[ إقالة ثلاثة محافظين تثير جدلا بين اليمنيين ]
أثارت قرارات الرئيس عبدربه منصور هادي الأخيرة الخاصة بإقالة محافظي حضرموت وشبوة وسقطرى في الجنوب جدلا سياسيا وشعبيا واسعا مازالت تفاعلاته تتصاعد، متخذة أشكالا عدة في التعبير والطرح.
وأفرزت هذه القرارات مواقف متباينة لكثير من القوى والأطراف السياسية في اليمن لاسيما الجنوبية منها باعتبار هؤلاء المحافظين من مؤسسي وأعضاء هيئة رئاسة "المجلس الانتقالي الجنوبي" الذي أعلن عن تشكيله سابقا لإدارة شؤون الجنوب، كما ورد في أول بياناته بقيادة محافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي ووزير الدولة هاني بن بريك.
وكانت الحكومة والقوى المناصرة لها قد اعتبرت إعلان تشكيل المجلس استهدافا لشرعية الرئيس هادي والتحالف العربي الذي تقوده السعودية، وهو الأمر الذي تنفيه قيادة المجلس قائلة إنه جاء لتعزيز الشراكة مع التحالف لاستكمال مهمته ودعما لشرعية الرئيس هادي.
دعوة للرفض
المجلس الانتقالي الجنوبي سارع بعد ساعات قليلة من صدور قرارات هادي بإعلانه رفضها والدعوة إلى ما أسماها "مليونية" يوم السابع من يوليو/تموز الجاري بمدينة عدن للتعبير عن رفض الشارع لهذه القرارات.
لكن هذه الدعوة أثارت حولها لغطا واسعا ورفضا ملحوظا بحجة أن المجلس لم يدع لأي فعالية أو يتبن قضايا المجتمع أو معاناة الناس بقدر دعواته للاحتشاد والتظاهر كلما أقيل أحد أعضائه.
وأعلنت تيارات وقوى حراكية ومجتمعية أخرى رفضها لقرارات هادي بالإطاحة بالمحافظين الثلاثة، وكان الحراك والمقاومة في محافظة شبوة الأكثر تعبيرا بالفعل بعيدا عن البيانات والتصريحات التي لجأت إليها تيارات وفصائل أخرى.
إرادة سياسية
في مقابل هذا الرفض الواسع، أعلنت فصائل وأطراف في الحراك والشارع الجنوبي تأييدها ودعمها لقرارات هادي، وقالت إن من حق الرئيس وفقا لصلاحياته الدستورية اتخاذ ما يراه مناسبا.
ودعما لقرارات هادي، تساءل نشطاء بمواقع التواصل التي تشهد سجالا بين فريق الرافضين والمؤيدين "كيف لبعض هذه القيادات أن تقف مع الشرعية عندما تتبوأ موقعا في السلطة وترفض وتتهم الشرعية عندما يتم عزلها من مناصبها؟".
وقال ياسين مكاوي مستشار رئيس الجمهورية ورئيس مكون الحراك الجنوبي المشارك بمؤتمر الحوار الوطني إن قرارات الرئيس الأخيرة جاءت ترجمة للإرادة السياسية والوطنية لاستكمال مواجهة التمدد الإيراني بأدواته المحلية والخارجية.
وفي بيان، أعرب حلف قبائل حضرموت فرع الهضبة والساحل عن ترحيبه وتأييده لقرارات هادي معبرا عن ارتياحه البالغ لما وصفه بالاختيار الصائب في هذه المرحلة المهمة.
تصحيح أم استهداف؟
هذا التفاعل والسجال السياسي والمجتمعي حيال هذه القرارات أفرزا حالة من الاصطفاف والتربص الذي يبدي كثير من المراقبين تخوفهم منه لاسيما مع احتقان الأوضاع التي تشهدها البلاد، وخاصة في الجنوب، وإصرار قيادة المجلس الانتقالي على موقفهم.
وبينما يرى الكاتب والمحلل السياسي محمد قاسم نعمان أن قرارات هادي جاءت لتصحيح وضع يخص الشرعية ورؤاها وبالذات فيما يتعلق بالقضية الجنوبية، يتساءل: كيف يمكن لمجلس انتقالي يعنى بالقضية الجنوبية أن يحمل موقفا يختلف فيه مع رؤية وموقف الشرعية من هذه القضية وهو يضم قيادات تنفيذية بالحكومة الشرعية؟
لكن عضو رئاسة المجلس سالم ثابت العولقي يرى أن القرارات -التي قال إنها ستبوء بالفشل بقوة الواقع الذي يستمد المجلس منه شرعيته- صدرت لإجهاض المجلس، متهما "تحالف 7 يوليو" (في إشارة إلى تحالف أحد طرفي حرب صيف 1994 التي اندلعت في أبريل/نيسان) بالتوافق على موقف رافض للمجلس الانتقالي الجنوبي.
وأضاف أن عقلية "7 يوليو" هي التي تدير الشرعية اليوم ولا ترى في الجنوب إلا غنيمة حرب، مستغربا كيف لهذه الشرعية أن تعين محافظين لمحافظتي شبوة وسقطرى محسوبين على الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح أحد أطراف الانقلاب على الشرعية.
لكن مراقبين لا يستبعدون أن تلوح في الأفق بوادر لحل هذه الأزمة في ظل تفاقم المعاناة وتدهور المستوى المعيشي للسكان، وغياب وتآكل الخدمات الأساسية، وعجز الدولة عن دفع مرتبات موظفيها لعدة أشهر، بالإضافة لانتشار الأوبئة والأمراض التي تفتك بحياة المئات من اليمنيين.