[ الجندي المختطف محمد توفيق محمد ]
لم يكن الجندي محمد توفيق محمد، أحد أفراد لواء العمالقة الأول المشارك ضمن العمليات العسكرية في جبهة المخا، يعلم بأن إجازته التي أخذها لغرض الترتيب ليوم عرسه ستكون موعداً لاقتحام منزله وترويع أسرته، وإطلاق الرصاص الحي عليه ومن ثم اعتقاله وإخفائه قسرياً من منزله في دار سعد من قبل عناصر أمنية "ملثمة" ومجهولة التبعية.
تقول أم محمد "في تمام الساعة الثالثة من فجر الجمعة، كان أفراد عائلة محمد يغطون في نوم عميق، عداهُ هو الذي كان يتناول القات، ويفكر بما تبقى من تجهيزات عرسه والذي سيقام في أكتوبر القادم".
وتضيف -في حديثها لـ"الموقع بوست"- "قمنا من نومنا على وقع طرق عنيف على باب شقتنا في المدينة التقنية، ومشادات بين محمد ومجموعة من الجنود الملثمين الذين أرادوا اقتحام المنزل".
وتذكر أن "محمد قام بفتح الباب ومن ثم قام بمحاولة إغلاقه بعد أن رأى الجنود الملثمين، لكنه لم يستطع إغلاق الباب، وبقي يصارع من أجل إغلاقه قبل أن يطلق الجنود أعيرة نارية، أصابت إحداها قدم محمد، بينما كادت الأخرى أن تصيب رأس والده النائم، ليصحوا على إثرها".
وتتابع -خلال حديثها لـ"الموقع بوست"- "بعد أن رأينا محمد والدم ينزف من قدمه والجنود الملثمون يحاولون سحبه للخارج، كنت أصيح عليهم بكل صوتي، لكن لم يردوا عليَّ بأي كلمة"، كما تقول أم محمد، والعبرة تكاد تقتلها.
وأوضحت أن أحد الجنود سأل والد محمد فور خروجه من غرفته "من أنت؟"، فأجابه "أنا والد محمد"، وحاول بعدها الجنود الاقتراب منه.
وأشارت إلى أن نجلها محمد ترجاهم ألا يلمسوا والده، فهو كبير في السن ويعاني من أمراض عدة، وسلم بعدها نفسه لهم، كانوا ثلاثة أطقم عسكرية بيضاء اللون، عليها عشرات الجنود الملثمين، كما تستذكر أم محمد، والتي ظلت تبحث عن نجلها لثلاثة أيام دون جدوى.
تفيد أم محمد لـ"الموقع بوست" بأن نجلها الأكبر محمد شارك في كل جبهات القتال في عدن ابتداءاً من البساتين وجعولة والعلم، وكان أحد الشباب الذين حرروا عدن من سطوة الانقلابيين، ومن ثم التحق بصفوف الجيش وسافر لأرتيريا للتدريب، ومن ثم عاد للالتحاق بجبهات باب المندب وكهبوب وذوباب، وآخرها المخاء، متسائلةً "هل هذا هو الجزاء الذي يستحقه محمد؟".
وأشارت إلى أن منزلهم الكائن في منطقة البساتين بمديرية دارسعد تعرض للتدمير بفعل غارة جوية نفذتها مقاتلات التحالف العربي، إبان فترة الحرب التي شهدتها عدن، لتقوم الأسرة باستئجار شقة في المدينة التقنية، مختتمة حديثها لـ"الموقع بوست" بالقول "بدل أن يتم تعويضنا يتم اعتقال ولدنا وإخفائه قسرياً".
وتجدر الإشارة إلى أن لواء العمالقة الأول هو ضمن أربعة ألوية عسكرية تحمل اسم نفس الاسم ومرتبة حتى الرقم أربعة، وتقودها شخصيات سلفية، حيث تم إنشاؤها قبل أشهر بالتزامن مع اشتداد المعارك في مناطق الساحل الغربي.
وتشهد العاصمة المؤقتة عدن، منذ مطلع العام المنصرم، حملة اعتقالات عشوائية تنفذها قوات الحزام الأمني وإدارة الأمن، حيث يتم احتجاز المعتقلين في سجون سرية ليكونوا في حكم المخفيين قسرياً، وآخرون معتقلون تعسفيا دون توجيه أي تهم لهم.