[ فرد من مليشيا الحوثي قرب القصر الجمهوري في صنعاء - رويترز ]
لا يكلّ الحوثيون عن تغولهم في مؤسسات الدولة واتخاذ عناصر حوثية تابعة لهم في مواقع موظفي الدولة عسكريين ومدنيين، إلا أن صراعا شديدا يدور مع شريكهم في الانقلاب والحرب الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، بسبب مساعيهم للسيطرة على قوات الحرس الجمهوري الموالية له.
وكانت مصادر عسكرية في صنعاء قد كشفت أن مليشيات الحوثي المتمردة نفذت أكبر عملية تسريح في صفوف قوات الحرس الجمهوري، وأحلت عناصر تابعة لها بدل الآلاف المسرحين من ضباط وجنود، وذلك منذ بسطت سيطرتها على العاصمة ومؤسسات الدولة في 21 سبتمبر/أيلول 2014.
وكان محمد المسوري، محامي المخلوع صالح، قد اتهم مؤخرا الحوثيين باستدراج المئات من قوات الحرس الجمهوري والتوجه بهم إلى أماكن أخرى لم يذكرها، لأخذ دورات ثقافية خاصة بالحوثيين ومذهبهم، أو كما يسميها البعض إجراء "غسل مخ".
وتحدث محامي المخلوع في منشور كتبه بصفحته على موقع فيسبوك أن أفرادا من اللواء 30 بالحرس الجمهوري شكوا من اقتياد الحوثيين لهم إلى أماكن معينة يجري فيها تعليمهم المذهب الاثني عشري.
كما كشف المسوري أن الحوثيين يبتزون أفراد الحرس الجمهوري ويطالبونهم في نهاية الدورة "بالقسم والبيعة لعبدالملك الحوثي والعهد بالسمع والطاعة له"، ومن يقبل تصرف رواتبه، أما من يرفض فلا راتب له.
اختراق مبكر
واعتبر الخبير الأمني علي الذهب المختص بالنزاعات المسلحة، في حديث للجزيرة نت، أن محاولات الاستحواذ والإقصاء لقوات الحرس الجمهوري بدأت منذ الأيام الأولى التي تلت اجتياح مليشيا الحوثيين لصنعاء، واقتحام بعض معسكرات الحرس في ضواحي صنعاء والحديدة.
وقال إن "العملية تتم بطريقة ديناميكية متعددة الأوجه، كالإغراء والتهديد بملفات الفساد، وجذب عناصر أقصيت في عهد الرئيس المخلوع صالح أو في مرحلة حكم الرئيس هادي، خاصة من المناطق المجاورة لمسقط رأس صالح التي تزخر بعناصر قيادية كبيرة في الجيش، وتتمتع بقدر كبير من التدريب والتأهيل".
إلا أن الخبير اليمني يعتقد أن "صالح لا يزال ممسكا بورقة الجيش وتحديدا الحرس الجمهوري، من خلال نفوذه في بعض وحداته، خاصة وحدات الحرس الجمهوري، غير أن الأمر لا يتعلق بنفوذ صالح فحسب، بل وبموقف القادة والأفراد من الحوثيين الذين اخترقوا بعض هذه الوحدات بعناصر موالية لهم، وأخرى أدمجت فيها ممن جرى إعدادهم في الأعوام الثلاثة الماضية".
ورأى أن "استمرار الحرب هو ما يعطي الحوثيين مزيدا من الفرص لاختراق الحرس الجمهوري، بل والجيش كله رغم الموقف الرافض لهم، وكلما بادر صالح بعرض المصالحة مع الطرف الآخر في الحرب، قابلوا ذلك بمزيد من التوغل في الوحدات العسكرية الموالية له، خشية أن تكون رقما مرجحا لقوته فيما بعد".
من جانبه، يشير أحمد شبح، نائب مدير المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية، إلى أن "المخلوع صالح أسس قوات الحرس الجمهوري على حساب الجيش الوطني، بهدف تأمين بقائه الأبدي في الحكم وتهيئة الملعب لتوريث الحكم لأولاده".
تغيير عقيدة
كما لفت شبح في حديث للجزيرة نت إلى أن الرئيس المخلوع شريك الحوثيين بالانقلاب على الشرعية "سلّم الأسلحة ومعسكرات الجيش لمليشيا لحوثيين الذين لهم عداوة مع الجمهورية وأحلام بالعودة للإمامة والحكم السلالي الوراثي الذين يدعون الحق الإلهي فيه".
كما يعتقد شبح أن "اختراقات المليشيات الحوثية لقوات الحرس الجمهوري قديمة لم تتوقف عند الإمداد والإسناد والسلاح الذي تلقاه الحوثي في حروب صعدة منذ عام 2004".
وقال إن "اختراقات الحوثيين اتسعت بعد انقلاب الحوثي والمخلوع على الشرعية، فقد تسلم الحوثيون قوات الحرس الجمهوري بما تملكه من عتاد وأسلحة ثقيلة وقوة صاروخية متطورة".
وأضاف أن "الحوثيين عيّنوا مراهقيهم ومسلحيهم على رأس قوات الجيش والأجهزة الأمنية لدرجة أن القادة وحملة الرتب والشهادات والأسبقية أصبحوا يأتمرون بأمر العناصر الحوثية وبعضهم أطفال لا يمتلك الواحد منهم شهادة الثانوية، مؤهلهم الوحيد انتماؤهم للسلالة الحوثية التي دنست وداست على الشرف العسكري".
كما تحدث عن "سعي الحوثيين لتغيير عقيدة تلك القوات وتحديدا الحرس الجمهوري وحقن عقولها بالطائفية والمذهبية وفكفكة الولاء للمخلوع صالح وتجريده من أي قوة عسكرية لتكون وتبقى القوة للحوثي فقط الذي لا يأمن مكر حليفهم صالح ويتربص الفرصة لافتراسه".
وقال أحمد شبح إن "ضباط وأفراد الحرس الجمهوري يدفعون حاليا أثمان تخليهم عن الجمهورية وانحيازهم لتحالف الانقلاب والتمرد على الشرعية".
وأضاف "إذا كان المخلوع صالح فاوض بالأمس بورقة الحرس الجمهوري وقدّم عروضا لدول شقيقة وصديقة وتحريك الآلاف لمحاربة الحوثيين وإرجاعهم إلى صعدة، فإن المعلومات حاليا تشير إلى أن تلك الورقة، وهي قواته، لم تعد في متناول يده المحروقة".