[ الميناء من أهم الموانئ الطبيعية في العالم- فرانس برس ]
أثار منع التحالف بقيادة السعودية والإمارات، في جنوب اليمن، أخيراً، لسفينة من إفراغ حمولتها في ميناء عدن، موجة اعتراضات محلية، وأعاد توجيه الأنظار إلى ما يتردد منذ سنوات طويلة، عن سعي الإمارات لعرقلة تفعيل الميناء، الذي يُعد من أهم الموانئ الطبيعية في العالم ويكتسب أهمية تاريخية. كما أن المنع سلّط الضوء على العراقيل التي تواجهها المنافذ البديلة، عن إغلاق ميناء الحديدة غربي البلاد.
وللمرة الأولى، نجحت احتجاجات نظمها العاملون في ميناء عدن، يوم الخميس الماضي، بإجبار التحالف على السماح لسفينة تابعة لإحدى الخطوط الملاحية الدولية (تردد أنها صينية)، بتفريغ الحاويات، بعد أن مُنعت يوم الأربعاء الماضي من قِبل قوات التحالف الذي تتصدر واجهة قيادته في جنوب اليمن دولة الإمارات، وتشرف على أبرز المنافذ والوضع العسكري إلى حد كبير.
وأكدت مصادر محلية في عدن لـ"العربي الجديد"، أن منع السفينة من تفريغ حمولتها، أثار موجة من الانتقادات المحلية وتحوّل إلى قضية رأي عام، في ظل الأهمية الاقتصادية والتاريخية التي يمثّلها الميناء والشكوك الحاصلة حول إهماله. بينما خرجت مصادر قريبة من التحالف والأطراف المحلية القريبة من أبوظبي، بتبريرات متناقضة، منها ما تحدث عن وجود أربع حاويات على متن السفينة غير مرخص لها، ومنها ما تردد عن وجود "أسمدة" تُستخدم لصناعة الأسلحة، وغيرها من التبريرات التي سقطت لاحقاً مع السماح للسفينة بإفراغ حمولتها.
وأعلنت نقابة مؤسسة موانئ خليج عدن، في بيان لها، استنكارها لما يتعرض له ميناء عدن من قبل ما وصفتها بـ"جهات محددة بعينها هدفها عدم استعادة المكانة التاريخية لميناء وعرقلة الحركة الملاحية فيه، سواء كان بتأخير إصدار تصاريح الدخول للسفن، أو بإصدار أوامر تعسفية لها بالمغادرة". وناشدت النقابة "جميع الجهات الرسمية أن تتحمل مسؤوليتها كاملة لاستعادة نشاط الميناء"، ورحبت بالخط الملاحي الجديد seacon line، الذي مُنعت سفينته من قبل التحالف.
ومن أبرز ما جعل قضية منع السفينة من إفراغ حمولتها، تتحوّل إلى قضية رأي عام، أن ميناء عدن ارتبط لدى الرأي العام في اليمن، بالإمارات، التي تُتهم بأنها تسعى لمنع الميناء من استعادة نشاطه ليحتل مكانته الطبيعية كأحد أهم الموانئ الطبيعية في العالم، وكان في خمسينيات القرن الماضي، إبان سيطرة الإنكليز، الميناء الثاني على مستوى العالم.
وفي عهد النظام السابق، وتحديداً عام 2008، سلّمت الحكومة اليمنية تشغيل ميناء عدن إلى شركة موانئ دبي العالمية، باتفاقية تحوّلت إلى قضية سياسية، مع تصاعد انتقادات واسعة لما وُصفت بـ"الصفقة الكارثية"، التي سلّمت ميناء عدن إلى يد طرف يسعى لتدمير أهمية الميناء، للحفاظ على مكانة ميناء جبل علي في دبي، وانتهت الأزمة بإلغاء الحكومة اليمنية اتفاقية تأجير الميناء للشركة عام 2012.
وخلال السنوات الأخيرة، تولّت الإمارات قيادة واجهة التحالف في جنوب وشرق اليمن، وبذلك أحكمت السيطرة على عدد من الموانئ والسواحل اليمنية، وفي مقدمتها ميناء عدن الذي اتُهمت على مدى سنوات بالسعي لتدميره عبر "موانئ دبي العالمية"، لكن السيطرة عادت عسكرياً إلى حد كبير. وينظر مراقبون إلى أن الوصاية الإماراتية على الموانئ اليمنية، أحد أبرز الأهداف الاستراتيجية للإمارات من خلال مشاركتها في التحالف الذي تقوده السعودية.
من جهة ثانية، كشفت القضية، عن جانب من العراقيل التي تواجه إمكانية وصول الواردات التجارية والمساعدات الإنسانية إلى ميناء عدن بدلاً عن الحديدة (المرفأ الأول في البلاد منذ سنوات طويلة)، فبالإضافة إلى البعد المتعلق بالمسافة (الحديدة أقرب من عدن إلى المحافظات الشمالية)، والعراقيل الأمنية والسياسية، يضيف التحالف إليها عراقيل أمام السفن بالوصول إلى مطار عدن، سواء بتأخير التصاريح أو مطالبتها بالمغادرة.