[ أرشيفية ]
تشهد مدينة تعز، وسط اليمن، حرب شوارع بين فصائل تابعة للمقاومة الشعبية الموالية للحكومة الشرعية، أدت إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين وقطع للشوارع الرئيسية في المدينة التي يحاصرها الحوثيون منذ أكثر من عامين.
وفي ذات السياق، قالت مصادر عسكرية إن مسلحين أقدموا على اغتيال مدير قسم شرطة نجد قسيم جنوب غربي تعز، استمرارا لمسلسل العبث الذي تشهده المدينة.
في مدينة عدن، شهد أحد فروع البنك الأهلي عملية سطو مسلح، أمس الخميس، أدت إلى مقتل مدير الفرع والسطو على أكثر من 80 مليون ريال في وضح النهار، والتي على إثرها أغلقت كافة البنوك أبوابها أمام المواطنين.
وفي شبوة، جنوب شرقي البلاد، منع مسلحون قبليون قوات أمنية من الانتشار لحماية أنبوب النفط في مديرية جردان، في حين حدثت اشتباكات عنيفة تدخلت خلالها قوات التحالف بإلقاء قنابل صوتية.
في تعز وعدن وفي كل المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، يعاني المواطنون من غياب الدولة وحضور كثيف لكيانات موازية أنجبتها التباينات والأجندات الخاصة لدول التحالف العربي لدعم الشرعية.
مراقبون ينظرون إلى المشهد كونه عبث وتخبط تعدى التخلص من الإنقلاب إلى أطماع خاصة بدأت بشيطنة الجيش الوليد عبر دعم جماعات مسلحة متشددة، خلافا على الأمنيات التي يحملها اليمنيون والمتمثلة بحضور الدولة والقانون على الجميع.
نحن في معركة استعادة الدولة لا التقاسم
الأمين العام للتنظيم الناصري، عبدالله نعمان، حذر من وجود شكوى من التحالف بخصوص الإمكانيات التي تقدم دون وجود أثر لها، واستمرار إدارة الدولة بالأقارب والمقربين كارثة.
وأضاف نعمان في حوار متلفز "رغم أننا في معركة استعادة الدولة، هناك أطراف وقوى داخل الشرعية همها تقاسم المناصب والتعيينات، نحن في معركة استعادة الدولة ولسنا في معركة غنيمتها، وهناك مفاهيم خاطئة منها الشراكة التي تحولت إلى تقاسم للوظيفة العامة".
وتابع "عملية دمج المقاومة بالجيش تمت بطريقة عشوائية وغير صحيحة، وكان يجب أولا تسليم كل المجاميع بالمقاومة لسلاحها للألوية العسكرية، وأن تخضع لقيادتها بعد تدريبها في معسكرات، أما إذا ظل تشكيل قوات الجيش على هذا النحو ولم تصحح عملية الدمج فإن جيش الشرعية سيكون أسوأ من جيش صالح".
تغييب لأجهزة الدولة وحضور للجماعات المسلحة
في كافة المحافظات المحررة، يرى المراقب للوضع غيابا لأجهزة الدولة العسكرية والأمنية، وتسليم مقاليد الأمور لجماعات مسلحة تنتمي غالبا إلى التيار الديني السلفي.
أفراد من الشرطة العسكرية في تعز أطلقوا مناشدة لقيادات الشرعية والتحالف بتوفير الإمكانات اللازمة للقيام بالدور المنوط بهم، وشكوا تهميشا واضحا، بينما تحظى جماعات مسلحة بدعم سخي لا يرى منه المواطنون سوى الفوضى.
ليس هذا الأمر قسرا على تعز، فمدينة المخا التابعة للمحافظة تخضع هي الأخرى لقوات من التيار السلفي، بينما غُيب دور الجيش والألوية التي شاركت في تحرير المدينة.
ازدواجية القرار واختلاف الأجندة
كل هذا العبث الحاصل من تدهور أمني وتوقف لجبهات القتال في معركة استعادة الدولة من المليشيات، كل هذا مرده إلى ازدواجية القرار داخل أروقة التحالف العربي، وغياب الرؤية الناجزة والهدف خلف تشكيل التحالف.
فبدلا من إيلاء الدعم للجيش وتقويته، تذهب المعدات العسكرية والأسلحة لصالح جماعات مسلحة دينية في الغالب تأتمر لأطراف محددة، صنعت من الوضع في المناطق المحررة غاغة وعشوائية نسفت الأمل لدى اليمني في الدولة التي يرجوها.
كان الأحرى بالحكومة الشرعية ومن خلفها دول التحالف تكوين صورة ناصعة البياض في المناطق الخاضعة لها، وصناعة انطباع إيجابي لدى المواطنين أن ما يحدث هو استعادة للنظام والقانون من أيدي الانقلاب العابث، وليس فوضى عارمة دونما ضوء في الأفق.
لا يقتصر الأمر بالنسبة للحكومة والتحالف وحسب، بل إن ذات الازدواجية في القرار والدفع نحو الفوضى يرافق أداء القيادات العسكرية والحزبية هناك، فهي الأخرى يغلب على أدائها الشقاق واللهث خلف الفتات، مبتعدين كل البعد عن الهدف الأسمى الذي خرجوا من أجله وهو استعادة الوطن من شدق الفوضى.