[ الصحفي وليد الشرعبي ]
في إحدى زوايا قسم العظام بمشفى الجمهورية بالعاصمة المؤقتة عدن، يرقد سكرتير تحرير صحيفة أخبار اليوم الصحفي وليد عبدالواسع الشرعبي وعلى جسده النحيل تبدو الكسور واضحةً، فهو قد ألقى بنفسه من على الدور الثالث عقب إحراق مسلحين يرتدون بزات عسكرية، مطابع مؤسسة الشموع والتي تطبع صحيفة "أخبار اليوم" المعروفة.
لم يجد الشرعبي مهرباً غير السقوط من الأعلى، فقد كانت النيران على وشك التهامه حياً، حسبما يفيد لـ"الموقع بوست".
ويقول الصحفي وليد،" كنت كالعادة أجلس في الدور الثالث من الهنجر الذي بداخله المطابع، لم أكن أعلم شيئاً عما يجري في الخارج، لكن انفجاراً ضخماً هزَّ المكان وبعده ارتبكت، وبدأت اشعر بحرارة النيران تصل لمكاني، فوراً قمت بأخذ قطعة قماشية وبللتها بالماء ووضعتها على أنفي وحاولت النزول في الدرج، ولكن في وسط الطريق توقفت، فقد أحسست بالاختناق، فكل المواد بالمطبعة من أحبار وغيرها تُعد سامة، ووقتها عدت لمكاني باحثاً عن مسلك آخر للهروب من النيران والتي بدأت حرارتها بالوصول لأرضية المكتب.
ويتابع الشرعبي، والذي بات غير قادر على المشي والحركة،" كنت خائفاً من أن تصل النيران لمحول الكهرباء، وهو ما سيعجل من مقتل كل من بقي في الهنجر الحديدي، والذي لم يتبقَ فيه أساساً سواي أنا؛ لذا فكرت بالخروج من إحدى النوافذ والتسلق للنزول، لكنها كانت صغيرة ولم أستطع الخروج منها، أما النافذة الأخرى فهي لم تكن بالقرب من شيء يمكن تسلقه.
ويمضي الصحفي وليد في حديثه لـ"الموقع بوست"، رغماً عن الآلام التي تزعجه، قائلاً،" قمت بقياس المسافة بالنظر وقمت بالقفز، وذلك على أمل السقوط في حوض ترابي بداخله شجرة، فهي على أي حال أفضل من السقوط على أرضية إسمنتية، لكن ذلك لم يحدث فقد وقعت قدماي على (بردين) كانت بجانب الحوض لأرتد بعدها إلى الشجرة.
ويشير إلى أنه استطاع المشي بعد السقوط، فهو في ذلك الوقت تحت تأثير الخوف ولم يشعر بشيء، لكن ما إن وصل للباب الخارجي للمبنى حتى سقط مغشياً عليه، ليتم إسعافه بعدها.
وبخصوص وضعه الصحي، قال الشرعبي وهو يهش عن وجهه الذباب" بأنه مستقر نسبياً لكن وضع المشفى عموماً ضعيف، خصوصاً ما يتعلق بالتمريض، موضحاً بأن الذباب ينتشر في المشفى بكثرة قد تساوي تلك الموجودة في أسواق السمك.
وعند سؤال الصحفي وليد، عن التواصل الحكومي معه ممثلاً بوزارة الإعلام ووكلائها المعروفين بعددهم الكبير،" نفى أن قام أحد منهم بالتواصل معه والاطمئنان على صحته، وهذا ما وصفه بالمعيب بحقهم كحكومة شرعية تجاه صحفي كاد أن يفقد حياته لمجرد عمله بمؤسسة إعلامية مؤيدة للشرعية.
ويتساءل عن دور وكلاء وزارة الإعلام ومستشاريها، ما دامت حياة صحفي لا تهمهم ولا تستدعي حتى التواصل هاتفياً للاطمئنان، فضلاً عن المتابعة لإجراءات السفر والعلاج في الخارج، يضيف بنبرة هادئة أنهكها الألم.
ويتمنى الصحفي وليد أن يجد الالتفاتة من الحكومة، وذلك قبل أن تتدهور صحته ويصبح معها علاجه في الخارج مستحيلاً، كما حصل مع زملاء صحفيين آخرين.