[ اختار "الانتقالي" أبين ليدشّن فيها أعماله - فرانس برس ]
استكمل ما يُسمى بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، الذي يتبنّى الانفصال في جنوب اليمن، تدشين أعماله في المحافظات الجنوبية والشرقية في البلاد، باستثناء سقطرى، التي يتردد أنها باتت تحت سيطرة إماراتية مباشرة، في وقت يستعد فيه المجلس لخطوات مقبلة، يبدو أنها تسير وفق خطة مرسومة، لترسيخ كيان في جنوب اليمن، يؤسس لدولة منفصلة، أو إقليم بحكم ذاتي، على الرغم من أن التجربة التي شهدها العراق وإسبانيا أخيراً لا تبشر الطامحين إلى الانفصال، ولا تقطع طريقه بالضرورة.
وكان المجلس، الذي يرأسه محافظ عدن السابق، عيدروس الزبيدي، قد اختار محافظة أبين، مسقط رأس الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، ليدشن فيها أعماله، إلى جانب تدشين ما يُسمى بـ"الجمعية الوطنية الجنوبية" (تُوصف بأنها البرلمان الجنوبي). وكانت أبين بالنسبة إلى المجلس محطة تتمتع بدرجة من الحساسية، إذ ينتمي إلى المحافظة الواقعة إلى الشرق من عدن العديد من القيادات المحسوبة على الشرعية أو من الحراك الجنوبي المعارض لـ"الانتقالي"، بشكل عام.
وقالت مصادر محلية في أبين، لـ"العربي الجديد"، إن نسبة المشاركين الذين تفاعلوا مع مهرجان تدشين المجلس في مدينة زنجبار، السبت الماضي، كانت متدنية، بالنظر إلى التحضيرات والدعوات التي سبقت حفل التدشين. ومع ذلك، فقد كان مرور الفعالية، من دون عوائق، بحدّ ذاته نجاحاً بالنسبة إلى مناصري "المجلس الانتقالي الجنوبي" وقياداته، التي أطلقت تصريحات باعتبار المهرجان مؤشراً على التحسّن الأمني في المحافظة.
وتعدّ أبين إحدى أبرز المحافظات التي تمثل ثقلاً عسكرياً وسياسياً في جنوب اليمن، وينتمي إليها هادي، وقيادات أخرى بارزة، كالرئيس الأسبق، علي ناصر محمد، والسياسي محمد علي أحمد، والعديد من القيادات التي لم تؤيّد "الانتقالي" المدعوم إماراتياً. وبالنسبة لـ"المجلس الانتقالي" فإن أبرز قياداته، وفي مقدمتها الزبيدي، من محافظة الضالع. وكان قيادات "الانتقالي"، وعلى مدى أسابيع، قد طافت محافظات شبوة وحضرموت والمهرة ثم عادت إلى لحج والضالع، وذلك للتدشين الرسمي لـ"المجلس الانتقالي" و"الجمعية الوطنية". إلا أن اللافت هو أن المجلس تناول خبر التدشين في أبين على أنه خطوة استكمل فيها تدشين أعماله في المحافظات، من دون أن يذكر سقطرى، الجزيرة اليمنية الواقعة في ملتقى المحيط الهندي مع البحر العربي.
وكانت أنباء قد تحدّثت عن استعدادات في سقطرى لاستقبال قيادة "المجلس الانتقالي الجنوبي"، التي بقيت في حضرموت أياماً طويلة. وتردد أن انتظارها كان مرتبطاً بانتظار تصريح التحالف العربي، الذي تقوده السعودية والإمارات، للزبيدي ومن معه من قيادات المجلس، للتوجه إلى سقطرى، إلا أنه عاد إلى عدن أخيراً، من دون أن يُكشف عن أسباب عدم توجهه إلى سقطرى. وتعد سقطرى في التقسيم الإداري لليمن محافظة منذ سنوات، بعد أن كانت جزءاً من حضرموت. وتعد الجزيرة بمثابة جوهرة يمنية ثمينة، إذ إنها أكبر الجزر العربية من حيث المساحة، وتحوي نباتات نادرة على مستوى العالم. ويثير عدم توجه "الانتقالي" تساؤلات، حول ما إذا كان السبب مرتبطاً بما يتردد عن أن المحافظة باتت تحت سيطرة إماراتية، مباشرة، وأنها تسعى إلى اقتطاعها عن اليمن.
من جهة ثانية، خلال فعالياته في المحافظات الجنوبية، حرص رئيس "المجلس الانتقالي الجنوبي"، عيدروس الزبيدي، على إطلاق تصريحات، تهاجم أداء الحكومة الشرعية وتتوعّدها بالتصعيد، إذا استمر الوضع المتدهور على ما هو عليه، وغير ذلك من التصريحات، التي تشير إلى أن المجلس يؤهل نفسه لتسلّم إدارة المحافظات الجنوبية في اليمن، تحت مبرر فشل الشرعية. وتأسس "الانتقالي الجنوبي"، في مايو/ أيار العام الحالي، بدعم سخي من الإمارات التي تتولّى واجهة حضور ونفوذ التحالف في جنوب اليمن. ويتبنّى المجلس، منذ إعلانه، مشروع الانفصال عن الشمال، أو ما يسميه بـ"استعادة الدولة الجنوبية"، التي كانت قبل توحيد شطري اليمن عام 1990. وخلال الأشهر الأخيرة، شرع المجلس بخطوات تنظيمية، يبدو أنها تسير وفق خطة مرسومة وبإمكانات كبيرة، إذ أعلن تأسيس ما يُسمى بـ"الجمعية الوطنية الجنوبية" (البرلمان الجنوبي)، كذلك قام بالعديد من الخطوات لتأسيس وتدشين بناه التنظيمية وفروعه في مختلف المحافظات. ويخلط المجلس بين طبيعته كمكون، أو كسلطة انقلابية (انفصالية)، تحافظ على اعترافها بالحكومة الشرعية، باعتبار بقاء الأخيرة رغبة للتحالف، على الأقل مرحلياً.