[ أرشيفية ]
لا تزال ردود الفعل، حول تقرير انتهاكات حقوق الإنسان، والذي كشف عن سجون سرية تابعة للإمارات في اليمن، تُمارس فيها صنوف التعذيب، تتصدر اهتمامات اليمنيين، في ظل محاولات مستميتة من أبوظبي لنفي وجود الانتهاكات الموثقة.
كما تواصل الإمارات، محاولات التنصّل من دور قواتها التي تنتشر في أكثر من محافظة جنوبي وشرقي اليمن، فضلاً عن علاقتها بالقوات اليمنية التي أسستها وتشرف عليها أبوظبي، لتكون أقرب إلى قوات موالية لها تتلقّى منها الأوامر بشكل مباشر.
وصدر تقرير عن منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في 22 يونيو/ حزيران الجاري، وثق العشرات من حالات الإخفاء القسري والاحتجاز التعسفي، وكشف عن ممارسات وحشية في سجون تابعة للإمارات، التي تولت قيادة واجهة العمليات العسكرية للتحالف العربي في مناطق جنوب وشرق اليمن.
وأصبحت الإمارات، النافذ الأول في تلك المناطق، سياسياً وأمنياً وعسكرياً إلى حد يعتبر البعض فيها الممارسات، بأنّها أقرب إلى "احتلال"، منه إلى دعم الحكومة الشرعية في اليمن.
وفي الوقت الذي لم تنفِ فيه الحكومة الشرعية اليمنية، وقوع الانتهاكات أو وجود سجون غير رسمية وأخرى سرية تشرف عليها الإمارات بشكل مباشر، خرجت أبوظبي للدفاع عن نفسها.
وقال بيان صادر عن الخارجية الإماراتية، إنّ "ما ورد في التقرير عار تماماً عن الصحة، ولا يعدو كونه مزايدات سياسية، تسعى من خلالها المليشيات الانقلابية وأطراف متضررة من جهود التحالف العربي الرامية إلى محاربة التنظيمات الإرهابية، وتشويه سمعة التحالف الذي تدخل أصلاً في اليمن من أجل إنقاذ الشعب" على حد تعبيرها.
وعلمت "العربي الجديد"، اليوم الاثنين، من مصادر يمنية في عدن، أنّ التقرير الخاص بالانتهاكات، خلق ارتباكاً في الجانب الإماراتي المعني بالوضع في اليمن.
وتسعى أبوظبي، بحسب المصادر، إلى طمس الحديث عن الانتهاكات في اليمن، وحرف الأنظار عنها، عبر توجيه الإعلام نحو ما تعتبره إنجازات لقواتها ولهيئاتها الإغاثية في المحافظات التي يعتبرها يمنيون تحت وصاية إماراتية، وفي مقدمتها مدينة عدن والجزء الساحلي من محافظة حضرموت شرقي البلاد.
وألقت الإمارات بالمسؤولية ضمناً على الحكومة اليمنية، حيث قال بيان خارجيتها، إنّ "دولة الإمارات وكجزء من التحالف العربي، لا تقوم بإدارة أو الإشراف على أي سجون في اليمن، وإن هذا الأمر من اختصاص السلطات الشرعية اليمنية، فيما تقوم قوات التحالف بتوفير التدريب اللازم للكوادر اليمنية وفقاً لأفضل الممارسات القانونية".
وفي تناقض واضح مع النفي، حاولت أبوظبي الدفاع عن الانتهاكات بصورة غير مباشرة، بالإشارة إلى أنّ السجناء من تنظيم "القاعدة"، حيث قال البيان نفسه إنّ الإمارات قامت بدور محوري بطرد تنظيم القاعدة من جنوب اليمن، وإنّه "من المعروف أنّ أكثر التنظيمات المرتبطة بالقاعدة والمعروفة بوحشيتها كانت مسؤولة بشكل مباشر عن مقتل المئات من المسؤولين الحكوميين والشرطة المحلية والمواطنين اليمنيين الأبرياء"، بحسب البيان.
وخلافاً لنفي أبوظبي، اتجهت الحكومة اليمنية التي تدعمها السعودية والإمارات لخطوة أخرى عملية، للردّ على تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش"، حيث قامت بتشكيل لجنة تحقيق للنظر فيما وصفتها "ادعاءات حقوق الإنسان في المناطق المحررة".
وتألفت اللجنة من وزير العدل القاضي جمال عمر، رئيساً، وعضوية وكيل وزارة حقوق الإنسان، الوكيل المساعد لوزارة الداخلية لقطاع الأمن العام، وممثلين اثنين عن جهازي الأمن القومي والأمن السياسي (فرعي الاستخبارات) في اليمن.
وفي الوقت الذي من المقرر فيه، أن تسلّم اللجنة تقريرها للحكومة خلال أقل من أسبوعين، ذهبت أغلب تعليقات المحللين والناشطين اليمنيين، إلى التقليل من أي نتائج يمكن أن تتوصل إليها، لأسباب أبرزها ضعف الحكومة اليمنية، وعدم قدرة مسؤوليها على ممارسة مهامهم بشكل فعلي.
وكان التقرير الخاص بانتهاكات حقوق الإنسان، قد نقل شهادات لمسؤولين أمنيين وسجناء، تفيد بأنّ المسؤول الأول الذي تتلقّى منه الأوامر، قوات أمنية وعسكرية متهمة بانتهاكات، هو الإمارات التي تدير سجنين غير رسميين على الأقل، وتشرف على سجون أخرى، للقوات اليمنية المتحالفة معها.
ولاقى تقرير "هيومن رايتس ووتش"، استياءً واسعاً في الأوساط اليمنية، التي نددت بالانتهاكات، وركّزت على التصرفات الإماراتية عموماً في المناطق التي تُوصف بأنّها "محررة" من سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين) وحلفائها.
وترتبط الانتهاكات بشكل خاص، بقوتين أسستهما أبوظبي وتتبعانها إلى حد كبير، وهما قوات الحزام الأمني في عدن ومحيطها، وقوات النخبة الحضرمية، في الجزء الساحلي من حضرموت، جنوبي اليمن.
وكانت "أسوشييتد برس" قد كشفت في تحقيق الأسبوع الماضي، أن السجون الإماراتية السرية في جنوب اليمن تم إنشاؤها داخل قواعد عسكرية وموانئ ومطارات، وفلل خاصة، وحتى داخل ملهى ليلي.