[ الكاتب والإعلامي أحمد الشلفي ]
ألف يوم حربا ودمارا شنتها السعودية والإمارات على اليمن وكذلك فعل الحوثيون وعلي عبدالله صالح.. كلٌّ منهما فعل أبشع من الآخر غير أن بشاعة الرياض وأبو ظبي فاقت الانقلابيين وأورثت اليمن خرابا ما بعده خراب.
لن أقول هنا من أخطأ ومن أصاب فقد صحونا ذات يوم على فجيعة كبيرة اسمها 21 سبتمبر 2014 رسمها جيراننا الأشرار آل سعود وأولاد زايد أعداء ربيعنا المتوقد، ونفذها الحوثيون وعلي عبدالله صالح وأدواتهم الأخرى، سرقوا الدولة وأسقطوا رموزها ورمزيتها على ضعفهم وضعتهم واستخفافهم بالأحداث.
يوجه اللوم لمن أيدوا الشرعية اليوم على تأييدهم للتحالف العربي السعودي الإماراتي، ولكن في ذلك الوقت لم يكن هناك خيار آخر ولم يكن بيد أي أحد حيلة منا ونحن نشاهد بلادا يسقط آخر ما فيها من رمزية مفترضة لشبه دولة ونتابع أعمال الحوثيين من تفجير المساجد والمنازل وقتل واعتقال لمخالفيهم.
كانت كل انتهاكات الحوثي وحليفه صالح سببا بأن نقف عاجزين مسلّمين لغزاة الخارج ودون قصد.
كان ذلك مؤلمًا لأننا في وقت من الأوقات فقدنا التقدير والحكمة فدخل الغازي الخارجي لينقذنا من الغازي الداخلي الذي فتك بكل الأحلام.
بعد ألف يوم من هكذا حرب بدون مسار ولا هوية ماذا يمكن القول وكيف يمكن استدراك الأمر، لقد وقع اليمن بين فخين كلاهما أسوأ من الآخر، لكن ما ندركه جيدا الآن أن الأجندة السعودية الإماراتية في اليمن فاشلة ومريبة وفاسدة.
يحق لنا أن نتسائل ونحن نشاهد التمدد العسكري السعودي والإماراتي في موانينا وسواحلنا والسجون السرية والتشكيلات الأمنية والمليشياوية: لماذا قررت هاتان الدولتان المعروفتان بعدائهما التاريخي لليمن دخول اليمن عسكريا ولم تقوما بدعم جيش وطني قوي يواجه الانقلابيين؟
وماهي الفائدة من جلب غزاة خارجيين إلى اليمن وتشكيل أجندة غير وطنية وهدم شرعية البلد وتحويله إلى كنتونات طائفية وقبلية ومناطقية؟
لم يعد هناك مقام للمفاضلة بين شرين فكلاهما مستطير، لكن الأصوب أن تقوم كل القوى الوطنية الحية وأخص قوى الشرعية بمراجعة حساباتها من جديد والانخراط في مقاومة حقيقية تعيد كل شيء لنصابه.
قد يكون الثمن باهضا الآن أن تحارب جبهتين معا لكن من الواضح أن ثمن الاستلاب للخارج أصبح أكثر فداحة.
بعد ألف يوم يحصي اليمنييون آلاف القتلى على يد تلك الغارات الغادرة بالمدنيين اليمنيين من قبل السعودية والإمارات، كما يحصون آلافا آخرين سقطوا بهمجية الانقلابيين دون ذنب.
وإذا لم تصحُ القوى الوطنية اليمنية من سباتها فسيكون علينا انتظار قرن آخر ليعود اليمن يمنا كما حلم أبناؤه لا كما يريده أعداؤه ممزقا ضعيفا مدمرا، وحينها ما الذي بمقدورنا جميعا أن نفعله؟