[ المصرف المركزي في عدن إثر تفجير سابق - فرانس برس ]
يبدو أن أزمة الحكومة الشرعية اليمنية مع دولة الإمارات، والتي تمثل واجهة التحالف العربي في جنوب اليمن، عادت مجدداً إلى التصعيد، مع إصدار المصرف المركزي اليمني بياناً اتهم فيه التحالف بعرقلة وصول أموال، بعد ساعات من مغادرة رئيس الحكومة اليمنية أحمد عبيد بن دغر، ومحافظ عدن عبد العزيز المفلحي، بصورة مفاجئة، إلى السعودية، وسط أنباء عن ضغوط تمارسها أبوظبي لإقالة الأخير.
في هذا السياق، أكدت مصادر يمنية قريبة من الحكومة الشرعية لـ"العربي الجديد"، أن "بيان المصرف المركزي اليمني في عدن فجّر ما يشبه قنبلة سياسية جذبت إليها الاهتمامات والنقاشات اليمنية في الأطر السياسية خلال الساعات الـ24 الماضية، مع أنباء عن أن الرئاسة اليمنية شاركت بصياغة البيان، ودعمت نشره على وكالة الأنباء الرسمية، بما تضمنه من تلميحات باتهامات للتحالف في الملف الاقتصادي في ظل الأزمة العاصفة بالبلاد".
وكشفت المصادر أن "الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، وبعد أن واجه صمتاً من الرياض التي تقود التحالف تجاه ممارسات أبوظبي، أعطى الضوء الأخضر لمثل هذا البيان. وقبل ذلك، حمل خطاب محافظ عدن المفلحي، العديد من الرسائل ضد التحالف".
وكان البيان الصادر عن محافظ المصرف المركزي اليمني في عدن، منصر القطيعي، قد كشف عن اجتماع عقده مجلس إدارة المصرف، لمناقشة الصعوبات التي تواجه ترتيبات النقل والتوريد بسبب "إعاقة إنزال هذه الأموال جواً إلى مطار عدن الدولي من قِبَل خلية التحالف".
وهي المرة الأولى تقريباً التي يُذكر فيها اسم الخلية التي اتُهمت بالعراقيل. وذكر المصرف أن "الإعاقة حصلت لأسباب مجهولة منذ أبريل/نيسان الماضي، وتمّ إلغاء تصاريح نزول 13 رحلة إلى عدن وتوريدها إلى خزائن المصرف المركزي من دون مبرر أو تفسير واضح".
وأضاف البيان أن "هذه العراقيل تعيق المصرف المركزي اليمني عن القيام بوظائفه وواجباته القانونية في توفير السيولة المناسبة والملائمة للاقتصاد اليمني. وأن هذه العراقيل المصطنعة تسيء إلى سمعة المصرف المركزي اليمني وإدارته التنفيذية وتظهر قيادة المصرف وكأنها فاشلة في أداء مهامها وتحرم قطاعات واسعة من موظفي الجهاز الإداري للدولة من تسلّم مرتباتهم. كذلك تُسبّب للاقتصاد اليمني اختناقات خطيرة في توفير السيولة اللازمة وتلقي تبعاتها السلبية على الجهاز المصرفي والاقتصاد اليمني عموماً".
وحمل البيان رسائل مباشرة للتحالف تعبّر عن الاستياء من التصرفات التي بات بعض من اليمنيين ينظر إليها كما أنها لو أنها تصرفات "محتل".
وكان لافتاً أن بيان المصرف المركزي نُشر بعد ساعات من مغادرة بن دغر مدينة عدن، ومعه المفلحي، بصورة مفاجئة، باتجاه السعودية، فيما تحدثت مصادر محلية في عدن عن أن المغادرة جاءت نتيجة ضغوط إماراتية قوية تُمارسها أبوظبي على الرئيس اليمني، لإقالة محافظ عدن، والذي غادر بعد نحو أسبوع على تصريحاته التي وجّه فيها رسائل ضمنية للإمارات برفض تصرفاتها وممارسات حلفائها المحليين في عدن.
وأوضحت المصادر أن "المفلحي غادر عدن بعد أن مكث فيها لنحو شهرين، لم يتمكن خلالهما من الوصول إلى مقر السلطة المحلية بالمحافظة، لوقوعه تحت سيطرة أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي، والذي تألف برئاسة محافظ عدن السابق، عيدروس الزبيدي، عقب إقالة الأخير المحسوب على أبوظبي، من منصبه، في 27 أبريل/نيسان الماضي".
وكان المفلحي قد أطلق، مطلع الشهر الحالي، تصريحات عدة خلال أحد الاجتماعات، كشف فيها عن تعرّضه لأكثر من محاولة اغتيال، كما وجه خلالها كثيراً من الرسائل لأبوظبي والتحالف، ومن ذلك إشادته بمؤسس الإمارات زايد بن سلطان، ثم الاستدراك في السياق بالقول "نحن لسنا مرغمين أن نحب أحداً أو نكره أحداً، ولكن مقابل ما نبديه نحن من احترام ومحبة لا نقبل على الإطلاق أن نصنّف في زوايا ليست من زوايانا ولا في هوية ليست من هويتنا ولا بثقافة ليست هي من ثقافتنا، وأقول خسئ من يريد وضعنا في الزاوية الحرجة".
من زاوية أخرى، حملت تصريحات بن دغر، لدى مغادرته عدن، تلميحات تعزّز وجود تباينات وراء المغادرة، فبدلاً من وصفها بـ"الجولة الخارجية" (على سبيل المثال)، تحدّث بلغة "نغادر عدن هذه المدينة الرائعة وأهلها الطيبين". وأشار إلى أن "المغادرة تأتي التزاماً بتوجيهات من الرئيس هادي، والذي يقيم في العاصمة السعودية، منذ تصاعد الحرب في اليمن قبل أكثر من عامين، باستثناء أشهر متقطعة قضاها في عدن".
وكانت أزمة الشرعية - أبوظبي قد بدأت منذ وقت مبكر من العام الماضي، مع إطاحة هادي في أبريل/نيسان 2016، نائبه، رئيس الحكومة خالد بحاح، والذي يُوصف بأنه "مقرّب من الإماراتيين".
وخلال العام الحالي، اضطر هادي لمغادرة عدن عقب رفض القوة التي تتولى حماية المطار وتديرها الإمارات، توجيهات بتسليم حمايته إلى قوة أخرى من الحماية الرئاسية. وبعد أن أطاح الرئيس اليمني، محافظ عدن السابق الزبيدي، دعمت أبوظبي الأخير بتشكيل مجلس انقلابي انفصالي، تحت مسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي"، والذي تألف في مايو/أيار الماضي.