[ محاولات دولية لإحداث تقدم في ملف الأزمة اليمنية ]
تحاول بعض الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة في الملف اليمني، إحداث ثقب في جدار الأزمة التي كادت أن تدخل عامها الثالث، وذهب ضحيتها آلاف المدنيين الذين سقطوا بين قتلى وجرحى.
قبل أيام، عقدت اللجنة الرباعية الدولية بشأن اليمن اجتماعا تشاوريا في العاصمة الإماراتية أبو ظبي، لبحث آخر التطورات في الأزمة اليمنية.
وقالت وكالة الأنباء السعودية (واس)، إن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، شارك في الاجتماع التشاوري، الذي ضم الإمارات، وبريطانيا، وأمريكا، وكلا من وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد، ونظيره البريطاني بوريس جونسون، إلى جانب السفير الأمريكي لدى اليمن.
جاء هذا عقب حدوث متغيرات جديدة، بعد مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وانفراد مليشيات الحوثي بالمشهد في صنعاء التي تعيش تحت قمع تلك الجماعة.
وكانت العاصمة البريطانية لندن استضافت نهاية الشهر الماضي اجتماعا للجنة الرباعية الدولية بشأن الأزمة اليمنية بمشاركة الدول الأربع وسلطنة عمان، وخرجت بتفاهمات لحل الأزمة اليمنية سينقلها المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد إلى أطراف الصراع التي كانت غائبة عن الاجتماع.
حسم عسكري
بعد هيمنة مليشيات الحوثي على صنعاء واستمرار تصعيد الانقلابيين، تحركت الشرعية مسنودة من التحالف العربي، في عدة جبهات أبرزها الحديدة ونهم بالعاصمة.
وتمكنت الشرعية من إحراز تقدم في الحديدة بعد سيطرتها على مثلث حيس والخوخة، ودخول معارك التطهير في مديرية التحيتا.
وقال وزير الخارجية اليمني عبد الملك المخلافي، بأن "طريق السلام أفضل من الحرب، ولذلك ستظل أيدينا ممدودة للسلام العادل وفقا للمرجعيات الثلاث، مع إيماننا بأن الوضع أصبح أكثر تعقيدا بعد اغتيال الرئيس السابق، وتراجعت معه الفرص الحقيقية للحل السلمي، خاصة وأن الحوثيين كانوا دائما هم الطرف المعرقل للوصول لاتفاق سلام".
وأشار إلى أن الهدف المرحلي لإيران والموكل للحوثيين تنفيذه، هو إطالة أمد الحرب وتحويلها إلى حرب استنزاف للجيش الوطني والقوى الوطنية، المناهضة للمشروع الإيراني وللتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية.
رؤى متباينة
وأمام رغبة الشرعية باستكمال تحرير اليمن من الحوثيين، أو الحل السلمي بناء على المرجعيات، تتفاوت وجهات نظر بعض دول التحالف حول حل أزمة البلاد.
إذ تعمل الإمارات العربية المتحدة على دعم نجل صالح (أحمد)، وتشكيل قوة يرأسها لخوض الحرب ضد الحوثيين، في الوقت الذي يرى متابعون أن أي تحركات كهذه ينبغي أن تأتي تحت إطار الشرعية.
ولا تبدو أبو ظبي على وفاق مع الشرعية، فقد ذكر ولي عهد أبو ظبي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أن بلاده ترحب بحل سياسي لا يشترط عودة الحكومة المعترف بها دوليا، والتي يعمل التحالف العربي بقيادة السعودية على إعادتها.
وإبان مقتل صالح، نادت بعض الأصوات في المجتمع الدولي، بضرورة التوصل لحل سلمي في اليمن، وتجنيب اليمن دوامة العنف، فيما أغفلت المرجعيات الثلاث، التي لم تمارس الأمم المتحدة أي ضغوطات من أجل تنفيذ الحوثيين لها.
متغيرات جديدة
وطوال فترة الحرب مرت اليمن بعدة متغيرات، أبرزها تحرير المحافظات الجنوبية، وهيمنة الإمارات على تلك المناطق، فضلا عن تحالف الحوثيين وصالح، وتشكيل الانقلابيين لحكومة تابعة لهم، فضلا عن قيام الجنوبيين بخطوة مماثلة، بتشكيلهم لمجلس سمي بـ"المجلس الجنوبي الانتقالي".
لكن المتغيرات الجديدة التي حدثت مؤخرا، تمثلت بفض صالح شراكته مع مليشيات الحوثي، وقتل الأخيرين له في الرابع من ديسمبر/كانون الأول 2017.
بالإضافة إلى محاولة الإمارات دعم نجل صالح، فضلا عن رغبة الحوثيين بتشكيل قيادة جديدة في حزب المؤتمر تكون خاضعة وموالية لهم.
فرصة حل
وأمام تعقد المشهد أكثر، رأت الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام، توكل كرمان، أن موت صالح فيه بداية للخروج من هذه الدائرة المفرغة من سفك الدماء. مطالبة اليمنيين بالعمل مع المجتمع الدولي، لوضع خارطة طريق تتؤسس على ما سبق أن توافق عليه اليمنيون في مؤتمر الحوار الوطني.
وأردفت في مقال لها نشر بالواشنطن بوست وترجمه "الموقع بوست" أنه يجب السماح للرئيس هادي وحكومته بالعودة إلى عدن، وعلى المملكة العربية السعودية والإمارات تسليم كافة الموانئ والمطارات والجزر والسواحل إلى السلطة الشرعية.
وأكدت على ضرورة نزع سلاح الميليشيات والجماعات المسلحة في المحافظات المحررة، وتسليم أسلحتهم إلى الجيش الوطني، وبالتزامن مع ذلك، يجري التفاوض مع ميليشيا الحوثي لتسليم أسلحتها، والمشاركة في حكومة وحدة وطنية ترعى الاستفتاء على مسودة الدستور ومن ثم الذهاب إلى الانتخابات المختلفة بناءا عليه.
وبيَّنت أن هذه الخطة تحتاج لكي تنجح أن: "يقوم المؤتمر الشعبي العام باختيار قيادة جديدة تؤمن بالديمقراطية، وغير مرتبطة بعائلة صالح وبالسياسات الكارثية التي أدار بها البلد، فضلا عن قيام السعودية والإمارات برفع الحصار كليا وإيقاف القصف الجوي، والاقتصار على تقديم الدعم اللوجستي للحكومة والجيش اليمني، وأن تتحول ميليشيا الحوثي إلى كيان سياسي ينبذ العنف".
يُذكر أن اللجنة الرباعية الدولية حول اليمن تأسست في يونيو/حزيران 2016، من قبل أمريكا، وبريطانيا، والسعودية، والإمارات، وانضم إليها منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، سلطنة عُمان.