[ يرى البعض أن الشباب حاضرون بقوة في المشهد اليمني ]
قبل يومين احتفلت مختلِف دول العالم بـ"اليوم العالمي للشباب" الذي يصادف 12 أغسطس من كل عام، بعد أن أقرته الأمم المتحدة عام 1999، لتسليط الضوء على هذه الشريحة العريضة من المجتمعات.
خصصت الجمعية العامة للأمم المتحدة شعار "سلام من صنع الشباب"، للاهتمام بمساهمات الشباب في الحث على السلام، ومنع الصراعات التي تغرق فيها كثير من البلدان، وللتأكيد على دورهم في صنع الاستقرار في البلدان.
وتشهد عدد من الدول أزمات وحروب مضى على بعضها سنوات كثيرة، منها اليمن التي تعيش في ظل الحرب منذ أكثر من عامين ونصف، فكان لشبابها وضع خاص، نتيجة للواقع السيء الذي قضى على كثير من أحلامهم، وتغيرت أدوارهم فيه مقارنة بما كان قبل الحرب.
وتعتري الخيبة الشباب اليمني الذي كان مساهما وبشكل كبير في الثورة الشبابية عام 2011، بعد انحراف مسار ثورتهم، واندلاع الحرب في اليمن، والتي قُتلت على إثرها كثير من أحلامهم التي رسموها بإصرارهم، أملا بمستقبل يليق بطموحاتهم وقدراتهم.
لكن وبرغم كل هذه المعاناة، لا زال الشباب يقومون بالدور الأبرز في المجتمع وفي مختلف مناحي الحياة، وكان ملاحظ ظهور عديد من المبادرات التي تهدف للتخفيف من معاناة المدنيين الذين تضرروا بشكل كبير جراء الحرب.
حضور وحلم
وفي هذا اليوم، لا يرى الناشط الشبابي وليد الجعور، أن هذا التاريخ حاضر في ذهنية غالبية المجتمع، لكنه يشعر بالارتياح نتيجة الاعتراف العالمي بهذه الشريحة، ودورها وتأثيرها في حاضر المجتمعات ومستقبلها.
وبرغم غياب هذه المناسبة عن أجندة الدولة والمجتمع ومؤسساته المختلفة، إلا أن الجعور يؤكد لـ"الموقع بوست" أن الشباب اليمني حاضر وبقوة وبشكل مؤثر في المشهد اليمني، في كافة الأصعدة والمجالات.
أما عن احتياجات الشباب اليمني، قال إن وجود الدولة المدنية، وسيادة القانون، بالإضافة إلى إنهاء الانقلاب والتخلص من مليشيات العنف والتطرف والإرهاب، هي أبرز احتياجاتهم في هذا التوقيت، ليجد الشباب طريقة للتميز والتأثير الإيجابي، وصناعة المستقبل.
ثم يأتي بعد ذلك الحديث مطولا عن إستراتيجات العمل المطلوبة، لتحقيق طموح الشباب اليمني، لاستيعاب قدراته وأفكاره وإبداعاته و مواهبة، بحسب الجعور.
اتجاه إجباري
وفي معرض حديثه أكد الناشط الشبابي، أن الشباب اليمني يرنو للسلام، لكنه أصبح عرضة لاستقطاب مختلف الأطراف.
وتساءل "ماذا نتوقع من شباب اليمن أن يفعلوا، وهم يجدون أنفسهم بين عشية وضحاها بلا دولة، وأمام انقلاب مليشياوي اختطف الدولة، وانقلب على السلام، وصادر الحريات، واستهدف طموح الشباب ومستقبلهم؟".
وتابع "عقب الانقلاب المليشياوي والالتفاف على الثورة الشبابية ومخرجات الحوار الوطني، دفع ذلك شباب اليمن المسالم إلى حمل السلاح للدفاع عن جمهوريتهم، وثورتهم وطموحهم ونضالهم ووطنهم، وهو خيارهم الوحيد".
ولفت إلى أن ثورة الشباب السلمية، رسم فيها الشباب أنصع صور العمل النضالي السلمي، ولن ينجرّوا لكل المحاولات التي كانت تهدف للعنف، مؤكدا أن كل قطرة دم سالت تتحمل مسؤوليتها المليشيا الانقلابية.
ثروة بيد الغير
لا تكاد تخلو أحاديث الشباب اليمني من ثورتهم التي كانوا اللاعب الرئيسي فيها، وطريقة تناثر كثير من أحلامهم في فضاء الحرب التي تعيشها اليمن.
الناشط السياسي فيصل الذبحاني، استهل حديثه بتأكيده على أن الشباب اليمني هم صناع المشهد الثوري وأصحابه بامتياز في بدايات ثورة فبراير/شباط 2011، قبل أن يقوم اللقاء المشترك بالالتفاف على المشهد بتقسيمه لساحتين إحداها ميدانية وأخرى سياسية.
واستطرد في تصريحه لـ"الموقع بوست" أن قيادة المشترك قادوا الساحة السياسية بمنتهى الحرفية، وباعوا الشباب باسم إخراج البلد من أتون حرب، والدخول في محاصصة سياسية قتلت كل أحلامهم، ودمرت كل آمال وتطلعات الشعب في مستقبل أفضل.
وبعد تلك المحصاصة ودخول البلد في أتون حرب طاحنة مع الإنقلابيين، تحول الشباب أصحاب الفعل ومربعه الناري الصادق، إلى أصحاب ردة فعل وأداة بيد القيادات السياسية وتجار الحروب، كما يؤكد الذبحاني.
وأردف "مات الشباب مع طموحاتهم حين أصبحوا وقودا لهذه الحرب اللعينة، وضحايا للحروب الجانبية بين كل الفصائل السياسية في كل طرف من أطراف هذا الموت المسمى حربا".
ومن وجهة نظره فإن الحرب لا تنتج إلا كل ما هو قبيح أيا كانت مسبباتها، وبالتالي فالتحديات التي ستعيق الشباب هي ذاتها التي ستعيق هذا الوطن عن التقدم، وأولى تلك المعوقات هي الحرب ونتائجها المدمرة للنسيج الاجتماعي، وتأثيرها الطويل على الاقتصاد والتعليم والصحة والبنية التحتية وغيرها.
وفسر ربطه للتحديات التي ستواجه الشباب بالوطن، بأن الأول هم وحدهم المخولين ببناء البلاد بعد الحرب، وهم وحدهم من سيورثون تركة الحرب بشكل مباشر قبل غيرهم، وسيتعاملون مع هذه التركة بقية حياتهم، أملاً في إعطاء فرصة لبقية الأجيال في تجاوزها.
القدرة على العطاء
وفي ظل هذه الأوضاع الصعبة التي تمر بها اليمن، لا تمثل هذه المناسبة أي أهمية للشاب معتصم الجلال، الذي علل ذلك بالقول "إن الشباب اليمني إما منخرط في صفوف أحد أطراف الصراع كمجند، أو مغترب في الخارج يعول أسرته، ونسبة بسيطة في الجامعة لاستكمال تعليمهم".
وفي حديثه لـ"الموقع بوست" يعول الجلال على شريحة الطلاب الجامعيين، لقدرتها على عمل فارق إيجابي في حياة المجتمع اليمني مستقبلا، بعد الركود الذي أصاب النشاط العام في البلاد طيلة العقود الماضية.
وذكر أن الشباب اليمني هم عمود الحياة والمجتمع، مؤكدا أنه متى ما توفرت لهم الإمكانيات في الإبداع والعمل "كقائد"، فإنهم سينتجون وستختلف نظرتهم عن من سواه.
ودعا إلى ضرورة تسليم الشباب زمام المهمة التوجيهية والتثقيفية للشباب الآخرين، لأنهم أقرب شريحة للعامة وأصدقها.
الجدير بالذكر أن بعض الدول تحتفل بهذا اليوم، لكن في تاريخ مختلف، بحسب بعض الأحداث التي تشكل لها أهمية كبيرة لها.