[ عائلتان يمنيتان لاجئتان بإثيوبيا أكدتا أن عمليات التحالف دمرت مستقبل اليمن - الجزيرة ]
"هربنا من عاصفة الـ.. الــ ... الــ..".. وامتقع وجه الشابة اليمنية ريم زيد حنقا بشكل كاف لإشعال حريق.
تستحضر ريم واقع حالها حبيسة بجانب والدتها المصابة بشلل نصفي في غرفة مستأجرة بحي طافو شرق العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، فتشعر بالألم والعجز، وتستذكر طائرات التحالف العربي بقيادة السعودية وهي تحيل صديقتيها مها وهناء إلى جثتين هامدتين فتشعر بالرعب.
وتقول ريم "كنت أتمنى لو أموت لأن الموت كان أرحم من الرعب الذي عشناه تحت القصف.. كنا نهيم على وجوهنا نجري حفاة وندخل إلى أي بيت".
حوّلت الصواريخ ومخازن السلاح المخبأة في جبل نقم شرق العاصمة صنعاء وهي تتلقى حمم طائرات التحالف حياة الناس إلى جحيم، حيث "كانت شظايا الصواريخ تتطاير في كل اتجاه، تقتل من تقتل، ونتيجة القصف يحدث ضغط جوي يخترق الآذان فتنزف دماء".
وفي أحد أيام يونيو/حزيران 2015 قررت العائلة الهرب برا إلى ميناء المخا حيث استقلت سفينة جلب مواش مليئة بالصراصير وفضلات الحيوانات "حماماتها مفتوحة على البحر"، وتضحك العائلة رغم ما يتعاورها من أحزان وهموم.
قادتهم السفينة إلى جيبوتي "حيث لا مقام ولا قرار نتيجة البعوض والأوبئة والحرارة العالية وحيث لا يسمح لنا بالعيش إلا في معسكرات"، وقذفت بها الأقدار إلى إثيوبيا مع مئات آخرين.
والدة ريم هي الخمسينية سميرة محمد إسماعيل، أصبت بجلطة جراء صدمة من هاتف نحس أخبرها ذات مساء بقطع راتبها المتأتي من عملها بوزارة الشباب والرياضة.. لم تحتمل، كما تقول ابنتها وقريباتها، فأصيبت بشلل نصفي.
وتقدر ابتسام خالد البرطي مندوبة اليمنيين في إثيوبيا لدى مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة عدد اللاجئين هنا بنحو 1500، نحو ألف منهم قدموا بسبب عاصفة الحزم، التي تدعوها ابتسام "عاصفة الدمار".
أما الثلاثينية لينا عبد الرحمن، وهي موظفة سابقة بشركة نفطية وبراتب ممتاز، فتبدو أكثر حرارة في الحديث وتبرما من واقعها المزري هنا "عشان سيارة الراف 4 التي كانت عندها" تقول والدتها الخمسينية صباح محمد مع نصف ابتسامة سعيا منها لتلطيف الأجواء.
قالت لينا "كل أنواع الرعب والقلق والخوف والمهانة عشناها في هذه السنوات، الرعب والقلق والخوف في بلدي، والمهانة هنا حيث لا أحس مطلقا بأنني إنسانة".
تسرف العائلتان في شرح وضعهما الحياتي والمعيشي المزري، حيث لا بطاقات هوية ولا تعليم لأطفالها وحيث تقتات الأسر المحظوظة هنا على 2400 "بر" إثيوبي، أي نحو 89 دولارا لرأس العائلة و200 بر (7.5 دولارات) لكل شخص آخر منها في شكل مخصصات شحيحة من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.
"خلاص تعبنا نشتهي نرتاح" أطلقتها لينا في شكل زفرات تروح بها عن نفسها، وهي تتحدث عن ولدها أحمد وكيف تكافح لتعليمه في مدرسة خاصة، وهي المطلقة المعدمة.
يمثل أحمد ذو 12 ربيعا كل شيء بالنسبة للينا وقد كان تجنيده من قبل "الحواثة" (الحوثيين) أحد الهواجس المرعبة بالنسبة لها، لكن ما هو أرعب من ذلك هو أنه لم يعد لها وطن، فـ"السعودية دمرت أحلامنا .. دمرت بلادنا". قالتها، وأمّن عليها الجميع "والله نعم السعودية دمرتنا.. دمرتنا".