[ ضحايا الجبهات في حرب اليمن - فرانس برس ]
برز مسمى "الجبهات"، كأحد العناوين المعبّرة عن الحرب الكارثية الدائرة في اليمن، منذ نحو عامين ونصف العام. وهو عنوان مناطق المواجهات المباشرة التي ابتلعت بين آلاف وعشرات الآلاف من المقاتلين من مختلف الأطراف، الذين قضوا بغارات جوية ومعارك، حققت فيها قوات الشرعية تقدماً محدوداً أو بطيئاً على نحو متفاوت، كما اتخذت المعارك طابع الكر والفر، من دون تطوّر حاسم لأي من الأطراف، رغم الخسائر الفادحة.
وخلال الأيام القليلة الماضية، توجهت الأنظار إلى "الجبهات"، بعد أن اختارت جماعة الحوثيين، شعاراً للتحركات مع عيد الأضحى، تحت عنوان "عيدنا جبهاتنا".
ووفقاً لما ذكرت مصادر يمنية لـ"العربي الجديد"، فقد "نفّذت قيادات في الجماعة ومسؤولون في الحكومة التي ألّفتها بالشراكة مع حزب المؤتمر بقيادة الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، زيارات ميدانية إلى مناطق المواجهات، بما فيها الجبهات الحدودية مع السعودية، بهدف رفع معنويات المقاتلين وإيصال رسائل سياسية وعسكرية في آن".
وجاءت التحركات على ضوء التصعيد غير المسبوق في الأزمة بين شريكي الانقلاب (الحوثي وصالح)، والتي على ضوئها حضرت "الجبهات"، كأحد عناوين الأزمة. وحرص الحوثيون على اتهام حليفهم ضمناً، بالتقصير بـ"دعم الجبهات" بالمقاتلين، وغيرها من الاتهامات الضمنية والصريحة التي جعلت الجماعة من خلالها، نفسها، المسؤول الأول عن الحرب مع ما تصفه بـ"العدوان".
وفي السياق ذاته، كانت دعوة الجماعة لفعاليات بمداخل العاصمة صنعاء، بالتزامن مع مهرجان حزب صالح في 24 أغسطس/آب الماضي، تحت مسمى "رفد الجبهات"، وأعلنت خلالها أنها تتولى حشد المقاتلين لإرسالهم إلى مناطق المواجهات مع الشرعية، وغير ذلك من الإجراءات والخطوات والاتهامات، التي حاولت أن تقول بصورة مجملة إن "الجماعة هي من يدير الحرب ويُقدم التضحيات".
ولمّح زعيم الجماعة نفسه، عبد الملك الحوثي، في أحد خطاباته، إلى اتهام على هذا النحو، عندما قال إن "البعض جاء يطرح معنا رأس إصبعه وباقي رجليه بالخلف".
ومناطق المواجهات موزعة على مختلف المحافظات اليمنية، وأبرزها جبهة نِهم، شرقي صنعاء، وجبهة صرواح، غربي مأرب. كما توزعت جبهات تعز على أكثر من منطقة، بين أطراف المدينة وريفها والجزء الخاص بمناطق الساحل الغربي ومواقع حدودية مع محافظة لحج.
وفي الجنوب أيضاً هناك جبهة بيحان في محافظة شبوة، وهي من أبرز الجبهات التي تجري فيها المواجهات بشكل متقطع منذ أكثر من عامين، بالإضافة لجبهات مريس في الضالع، وجبهات أقل حدة في محافظة البيضاء، وسط البلاد.
وإلى الشمال والشمال الغربي، انتشرت العديد من جبهات المواجهات، ابتداءً بجبهات محافظة الجوف، الواقعة إلى الشمال من مأرب، مروراً بإحدى أبرز مناطق الاشتباكات على الإطلاق، وتمثلت بمجموعة المناطق الحدودية مع السعودية الممتدة على غالبية حدود محافظة صعدة (معقل الحوثيين الأول) وأجزاء من محافظة حجة، ومترابطة مع مناطق جيزان وعسير ونجران من الجانب السعودي، وصولاً إلى جبهتي ميدي وحرض، وهما الجزء الشمالي من الساحل الغربي. وتحولت ميدي على نحو خاص، إلى مناطق مواجهات ومعارك ترتفع وتيرتها بين الحين والآخر، منذ أكثر من عام ونصف العام.
ومع المعارك العنيفة التي شهدتها جبهات الحرب في اليمن، فقد كانت خلال العامين الماضيين، في أغلب الفترات، ساحات استنزاف للمقاتلين من مختلف الأطراف، مع خسارة كبيرة للحوثيين وحلفائهم، على نحو خاص، بسبب الضربات الجوية، التي بلغت عشرات الآلاف منذ تدشين عمليات التحالف في 26 من مارس/آذار 2015، في حين أن المعارك لم تقد إلى انتصارات محورية في معظم الجبهات، بقدر ما أوقعت خسائر على مختلف المستويات وأحدثت شروخاً اجتماعية قد تبقى آثارها لسنوات طويلة.
ومع ذلك، فإن جبهة باب المندب في الساحل الغربي، هي أبرز جبهة شهدت تقدماً محورياً للقوات الموالية للشرعية والتحالف بقيادة إماراتية، في النصف الأول من العام الحالي، بعد غارات جوية مكثفة وصلت إلى آلاف، وبعد معارك استمرت أشهراً، وقدمت خلالها مختلف الأطراف أعداداً غير قليلة من الضحايا، بمن فيهم قيادات.
وبين واقع العنف والحرب لـ"الجبهات"، وبروزها كعناوين لـ"التضحية"، في الخطاب الحربي للأطراف، تبقى إحصائيات القتلى في صفوف المقاتلين، واحدة من الأسرار التي تخفيها أطراف الحرب، ومن المتوقع أن تصل إلى عشرات الآلاف من القتلى، في وقتٍ تتفق فيه أغلب تصريحات القيادات والأطراف المعنية إقليمياً ودولياً، على أن لا حل عسكرياً في اليمن، وأن مصير الجميع العودة إلى طاولة التفاوض.