[ من غير المستبعد تهاوي التحالف بين صالح والحوثيين- الأناضول ]
بعد عام من تشكيل ما يُسمى "المجلس السياسي الأعلى" الذي كان أول هيئة رسمية تجمع شريكي الانقلاب في اليمن، يبدو أن الخلافات بينهما تتصاعد يوماً بعد يوم. وما يعزز من هذا الاعتقاد هو كثرة التسريبات الصادرة عن قريبين من الحوثيين والمحملة برسائل التهديد، تعكس بالمجمل أزمة ثقة من الجماعة تجاه حليفها حزب "المؤتمر" الذي يترأسه علي عبدالله صالح.
وتأتي التسريبات عن خطة سعودية - إماراتية تتضمن فتح حوار مع حزب صالح، على الرغم من نفي الأخير أكثر من مرة، لتؤكد أن الخلافات بين صالح والحوثيين قد تتعمق أكثر فأكثر.
وكانت التفاصيل التي نشرها الصحافي اليمني، محمد عايش، يوم الثلاثاء الماضي، عقب لقاء جمعه حديثاً بزعيم الجماعة، عبدالملك الحوثي، أبرز حلقة تكشف عن مرحلة متقدمة من الخلافات الحاصلة بين الطرفين، في ظل الاستعدادات التي يقوم بها حزب صالح لإقامة مهرجان جماهيري في الذكرى الـ35 لتأسيس الحزب، والمقرر أن يُقام في صنعاء في 24 أغسطس/آب الحالي.
واعتبر بعضهم أن حديث عايش حمل رسالة حوثية فُسرت بأنها تحمل نبرة تهديد لحزب صالح، وتحديداً في ما يخص تلميحه إلى "تطورات دراماتيكية" قد تشهدها البلاد إذا لم يحتكم أحد الطرفين لمنطق العقل، قبل مهرجان حزب صالح. وتحدث عايش عن أن الحوثي "قائد عسكري تحت إمرته 140 ألف مقاتل على الأقل".
وكشف الصحافي عن بعض تفاصيل حديثه مع الحوثي. ونقل عن الأخير أنه سيصدر توجيهاً بالإفراج عن الصحافي المحكوم بالإعدام من قبل محكمة في صنعاء، يحيى عبدالرقيب الجبيحي، وآخرين. ولفت إلى أن الحوثي تحدث عن العلاقة بين جماعته والمؤتمر الشعبي العام، وكتب عايش في هذا الصدد أن "هذا الموضوع الأخير هو موضوع الساعة، ولا أخفيكم أنه موضوع مقلق"، وفق تعبيره.
والصحافي عايش يُوصف من قبل بعضهم بأنه قريب من الحوثيين. وتكتسب المقالة التي كتبها أخيراً، أهميتها، كونها أتت بعد عودته من لقاء زعيم "الجماعة" في معقلها بصعدة. وانتقل عايش إلى الحديث عما يعتبره بعداً مهماً في الخلافات الحاصلة بالإشارة إلى دور إماراتي وسعودي في تأجيجها، من خلال طرح فكرة الحوار مع حزب صالح. وقال الصحافي "لا صحة هنا لكون ما يحدث مجرد صراع على السلطة بين شريكيها، أو منافسة على الجماهير من قِبلهما، الأمر يتعدى ذلك لحدود صارت لها علاقة، في تصورات بعض الفاعلين، بمشاريع سعودية إماراتية جديدة ضمن محاولات الدولتين لفك عقدة الحرب الفاشلة ضد اليمن"، وفق تعبيره.
وتابع عايش أنه "استناداً إلى ما سمعته من قيادات فاعلة في المؤتمر ثم ما استمعت إليه من زعيم أنصار الله، أستطيع القول إن الوضع معقد".
وكشف في السياق عن تواصل جرى أخيراً بين صالح والحوثي، متمنياً أن يكون قد أفضى إلى حل. وقال "بغض النظر عن استفادة السعودية من انقسام تحالف صنعاء أو عدم استفادتها، فإن البلاد لم تعد تحتمل مزيداً من الصراعات والتشظيات العنقودية"، على حد وصفه.
وليست المرة الأولى التي يتم فيها الحديث عن خلافات بين الانقلابيين، منذ بداية الحرب اليمنية عام 2015. لكن العنصر الجديد الذي ألمح إليه عايش، يتعلق بتصاعد الخلافات بين شريكي الانقلاب في الآونة الأخيرة، خصوصاً مع التسريبات التي تحدثت عن خطوط حوار بين حزب صالح وكل من أبوظبي والرياض، وهو الأمر الذي سبق لـ"العربي الجديد" أن تطرقت إليه.
وتأتي الأزمة في ظل الاستعدادات المستمرة التي يقوم بها حزب صالح، لإقامة مهرجان حاشد في ذكرى تأسيسه، من المقرر أن يستضيفه ميدان السبعين بصنعاء في 24 أغسطس/ آب الحالي. وأبدى الحوثيون تحفظاتهم على تنظيم المهرجان، وهو ما تجلى بانتقاد ضمني وجهه زعيم "الجماعة" في آخر خطاباته الشهر الماضي، لأنشطة حزب صالح، بقوله إن البلاد ليست في "انتخابات" وإنما في "اقتحامات".
وكانت الخلافات قد تصاعدت تدريجياً، خلال الأشهر الماضية، عقب دخول الانقلابيين في هيئة مشتركة جرى الاتفاق على تشكيلها في أواخر يوليو/ تموز 2016، لتكون واجهة للسلطة في مناطق سيطرتهم، وهي "المجلس السياسي الأعلى". وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 جرى تشكيل ما سُمي بـ"حكومة الإنقاذ الوطني" التي فشلت في الحصول على اعتراف خارجي.
وتفيد مصادر سياسية في صنعاء لـ"العربي الجديد" بأن الشراكة التي دخل بها الطرفان في مؤسسات الدولة، ساهمت في تأجيج الخلافات على النفوذ والسيطرة في مؤسسات الدولة، بين قواعد الطرفين، واللذين اجتمعا عام 2014 على هدف الانقلاب على الرئيس عبدربه منصور هادي، ثم تعمق التحالف بينهما عام 2015، مع بدء الحرب.
غير أن عوامل بقاء "التحالف" بينهما ضعيفة بالنظر للاختلاف الجذري بين الطرفين في كثير من المسائل.
وعلى الرغم من نفي حزب صالح أكثر من مرة الشائعات التي تتحدث عن أنه بدأ تفاهمات مع الرياض وأبوظبي، وتأكيده على أن المهرجان الذي يعد له يحمل رسالة تؤكد على وحدة الصف الداخلي في وجه ما يسميه بـ"العدوان"، في إشارة إلى عمليات "التحالف العربي"، إلا أن الخلافات باتت هي العامل المسيطر، في ظل حالة من انعدام الثقة من قبل الحوثيين، كانت قد برزت أخيراً، من خلال الموقف الرافض الذي أبدته "الجماعة" تجاه مبادرة أعلنها البرلمان المحسوب على صالح في صنعاء، وتتضمن دعوة الأمم المتحدة لإيجاد آلية بالرقابة على جميع المنافذ البحرية والجوية والبرية في البلاد، رداً على خطة تقدمت بها الأمم المتحدة، بخصوص ميناء الحديدة.
وأمام هذه التطورات، يبدو أن الوضع في اليمن مفتوح على جميع الاحتمالات في الفترة المقبلة، بما فيها وصول شريكي الانقلاب في صنعاء إلى الافتراق، ما لم تساهم العوامل والتهديدات التي يتعرض لها الطرفان، بتهدئة يجري على ضوئها احتواء الخلافات، أو تأجيلها على الأقل، وهو ما سيتضح خلال الفترة المقبلة.