[ مراقبون يرون أن التضييق على حزب الإصلاح هدفه تعزيز نفوذ الإمارات جنوبي اليمن ]
مع تصاعد حملة الاعتقالات التي تشنها قوات موالية للإمارات في عدن ضد قيادات حزب التجمع اليمني للإصلاح، بدأ كثيرون يتساءلون عن الأهداف الحقيقية من وراء ذلك، وهل هي خطوات أولى في طريق انقلاب ثان محتمل على الحكومة الشرعية وتعزيز النفوذ الإماراتي بعدن؟
وبدأت الحملة الأربعاء باعتقال تسعة أعضاء بينهم قياديون في الحزب، تلاه اعتقال آخر يوم الخميس، وأمس الجمعة أعلن حزب الإصلاح أن قوات أمنية حاولت اقتحام منزل أحد قياداته بعد ساعات من إحراق مقر الحزب في المدينة.
وجاء التصعيد ضد الحزب بعد ساعات من عودة قياديي المجلس الانتقالي الجنوبي إلى عدن، قادمين من العاصمة الإماراتية أبو ظبي، وتزامن ذلك مع تهديد مدير شرطة عدن اللواء شلال شائع بإنهاء وجود حزب الإصلاح بشكل جذري، وهو الحزب الذي يتعرض لحملة تحريض إعلامي شرسة منذ مدة طويلة.
"اختراق إخواني"
واتهم رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن اللواء عيدروس الزبيدي حكومة عبدربه منصور هادي بالفشل، مؤكدًا أن لا شراكة بينهم وبين الشرعية التي وصفها بأنها مخترقة من قبل "قيادات إخوانية".
وقال الزبيدي في حوار تلفزيوني أمس الجمعة إن المجلس سيجري قريبا استفتاء للجنوبيين حول مصير الوحدة اليمنية، لافتًا إلى أن ذلك الاستفتاء سيكون بمثابة الإجراء الأخير الذي سيحدد مصير الجنوب، وأكد أن المعركة مع حزب الإصلاح مستمرة ومتواصلة.
ويعتبر الإصلاح في صدارة الأحزاب التي أيدت الشرعية وشاركت مع التحالف في مواجهة الحوثيين وقوات المخلوع علي عبدالله صالح، غير أن "المجلس الانتقالي الجنوبي" الذي تأسس بدعم إماراتي ويتبنى انفصال جنوب اليمن عن شماله، يَعتبر حزب الإصلاح تهديدا بسبب مواقفه المؤيدة للوحدة اليمنية.
مؤشر خطير
ورفع حزب الإصلاح دعوى قضائية ضد اعتقالات بعض من قياداته وأعضائه، وطالب التحالف العربي الذي تقوده السعودية "بالقيام بدوره"، والعمل على الإفراج عن قيادات وأطر الحزب. وقال الناطق باسمه في عدن خالد حيدان إن الممارسات القمعية التي يتعرض لها الحزب شكل من أشكال الإرهاب.
ووصف حيدان في حديث للجزيرة نت حملة الاعتقالات بأنها مؤشر خطير يستهدف العملية السياسية وإسقاط مشروع الدولة القائم على التعددية السياسية وحرية التعبير، والتأسيس "لحكم مليشياوي ومناطقي، وانقضاض على مشروع الدولة والشرعية".
وقال إن القيادات الأمنية في عدن تقود المدينة إلى فوضى عارمة تهدد السلم وتقوّض سلطة القانون والشرعية، مبرزا أن هذه الممارسات "القمعية والإرهابية التي تطال قيادات وقواعد الإصلاح لن تثنيه عن مساره السياسي والوطني الذي ارتضاه ودأب عليه منذ تأسيسه".
ويلخص محللون يمنيون ما يجري في عدن بأنه نتيجة دور منحته أبو ظبي لنفسها لتعزيز نفوذها جنوبي اليمن، يتطلب إضعاف المكونات التي تتمسك بمخرجات الحوار الوطني والمرجعيات الثلاث كأساس ثابت لحل المسألة اليمنية لإعادة رسم خارطة الجغرافيا.
تداعيات سلبية
وقال أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء عبدالباقي شمسان إن هذا السيناريو المرسوم معد سلفاً، تم التسريع به بفعل الضغوط الدولية على دول التحالف للذهاب نحو حل المسألة اليمنية، الأمر الذي استدعى سرعة الانقضاض على تلك القوى وبصفة خاصة حزب الإصلاح.
واعتبر شمسان في حديث للجزيرة نت أن استهداف قيادات الإصلاح عمل ممنهج لخلق واقع جديد في الجنوب يخدم مصالح الإمارات.
وحذّر من خطورة المشهد الراهن وتداعياته، وقال إن استمرار ذلك سينقل مركز العمل الوطني إلى مدينة تعز "التي ستستقبل كل القيادات والكيانات الحاملة لتلك المرجعيات".
وبحسب شمسان فإن ذلك يعني الدخول في مواجهات ثنائية بدعاوى حماية الجمهورية والوحدة، "وهذا يعني أننا سنكون أمام معارك متعددة تشارك فيها أياد داخلية وخارجية".
بدوره، أكد الكاتب الصحفي بعدن عبدالرقيب الهدياني في حديث للجزيرة نت أن الهدف العام من وراء حملة استهداف قيادات وأطر حزب الإصلاح هو تضييق الخناق على الرئيس هادي للرضوخ أكثر من خلال ضرب شركائه السياسيين، ومحاولة لجر الإصلاحيين إلى مربع المواجهة لتصفيتهم واعتقالهم.
وقال إن الحملة هدفها تعزيز الشعور لدى الجنوبيين بأن عدوهم هو حزب الإصلاح وليس الحوثي أو صالح.