[ من مؤتمر صحفي سابق لإصلاح عدن عقب حرق مقراته ]
يكاد يجمع العديد من المراقبين أن حزب التجمع اليمني للإصلاح، يمر بمرحلة عصيبة، في ظل تعقيدات المشهد اليمني والإقليمي الذي تموج به الكثير من التفاعلات والتقلبات الدراماتيكية، التي لربما تضع الحزب ذا التوجه الإسلامي أمام منعطف خطير تنعدم فيها أي خيارات.
ويشكل حزب الإصلاح، أبرز الفاعلين السياسيين في معركة "استعادة الشرعية"، لكن موقفه هذا لم يرق لأطراف داخلية وأخرى عابرة للحدود، ولذلك برزت بوادر لاصطفاف سياسي جديد، أبرز ملامحه استبعاد هذا الحزب والتخلص من عبء التحالف معه، باعتباره القوة الأكثر تنظيما في المعادلة الحالية، وفقا لسياسيين يمنيين
كل ذلك، دفع الكثير للتساؤل عن خيارات حزب الإصلاح اليمني، ومستقبل علاقته مع السعودية التي تقود تحالفا عسكريا، كان أول المؤيدين له، أضف إليها علاقته مع دولة الإمارات، العضو الثاني الأكثر تأثيرا في هذا التحالف.
تحديات كبيرة
ويرى الصحفي والمحلل السياسي اليمني أحمد الزرقة أن حزب الإصلاح يواجه تحديات كبيرة تتعلق بمواقف أطراف محلية وإقليمية بما في ذلك حلفاء الأمس من الأحزاب المنضوية تحت لواء ما كان يعرف بـ"اللقاء المشترك". مضيفا أن هذا التكتل دخل في صراع سياسي واضح وصريح بسبب تداعيات الحرب الدائرة في البلاد وانعكاس مواقف الخارج على تحالفات الداخل.
وقال في حديث خاص لـ"عربي21" إن هذا الحزب يعاني من "سوء الأداء على مستوى رأس الهرم، ووجود فجوة بين تحركات القيادة والجماهير" وهذه مشكلة رئيسية يعاني منها.
وأكد الصحفي الزرقة أن هرم وتكلس قيادة الحزب وعدم تمكنه من إجراء انتخاباته الداخلية، بالإضافة إلى تعرض أعضائه للملاحقة والاعتقال من قبل ميليشيا الحوثي خلال الفترة الماضية، قد أثر سلبا على قدرة الحزب من الناحية التنظيمية في التواصل الفعال وإجراء تدوير وتجديد في القيادة السياسية للحزب.
قيود وانبطاح
ووفقا للسياسي اليمني فإن وجود قيادة "الإصلاح" في المملكة العربية السعودية، كان له تأثير على حرية الحركة واتخاذ مواقف بعيدا عن وصاية الرياض، مشيرا إلى أن المحاذير التي يفرضها هذا الوضع، ساهم في "تواري وخفوت كافة الأصوات العالية داخل الحزب تجاه كافة القضايا والأحداث".
ولفت إلى أن الإصلاح يحاول منذ بدء الانقلاب (قاده الحوثيون وحليفهم صالح على السلطة الشرعية)، وما تلاه من انطلاق "عاصفة الحزم" التماهي مع الدور السعودي، وعدم إغضاب أو مواجهة الهجوم الإماراتي غير المفهوم تجاهه، موضحا أن الحزب يستمر في تقديم التنازلات في محاولة لكسب الود الإماراتي دون جدوى وكلما انبطح أكثر كلما ارتفعت حدة الخطاب الإقصائي نحوه.
خيارات معدومة
وبناء على ما سبق، فإن الخيارات أمام حزب "الإصلاح" ـبحسب السياسي الزرقة- تكاد تصبح منعدمة بهيئته وقياداته الحالية في ظل حالة عدم الثقة بينه وبين شركاء المرحلة.
وشدد على أنه إذا لم يتحرر الحزب من مخاوفه ويضع قواعد جديدة للتعامل مع تلك التحديات فسيجد نفسه في موضع أكثر صعوبة من تلك الأطراف التي قامت بالانقلاب في الأصل.
مخطط إنهاء دوره
من جانبه، بدا الكاتب والمحلل السياسي، ياسين التميمي، متوافقا مع ما طرحه الزرقة، حيث قال إن التجمع اليمني للإصلاح، يواجه مخططا واضحا لـ"إنهاء دوره في سياق تطورات إقليمية غير مسبوقة، تعمل على تقويض الهوية الأيديولوجية بما يتفق مع الأولويات الغربية، تزامنا مع ترتيبات انتقال السلطة لجيل من الشباب الطامح في أنظمة عتيدة".
وأضاف في حديث خاص لـ"عربي21" أن هذا الحزب الكبير، قدم تنازلات كثيرة خلال الفترة الماضية، في مواجهة حملة الاستهداف التي تناله من قبل من يفترض أنهم شركاء في معركة واضحة الأهداف وهي "إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة".
صفقة فاشلة
وأوضح التميمي أن الصفقة السياسية التي حاول "الإصلاح" أن يعقدها مع دول التحالف العربي تمت منذ أكثر من عامين، وهي أقدم بكثير من الصفقة التي عقدتها حماس مؤخرا (في إشارة إلى التقارب بين حركة حماس وسلطة الانقلاب في مصر).
لكن ووفقا للسياسي اليمني فإنه للأسف لم تنجح صفقة الحزب مع التحالف في حماية خياراته، رغم أنها جرته إلى تنازلات خطيرة منها "الترحيب بتدخل التحالف العسكري دون أية ضمانات حقيقية من جانبه"، بل وزج به في معركة تعمد فيها التحالف "إبقاء ظهر الحزب مكشوفا واستهداف عناصره في سلسلة من الغارات الخاطئة".
وأشار إلى أن الحزب اليمني لم يستطع التخلص من المؤامرة التي تستهدفه منذ أن كان شريكا في السلطة الانتقالية بصنعاء، قبل أن يجد نفسه ضحية مؤامرة لتصفيات شاركت فيها أطراف محلية واقليمية ودولية ودفع ثمنها الشعب اليمني.
إقامة شبه إجبارية
وبحسب السياسي التميمي فإن الإصلاح بات هدفا لمعظم الأطراف تقريبا، قبل أن يتحول إلى هدف عسكري وسياسي للإمارات التي تتحكم بالمناطق المحررة، ويبرز في أعقاب اندلاع الأزمة الخليجية باعتباره شريكا في حلف مفترض معادي للمملكة العربية السعودية.
وقال إن هذه المواقف تأتي في الوقت الذي يتجمع فيه معظم قياداته في الرياض، في ظروف إقامة شبه إجبارية، وإجراءات مذلة تفرضها دائرة الهجرة السعودية.
خيارات محدودة
وبموازاة ذلك، أكد الكاتب اليمني "التميمي" أن خيارات "الإصلاح"، أصبحت محدودة لتجاوز ما وصفه بـ"الحصار السياسي الذي يتعرض له حاليا" معززا ذلك بأنه يتواجد في قلب معركة بدون ضوابط مع شركاء يتحينون الفرصة للفتك به، وفِي الطرف الأخر من المعركة يقف الحوثيون كأعداء مصيريين لا يمكن إنجاز صفقة سياسية وطنية معهم.
لكنه استدرك قائلا " تزال لدى الإصلاح أوراق مهمة لتغيير قواعد اللعبة، تنطلق من شق مسار منفصل في إطار المعركة الجارية تحرره من الارتباط غير المأمون مع التحالف".
كما أن أمام الحزب فرصة لإعادة ترميم الجبهة السياسية الوطنية خلف مشروع الدولة، وإزالة كل الآثار التي علقت بعلاقاته مع الأحزاب الأخرى نتيجة حملة الاستقطاب الحادة التي تعرضت لها اليمن خلال السنوات الماضية. وفقا للتميمي.