[ أطراف الشرعية ما تزال متمسّكة بدعم جناح هادي - فرانس برس ]
بعد مرور ثلاثة أشهر على مقتل الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح، فشلت محاولات لملمة شتات حزب "المؤتمر الشعبي العام"، الموزّع على ثلاثة أجنحة. وعوضاً عن ذلك، عادت مؤشرات استمرار تفكّكه رسمياً، مع عقد "مؤتمر استثنائي" لفرع الحزب في تعز، أعلن الولاء للرئيس عبدربه منصور هادي، كرئيس لحزب "المؤتمر"، فيما أصدرت قيادة الحزب في صنعاء، بياناً، تتبرأ فيه من المؤتمر الذي عُقد في تعز، وتصفه بـ "المشبوه".
وأكّدت مصادر سياسية يمنية في حزب المؤتمر لـ "العربي الجديد" أن الجهود التي تولّتها قيادات موجودة خارج البلاد، خلال الشهرين الماضيين، وصلت إلى ما يشبه طريقاً مسدوداً، في ما يتعلّق بالتقريب بين جناح هادي، وجناح الحزب، المقرّب من نجل صالح، الموجود في الإمارات، أحمد علي عبدالله صالح، مع تمسك هادي والأطراف المؤيدة للشرعية، بصفته رئيساً للحزب، الأمر الذي يجد تحفّظاً من قبل القيادات المحسوبة على نجل صالح، في حين يوجد الجناح الثالث في العاصمة صنعاء، وتمثّله قيادات الحزب التي اختيرت وفقاً للنظام الداخلي للحزب، بعد مقتل صالح.
ووفقاً للمصادر، فإن الاتصالات بين القيادات الموجودة خارج البلاد، وفي العاصمة المصرية على نحو خاص، تتواصل، من أجل محاولة الوصول إلى نقاط تفاهم تجمع أكبر عدد من القيادات، وذلك على ضوء المؤتمر الذي عُقد في تعز وأثار الانقسام مجدداً. وأوضح مصدر مؤتمري، طلب عدم ذكر اسمه، لـ "العربي الجديد"، أن ترتيبات عقد اجتماع يضم القيادات البارزة الموجودة خارج البلاد، لم تتوقف خلال الأشهر الماضية، إلّا أنّ هناك مخاوف لدى هذه القيادات، ومنها الأمين العام المساعد في الحزب، سلطان البركاني، والأمين العام المساعد أبوبكر القربي، من أن ظهورها بموقف رسمي يحدّد موقفاً من الخطوات التي اتخذتها قيادات في الحزب، سواء في الشرعية أو في مناطق سيطرة الحوثيين، من شأنه أن يزيد من ترسيخ الانقسام ويسهم في توسيع الهوة، خصوصاً على صعيد التقريب بين المحسوبين على نجل صالح وجناح الحزب في الشرعية، بقيادة هادي.
وفي موقف يشير إلى تمسّكه بمنصبه، باعتبار أنه يشغل منصب رئيس حزب المؤتمر، أعلن هادي يوم السبت الماضي، مباركته لأعمال ما سُمي بـ "المؤتمر الاستثنائي لفرع المؤتمر الشعبي العام في تعز"، وقال في برقية بعثها ونشرتها وكالة الأنباء اليمنية الرسمية بنسختها التابعة للشرعية "تابعنا نتائج أعمال مؤتمركم الاستثنائي في هذه المرحلة الراهنة التي تمرّ بها بلادنا ومحافظة تعز بشكل خاص. وإذ نثمّن لقاءكم والنتائج التي تمخّضت عنه، نبارك لكم الثقة التي منحتكم إياها قيادات المؤتمر وقواعده في محافظة تعز وسنمضي معاً ومعنا كل القوى السياسية والوطنية في معركتنا ضد المليشيات الحوثية والمشروع الإيراني المدمّر"، على حد تعبيره.
وكان فرع حزب المؤتمر في تعز - جناح الشرعية - بقيادة عارف جامل، قد عقد مؤتمراً استثنائياً في الـ 28 من فبراير/ شباط المنصرم، صدرت عنه مواقف أثارت جدلاً. إذ تعهّد المؤتمر بتنفيذ "وصية صالح"، التي دعا فيها إلى الانتفاضة ومواصلة العمل النضالي ضدّ من وصفه البيان بـ "الفئة الكهنوتية السلالية"، واعتبار الوصية وثيقة من وثائق المؤتمر. لكنه في الوقت ذاته، أكّد أن هادي هو رئيس "المؤتمر الشعبي العام"، على الرغم من أن الحزب بجناحه الأكبر والأهم، بقيادة صالح، كان قد أزاح هادي من منصبيه كنائب لرئيس الحزب وأمين عام له في نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، ودخل المؤتمر بقيادة صالح، في مفاوضات كطرف معترف به من قبل الأطراف الإقليمية والدولية، باعتباره الطرف الذي يمثل الحزب. ويعد الحديث عن أنّ هادي هو رئيس الحزب، موقفاً يمثّل جناح الشرعية، ويتناقض مع الاعتراف بصالح رئيساً للمؤتمر حتى مقتله في الرابع من ديسمبر/ كانون الأول العام الماضي.
وعلى الرغم من تكليف نائب رئيس الحزب، صادق أمين أبوراس، بالقيام بأعمال رئيس الحزب، وفقاً للوائح الداخلية للحزب وقياداته في صنعاء، فإنّ جزءاً كبيراً من المؤتمر وجد نفسه عاجزاً عن تأييد مؤتمر صنعاء، باعتباره يخضع لضغوط الحوثيين إلى حدّ كبير، أو الاعتراف برئاسة هادي للحزب، باعتبار ذلك موقفاً يخالف واقع التنظيم في السنوات الأخيرة بقيادة صالح. ومن الواضح أن أطراف الشرعية ما تزال تتمسّك بدعم جناح هادي، إذ هنّأ حزب التجمع اليمني للإصلاح فرع تعز، وهو ثاني أكبر الأحزاب بعد المؤتمر، بـ "نجاح المؤتمر الاستثنائي" الذي عُقد أخيراً في تعز، في إشارة إلى تمسّك الإصلاح باعتبار المؤتمر هو الحزب الذي يقوده ويمثله هادي.
من جانبها، اعتبرت قيادة المؤتمر في صنعاء، في بيان رسمي لها، أن ما وصفته بـ "اللقاء المشبوه" دعا إليه بعض الأشخاص ممن ليس لهم أية صفة تنظيمية في قيادة المؤتمر بتعز". وقالت الأمانة العامة للمؤتمر في صنعاء إنها "تؤكّد أنّ هذا اللقاء باطل شكلاً ومضموناً، سواء من حيث عدم امتلاك من دعا إليه أية صفة، أو من حيث عدم مشروعية الدعوة إليه، وفقاً للنظام الداخلي للمؤتمر الشعبي العام، وما تحدده اللوائح التنظيمية المتفرعة عن النظام الداخلي المنظمة لاجتماعات تكوينات المؤتمر وشروطها". وتابعت أن اللقاء "يهدف إلى شق الصف وتفكيك وحدة المؤتمر التنظيمية، وهو ما سيواجه بحزم من قيادات وجماهير المؤتمر"، مؤكدةً أنّ "ما خرج به ذلك اللقاء لا يمت للمؤتمر لا من قريب ولا من بعيد".
الجدير بالذكر أنه توزّعت بين الأقسام الثلاثة (جناح الشرعية بقيادة هادي، وجناح الحزب في صنعاء بزعامة صادق أبوراس، وجناح القيادات المحسوبة على أحمد علي عبد الله صالح)، قيادات وولاءات أنصار المؤتمر، الحزب الذي يُوصف بأنه "حزب السلطة" لعقود في اليمن. ويعتقد متابعون أنه انتهى، أو بدأ ينتهي، بمقتل صالح، بوصفه حزباً اجتمع حول "السلطة"، وبفقدانها، بالإضافة إلى فقدان صالح، بما يمثله من شخصية مركزية في الحزب واليمن عموماً، فإن الحديث عن لملمة المؤتمر مجدداً، قد يكون أقرب إلى أمنيات. وحتى مع احتمال أن يبقى فاعلاً، باعتباره الإطار الذي يجمع كثيراً من الانتماءات السياسية والإدارية، فمن المرجّح أن يبقى دوره محدوداً وفي إطار الانقسامات التي صار إليها بعد مقتل زعيمه، بدليل أنه، وبعد ثلاثة أشهر، لم يخطُ نحو أي تفاهمات تلملم شتات قياداته المبعثرة بين مناطق سيطرة الحوثيين والشرعية، وبين العواصم الخارجية (أبوظبي، الرياض، القاهرة، وغيرها).