زال وجود الأردن في هذه الحرب لا يتعدى الطابع الرمزي، في حين يذهب مؤشر الأحداث باتجاه تغيير هذه المشاركة من رمزية إلى فعلية.
الحوثيون، الطرف الآخر من الحرب في اليمن، وضعوا مؤخراً الأردن في مرمى اتهاماتهم؛ فقد صنف محمد علي الحوثي، رئيس ما يسمى "اللجنة الثورية الممثلة للحوثيين باليمن"، الأردن ضمن الدول التي تحارب الشعب اليمني؛ بل ذهب إلى أبعد من هذا، حين اتهم الأردن بأنه "يفرض الحصار على الفلسطينيين أسوةً بالنظام المصري".
عمّان كانت استقبلت، في بداية الأزمة اليمنية، قيادات من جماعة الحوثي على أراضيها؛ لمحاولة رأب الصدع والخروج بحلٍّ سياسي، لكن ذلك لم يشفع للأردن عند الحوثيين، الذين يضعون عمّان والرياض في سلةٍ واحدة.
- مغادرة مربع الحياد
في الآونة الأخيرة، بدا الموقف الأردني أكثر جدية في تعاطيه مع الأحداث اليومية باليمن، من خلال استقبال العميد الركن فايز غلاب، مدير شؤون الضباط في وزارة الداخلية بحكومة الحوثيين سابقاً، الذي انشق عن جماعته، ولاذ بالفرار من اليمن، ووصل إلى عمّان.
تبع ذلك، احتضان عمّان مؤتمراً دولياً عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، تحت شعار "الحوثي حركة إرهابية"، نظمته "رابطة الإعلام التنموي"، واستمر ثلاثة أيام، بمشاركة عدد من الشخصيات السياسية والإعلامية من اليمن والأردن.
وناقش المؤتمر، الذي حضره السفير اليمني لدى الأردن، تسعة محاور تركز على جرائم وممارسات مليشيا الحوثي الانقلابية بحق المواطنين، ومن ضمنهم الأطفال والنساء وأصحاب الرأي، والتي تعتبر ممارسات إرهابية، وفق القوانين والأعراف الدولية.
سياسيون ومحللون أشاروا إلى أن بقاء الأردن في مربع الحياد، والاعتقاد بإنتاجية لعبة التوازن وسط المَحاور، والقفز بين المواقف، أصبحت مكلفة اليوم، وتؤثر في بنية المصالح الحيوية الأساسية والاقتصاد الأردني.
- المصالح أولاً
يتساءل المحلل السياسي الأردني أكرم الجامع، عن جدوى الموقف "الرمادي" للأردن من الأزمة اليمنية، ويقول: "الجميع في الحالة الأردنية مستهدَف من جراء الحرب في اليمن، والحالة الأردنية هنا تقوم على الحياد التام".
وطالب "الجامع"، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، بضرورة أن تكون لعمّان "مواقف أكثر حدة من جماعة الحوثي باليمن، وعدم الاسترسال في لعبة الحياد والتوازن وسط أجواء الإقليم المشحونة في مواجهة اللعبة الأكبر بين المَحاور ومراكز القوى".
وأضاف: "الحديث اليوم عن مصالح الدولة الأردنية قبل كل شيء، فما هي الأدوات التي يمكن أن تقود المصالح الأردنية وسط هذا التلاطم الكبير في أمواج السياسة العربية والدولية؟".
- تبدُّل الأولويات
الكاتب والمحلل السياسي فهد الخيطان، يرى أن "الأردن شعر مؤخراً، بأن التطورات في اليمن سرقت الأضواء، وبدّلت الأولويات لدى أطراف أساسية في التحالف ضد الإرهاب".
وقال في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "يمكن الاعتماد على الموقف الأردني من الحرب في اليمن، على خطاب الملك عبد الله الثاني حين أكد، في لقاء له بخصوص اليمن، أن حل الأزمة هناك سياسي بامتياز".
وعقَّب الخيطان بالقول: "هذا التصريح بدد الغموض الذي اكتنف موقف الأردن طوال الفترة الماضية".
وأضاف: "كان هناك شعور بأن الأردن لا يميل إلى التصعيد العسكري في اليمن، ويفضل استمرار الجهد الدبلوماسي، لكنه -ولاعتبارات معروفة- لم يجاهر أي من المسؤولين الأردنيين بذلك، في حين عبَّر الملك عبد الله الثاني عن الموقف الأردني صراحةً فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، لا سيما في اليمن".
وكان العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، سبق أن كشف عن موقفه من مشاركة بلاده في التحالف العربي ضمن "عاصفة الحزم"، والأزمة اليمنية.
وفي حديث له في أبريل 2015، أشار إلى أن "مشاركة الأردن في التحالف العربي العسكري باليمن تأتي استجابة للطلب الرسمي للشرعية الدستورية هناك"، لافتاً النظر إلى أنه لا بديل عن الحل السياسي للأزمة اليمنية بما تتوافق عليه جميع مكونات الشعب اليمني، في سبيل الحفاظ على وحدة اليمن وأراضيه.