[ انهيار الريال في اليمن فاقم الوضع الانساني ]
جاءت الوديعة السعودية التي وجه بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بعد النداء المخلص الذي وجهه دولة رئيس الوزراء الدكتور احمد عبيد بن دغر لإنقاذ الاقتصاد اليمني من الانهيار الكلي، الوديعة عززت الاقتصاد وأوقفت الانهيار وعززت الثقة اليمنية -حكومة وشعبا- بأن المملكة لن تسمح بانهيار الاقتصاد اليمني، المملكة جادة في انقاذ البلد من دعم السياسة والاقتصاد إلى دعم الجيش الوطني، لا يستطيع أحد أن يزايد على هذا الموقف الكبير من جلالة الملك تجاه الشعب اليمني، يتحدث البعض أن المملكة لديها مصالحا واطماعا في اليمن! أما الأطماع فتكذبها الوقائع والمواقف المشرفة للملك وولي العهد، وأما المصالح المتعلقة بالأمن القومي العربي وأمن اليمن جزء من أمن المملكة واستقرار اليمن يعني استقرار الخليج والقرن الافريقي، ويحمي مصالح العالم وخطوط الملاحة الدولية، فهي مصالح مشروعة ومطلوبة وتؤكد عليها السياسة والاقتصاد والجغرافيا وحسن الجوار.
كان البنك المركزي اليمني قد تلقى "تأكيداً بقيام السعودية إيداع ملياري دولار في حساباته الخارجية"، وذلك لدعم استقرار العملة اليمنية، التي شهدت انهيارا غير مسبوق في الأيام الماضية .. علينا التذكير بأنه عندما انقلبت الهاشمية السياسية على الدولة والشعب كان سعر الدولار الواحد يساوي 215 ريال يمني، واوصلته بعد نهبها للبنك المركزي وحساباته في الداخل والخارج وصولا إلى نهب البنوك المحلية ومحلات الصرافة ومحلات الذهب إلى 560 ريالا للدولار الواحد، يتحدث الناس والمتخصصين في الاقتصاد عن عوامل كثيرة لانهيار الريال مقابل الدولار، لكن السبب الرئيس لكل الانهيار الحاصل في اليمن هو الانقلاب الذي أفرزته الهاشمية السياسية في أواخر عام 2014، كنتاج لعمل دؤوب منذ سبعينات القرن الماضي لعودة السلالة إلى الحكم تحت مسمى الجمهورية بعد أن ايقنت أن مفهوم الإمامة قد اندثر للأبد.
الحكومة التي يترأسها دولة رئيس الوزراء الدكتور احمد عبيد بن دغر هي حكومة انقاذ وطني -ان جاز لنا التعبير- وبرغم العنت الذي تواجهه من قبل البعض إلا أنها اثبتت حضورها وفعاليتها، ومحاولاتها قوية وممنهجة ومستمرة لتحسن الأوضاع في البلد الذي انهكته الحرب التي قادتها مليشيات الهاشمية السياسية، وكون رئيس الحكومة محل اجماع واحترام الجميع محليا وإقليميا ودوليا بما يقوم به وحكومته من مهام وطنية في حالة شديدة التعقيد، إلا أن عليه وعلى حكومته وعلى الشرعية عموما القيام -فيما يتعلق بمنع الاقتصاد من التدهور- اتباع الكثير من السياسات التقشفية، فالبلد في حالة حرب.
وقبل الحديث عن ارشاد الانفاق الحكومي والتزام سياسة التقشف القصوى، علينا دعوة بقية دول الخليج للمشاركة في التحالف لدعم الاقتصاد اليمني وتعزيز الريال بإيداع ملياري دولار من قبل كل دولة كما فعلت المملكة العربية السعودية، فاقتصاد اليمن وأمن اليمن من الخليج، ومسالة الاقتصاد متعدية والشعب اليمني يعاني فقد شردته مليشيات الهاشمية السياسية في الداخل والخارج، الجوع البطالة والفقر بشكل عام ينتج أزمات طويلة المدى ويساعد المليشيات على البقاء، فهي قد نهبت المال العام والخاص وتتلقى دعما مباشرا من طهران، كما أن التنظيم الدولي للهاشمية السياسية في كل دول العالم يرفد هذه العصابات بالدعم، والذي يتم استخدامه في تجنيد الأطفال واطالة آماد الحرب، إن عمليات غسيل الأموال التي تقوم بها شبكة الهاشمية السياسية حول العالم تثير المخاوف من إطالة الحرب، وبناء عليه يجب أن يكون هناك قرارا يمنيا خليجيا يقضي بملاحقة هذه الشبكات عبر الانتربول الدولي في ماليزيا وإندونيسيا وكندا وتركيا وغيرها من الدول حيث يتواجد أفراد هذه الشبكة ويعلمون بوضوح، كما أن قيام دول الخليج العربي بدعم الاقتصاد اليمني وتخفيف الفقر والمعاناة عن الناس في اليمن سيقطع الطريق على الهاشمية السياسية التي تقوم بتجنيد الأطفال والقبائل في حرب تستنزف اقتصاديات التحالف، وسيعزز دور الحكومة اليمنية على تطبيع الأوضاع في المناطق المحررة وبعث رسائل إيجابية للمواطنين القابعين تحت وصاية مليشيات الهاشمية السياسية.
الشرعية والحكومة بحاجة إلى سياسات أكثر جدة وتقشفا، لست هنا بصدد تقديم النصح لأحد بقدر ما أنا بصدد رفع جاهزية السلطات اليمنية لمواجهة الأزمة بصلابة وشدة، إن إيقاف العبث والتعيينات يعزز ثقة الشعب والأمة اليمنية بصدق السلطات، لماذا لا تطبق سياسة أكثر تقشفا والاستغناء عن كل الزوائد؛ يكفي وزير بدون نواب ولا وكلاء ولا وكلاء مساعدين في كل وزارة، ليس مهما تحسين أوضاع بعض الأشخاص بينما أوضاع الشعب مأساوية، اثبتوا لأنفسكم ولشعبكم وللجيران والتحالف أنكم حقا تعانون، أما أن يكون انفاق الحكومة على التعيينات يوازي انفاق بعض دول الخليج ويفوقه من حيث حجم وعدد الوظائف العليا، فهذا شيء مؤسف للغاية، كما أن ارسال الفائض من هؤلاء النواب والوكلاء إلى جبهات القتال وخطوط النار المتقدمة في الجبهات سيعزز ثقة الناس بصدقهم وانهم يضحون لأجل الوطن، لا يتضجر الشعب من صرف مرتبات الجيش الوطني بل إن الشعب مستعد على ربط بطنه من الجوع لو دفعت مستحقات الجيش وتحسن الانفاق العسكري حتى يتحقق النصر، لكن لا أحد يقبل الجوع لأجل حفنة وكلاء ومستشارين لا يقدمون شيئا ويؤخرون الحكومة عن أداء مهامها.
هذه حكومة انقاذ وليست حكومة تسمين قطط، في عهد الرئيس السابق الذي اتهمناه بالفساد وخرجنا ضده كانت البعثات الدبلوماسية في الخارج لحكومته لا تتعدى خمسة اشخاص في كل سفارة، اليوم لا تقل أي بعثة دبلوماسية عن 15 شخصا، بعض الدول أوقفت اعتماد المزيد من الدبلوماسيين اليمنيين والفتت انظار السفارات بهذا الخصوص، هل هذه شرعية انقاذ وسلطة تواجه حربا سياسية واقتصادية وعسكرية؟ هذه الحرب وجودية وليست عبثا، إنها حرب هوية وكرامة وتأسيس دولة على انقاض دولة هدها الفساد ونخرتها مليشيات الهاشمية السياسية شمالا وجنوبا منذ السبعينات، علينا أن ندرك ما الذي يحصل بالضبط، يكفي وجود سفير في كل سفارة يمنية وتكليف حرمه المصون -أو العكس- بالقيام بدور سكرتارية السفارة وانتهى الأمر، الاقتصاد هش لا يتحمل سكرتير أول وثاني وعاشر وقنصل ومسميات ملاحق بلا ملحقيات .. العبث لا يولد انتصارات وتعزيز البطالة المقنعة لا يساعدنا على الخروج من الأزمات، أنا أعلم أن الموظفين إياهم سيتفهمون قيام الشرعية بدعوتهم للعودة إلى الداخل والذهاب إلى الجبهات، فهم أناس يعرفون معنى التضحية وما كان في مصلحة الأمة اليمنية يجب أن يكون مرحبا به من الجميع.
تعزيز الاقتصاد الوطني بتشغيل القطاعات الإنتاجية من الموانئ إلى تصدير النفط والغاز والعمل الجاد على توطين بدائل أقل انفاقا للحصول على الطاقة وتوليد الكهرباء عبر ما يسمى بالطاقة البديلة من الرياح والطاقة الشمسية سيحسن الخدمات، كما أن شراكة القطاع الخاص في خلق حلول واقعية لمشكلات الاقتصاد يجب أن يكون من أولويات حكومة الإنقاذ، البلد في حالة حرب لا نعلم إلى متى ستستمر، علينا المشاركة في إيقاف النزيف والهدر الاقتصادي، والمحافظة على أرواح الناس وشرفهم وكرامتهم وانقاذهم من الذل والتسول أو الذهاب جنودا بلا عودة في صفوف مليشيات الهاشمية السياسية، وهي المستفيد الوحيد من حالة الفوضى والحرب والفقر فكلها عوامل تساعدها على البقاء والسيطرة والتمدد وتجنيد المرتزقة والأطفال والعاطلين عن العمل.