يرتبط حزب التجمع اليمني للإصلاح، والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، بعلاقة جيدة، بدأت في أواخر تسعينيات القرن الماضي، حيث بدأ التقارب بين الحزبين بعد خروج حزب الإصلاح من المشاركة في الحكم وفقا لنتائج انتخابات العام 1997 البرلمانية.
ومثّل خروج حزب الاصلاح من السلطة فرصة لتقوية صف المعارضة باعتباره ثاني أكبر الأحزاب السياسية في البلاد، وتوج ذلك بتأسيس اللقاء المشترك مطلع عام 2003، كإطار جامع لمختلف أحزاب المعارضة، برغم التباين الأيديولوجي، وعاد معه بريق العديد من تلك الأحزاب، التي واجهت آلة قمع نظام المخلوع علي عبدالله صالح.
التوجه نحو التكتلات
ومؤخرا، ظهرت مواقف متباينة لدى بعض أعضاء الحزبين تجاه كثير من القضايا، وهو ما جعل الحاجة مُلحة إلى ضرورة توحيد المواقف، وقيام تكتلات، من شأنها أن تساعد في تجاوز كثير من تلك الخلافات، من أجل مواجهة الانقلاب، بعيدا عن المكاسب السياسية التي تسعى لها الأحزاب، وتؤثر بشكل أو بآخر على استكمال استعادة الدولة، نتيجة الخلافات التي تظهر بينها.
ومع عودة التحالف بين الحزب الاشتراكي والتنظيم الناصري، إثر المشاورات التي عقدها الحزبان في القاهرة، أواخر ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، وأوائل يناير/كانون الثاني الجاري، برز التساؤل عن مصير تكتل أحزاب اللقاء المشترك، وفسر بعض المحللين الأمر على أن التكتل موجه ضد حزب الإصلاح، فيما رأى آخرون أنه جاء كانفعال لحظي، بسبب الخلافات المحدودة بينهما والإصلاح، فقيادات الحزبين لم تتبنَ التكتل كتوجه رسمي.
التنظيم والاصطفاف الوطني
يقول عضو اللجنة المركزية بالتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، خالد طربوش، إن التنظيم ومنذ بداية الانقلاب الذي قام به الحوثيون، حرص على الاصطفاف الوطني لاستعادة الدولة المخطوفة.
ويذكر لـ"الموقع بوست" أن حزب الإصلاح جزء من التركيبة السياسية في اليمن، ولا خلاف حول مبدأ استعادة الدولة، وهو معيار التنظيم، الذي يقتربون أو يبتعدون وفقا له عن مختلف الأطراف.
وعن التراشق الإعلامي بين أعضاء الإصلاح والتنظيم الناصري، بيَّن أن الأمين العام للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري عبدالله نعمان، وجّه في بيان له، أعضاء التنظيم وأنصاره بعدم التعاطي مع أي طرف من أجل استعادة الدولة، وإنجاز النصر الذي ينتظره اليمنيون، وفق تعبيره.
ويشير طربوش إلى تبني التنظيم لخطاب ركز على ضرورة اتحاد كل القوى من أجل الوطن، وعودة الشرعية التي ستعود بها العملية السياسية، بشكلها المدني، في إطار دولة ضامنة لها، وإن حدث الاختلاف حينها سيكون تحت سقف مصلحة البلد.
الإصلاح والشراكات السياسية
ويؤكد نائب رئيس دائرة الإعلام بحزب التجمع اليمني للإصلاح، عدنان العديني، أن التوجهات الوطنية التي حكمت الإصلاح وهو في المشترك، مازالت هي الحاكمة للأداء السياسي الإصلاحي في موضوع الشراكات السياسية.
ويضيف في حديثه لـ"الموقع بوست" قائلاً "بل أستطيع القول إن هذا التوجه تعزز أكثر، فالإصلاح يرى أن البلد وحتى بعد الحرب، لا يمكن أن تدار من طرف واحد، بل إن حالة الشراكة ستكون هي المهيمنة، وبصيغة الديمقراطية التشاركية، على مرحلة تمتد لربع قرن".
ووفقا للعديني، فحزب الإصلاح يرى أن الموقف من الكهنوت الإمامي، والعمل المليشاوي، هو أساس أي عملية اختيار الشركاء، إضافة إلى الديمقراطية وحق الشعب في حكم نفسه.
وأشار العديني إلى أن حزب الإصلاح يعتبر أن الجمهورية وإرثها ومكتسباتها، أحد أهم أسس الشراكات القادمة، بالإضافة إلى تفعيل المجتمع، وتقوية دوره وتعزيز مركزه.
تحالفات من أجل المصلحة الوطنية
وينتقد بعض المتابعين الحديث عن مكاسب سياسية، قبل التخلص من الانقلاب، واستعادة الدولة، إذ لا أرضية صالحة لممارسة العمل السياسي في ظل غياب الدولة، خاصة بعد أن غابت الرؤية الوطنية عن كثير من الأحزاب اليمنية، فضلا عن وجود قوى ترفض الشراكة مع الانقلابيين، وتحديدا الحوثيين، مع استمرار بقائهم كميليشيات مسلحة.
ويرى المحلل السياسي محمد الغابري أن على الأحزاب الثلاثة (الإصلاح، والاشتراكي، والناصري) البحث عن صيغة جديدة تجمعها، إذ لايزال الرهان عليهم في المحافظة على النظام الجمهوري والوحدة.
ويذكر لـ"الموقع بوست" أن التحالف الثنائي بين الاشتراكي والناصري يؤكد عدم قربهما من الإصلاح، وهو ما لم يكن متوقعا في هذه المرحلة التي تعيشها اليمن، ويبعث رسائل سلبية بشأن علاقتهما بالإصلاح.
ويستطرد "يفترض أن يكون هناك قواسم مشتركة بين الإصلاح والناصري، خاصة في هذه المرحلة، فهما متفقان تماما في الأهداف الكبرى المتصلة بوحدة الدولة والنظام الجمهوري، لكن قد ينظر إليه بدون الاشتراكي على أنه شمالي، على الرغم من وجود الإصلاح على امتداد الأرض اليمنية".
ويطالب الغابري بضرورة أن يعيد الاشتراكي والناصري النظر في العلاقة مع الإصلاح، ويعملون مجتمعين على إيجاد صيغة جديدة لتكتل ثلاثي، مؤكدا أنه ليس من مصلحة البلد ولا أي طرف أن تبقى تلك الأحزاب الثلاثة متباعدة -على الأقل- في هذه المرحلة.
ويشير في ختام حديثه إلى أن "التحالفات الثنائية قد تكون غير مجدية، بعكس الثلاثية التي تُشكل الرافعة السياسية للسلطة الانتقالية، وهو مجديا في مرحلة استعادة الدولة، وهو مهم للغاية في هذه المرحلة أكثر من أي وقت آخر".