[ إطلاق التقرير الثالث عن أعمال اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان ]
أثارت مطالبات محلية ودولية بتشكيل لجنة تحقيق دولية في انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن جدلا واسعا بين مؤيدي الحكومة المدعومة من التحالف بقيادة السعودية ومعارضيها المؤيدين لهذه الخطوة.
ومع تبنى هولندا مشروع قرار بتشكيل لجنة تحقيق دولية وتبني السعودية مشروعا يدعم لجنة التحقيق المحلية التي شكلها الرئيس عبدربه منصور هادي، يستمر السجال الإعلامي بالتزامن وبدء أعمال الدورة الاعتيادية لمجلس حقوق الإنسان الذي سَيَبُت في الأمر قبل نهاية الشهر الجاري.
ويرى الفريق الحكومي أن اللجنة الوطنية تكفي وهي أولى بالقيام بهذه المهمة، إلا أن الفريق الآخر يرى ضرورة تشكيل لجنة دولية محايدة باعتبار أن اللجنة الوطنية لا تتمتع بالاستقلالية، لأنها ترفع تقاريرها بحسب قرار إنشائها إلى الرئيس هادي وتتلقى دعما ماليا ومعنويا من دول التحالف الداعم للشرعية وتحديدا السعودية وهما طرفان في الصراع وفي ارتكاب الانتهاكات.
ويعقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة دورته 36 خلال الفترة من 11 إلى 29 سبتمبر/أيلول الجاري، ومن المقرر أن يناقش طلب تشكيل لجنة دولية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن.
انتهاكات التحالف
وأكد المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة زيد بن رعد أمس الاثنين أن ضربات التحالف العربي الذي تقوده السعودية لا تزال السبب الرئيسي لمقتل المدنيين في اليمن، ودعا إلى تشكيل لجنة دولية للتحقيق في الانتهاكات المرتكبة هناك.
وقال مكتب مفوضية الأمم المتحدة العليا لحقوق الإنسان إن المنظمة الدولية يجب أن تتولى مسؤولية التحقيق في انتهاكات الحقوق في الحرب الدائرة في اليمن، إذ أن حكومة البلاد غير مؤهلة للقيام بهذه المهمة.
وجاء في تقرير للأمم المتحدة أن اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات حقوق الإنسان في اليمن تأثرت سلبا بالقيود السياسية، وأن انحيازها وقدرتها المحدودة على الوصول إلى الأماكن منعاها من تنفيذ تفويضها بشكل كامل، إلا أن اللجنة الوطنية ترى عكس ذلك وقالت إن قدرتها على العمل والتحقيق أفضل بكثير مما يمكن أن تقوم به أي لجنة دولية.
وأكدت عضو في اللجنة الوطنية والناطق الرسمي لها أشراق المقطري أنه لا يمكن لأي لجنة دولية التحقيق في عشرات الآلاف من الانتهاكات وليس لديها آليات محاكمة ولا مساءلة بل إنها ستكون سبب في ضياع حقوق الضحايا بسبب التنازع السياسي، لا سيما مع رفض أغلب الأطراف، ولن تصل لأي منطقة أو مسرح جريمة أو تلتقي بضحية أو شاهد.
ويوافقها في الرأي الناشط الحقوقي غالب القديمي في أن اللجنة الوطنية تستطيع الوصول إلى كل الضحايا من خلال راصديها ومحققيها ونزولهم الميداني، بعكس اللجان الدولية التي تكتفي بتلقي معلوماتها وبياناتها من مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام والتقارير التي تصدر من بعض المنظمات هنا أو هناك. وأضاف أن اللجان الدولية قد تتلقى ضغوطا دولية بإخفاء بعض الانتهاكات التي قامت بها دول كبرى بسبب المصالح السياسية.
نقل الحقيقة
ومن جانبه، يرى الصحفي شكري حسين أن الدعوة إلى تشكيل لجنة دولية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان أمر إيجابي، وسيمنحها الاستقلالية بقرارها بعيدا عن أي ضغوط أو ممارسات تخل بنقل الحقيقة كما هي دون زيادة أو نقصان. وأضاف أن اللجنة الوطنية المشكلة بقرار جمهوري غير مستقلة فعليا بقرارها وعادة ما تكون تحت مقصلة رقيب الحكومة الشرعية والتحالف.
كما أكد رئيس مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان محمد قاسم نعمان أن تشكيل لجنة دولية تتولى التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان خلال فترة الحرب الدائرة في اليمن أمر تستدعيه الضرورة من منطلق الاستقلالية، وألا يكون لأعضائها أي انتماء لأي طرف من أطراف الصراع والحرب في اليمن.
وترى أشراق المقطري أن اللجنة الوطنية تتمتع باستقلالية تامة وبعيدا عن أي تأثير، وأن اللجنة الوطنية تنظر إلى الموضوع من باب مصلحة الضحايا، ووجود لجنة دولية لا يصب في مصلحة الضحايا بأي حال من الأحوال.
وعما إذا كان صوت اللجنة الدولية قد يكون أقوى وأكثر تأثيرا، ترفض المقطري هذا الطرح، وقالت إن هذا أمر عار عن الصحة.
لكن نعمان يرى العكس من ذلك، وقال إن اللجنة الدولية ستعمل تحت راية الأمم المتحدة وهذا سيلزم كل الأطراف على التعاون معها في مهامها والوصول إلى مختلف مواقع الانتهاكات, بالإضافة إلى أن أعضاء اللجنة من ذوي الخبرات الدولية في مجال الرصد وجمع المعلومات.