[ صياد يمني يحيك شبكته على ساحل المخا ]
يستعد مرفأ المخا اليمني التاريخي على ساحل البحر الأحمر لاستعادة نكهة القهوة اليمنية الشهيرة التي عرفت باسمه عالمًيا (موكا)٬ بعيدا عن نكهة البارود الذي أخفى هيبة المكان والتاريخ٬ وذلك بعد أن حوله الحوثيون وصالح إلى مرفأ عمليات تهريب الأسلحة الإيرانية عبر قوارب صيد٬ ومن ثم نقلها إلى المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات٬ حاملة السلاح والممنوعات والعناصر الإرهابية.
تقع المخا على بعد نحو 90 كيلومترا غرب مدينة تعز٬ على ساحل البحر الأحمر٬ ولا يتجاوز عدد سكانها 30 ألف نسمة تقريًبا٬ واكتسبت شهرة تاريخية لأنها كانت الميناء الذي يصدر البن اليمني الشهير ما بين القرنين الثاني عشر والسابع عشر٬ حينما كان الميناء مزدهرا٬ خاصة في عهد العثمانيين الذين كانوا يسيطرون على مناطق شاسعة من اليمن٬ وتحديدا في شمال وغرب البلاد.
وبحسب بعض الروايات التاريخية٬ فإن العثمانيين كانوا يفرضون على السفن أن ترسوا في ميناء المخا٬ من أجل جباية أموال مقابل عمليات الرسو٬ لكن في المجمل٬ فإن المخا ميناء يمني قديم وشهير٬ ولم تقتصر الأنشطة الاقتصادية فيه على تصدير البن٬ وإنما مختلف أنواع البضائع٬ وخاصة المواشي وعمليات التبادل التجاري التي كانت سائدة بين اليمن ودول القرن الأفريقي.
وطبقًا لرواية الرحالة جيرونيمو لوبو، الذي أبحر في البحر الأحمر عام 1625، كانت المخا مدينة صغيرة وذات شهرة ضيقة، لكن منذ أن سيطر العثمانيون على معظم أجزاء الجزيرة العربية أصبحت مدينة مهمة، رغم أنها لم تكن مكان إقامة الباشا الذي يبعد عنها مسيرة يومين٬ وتحديًدا في صنعاء.
وعرف اليمنيون البن منذ القدم حيث عرف باسم (Mocha Coffee)، نسبة لمرفأ المخا التاريخي٬ وتشير مصادر تاريخية إلى أنه تم شراء أول شحنة من قبل الهولنديين من ميناء المخا عام 1628، ومع ذلك، كان البرتغاليون هم أول من تعرف على القهوة اليمنية من الأوروبيين نظرا لغزوهم سواحلها الغربية.
وقد تزاوج الاقتصاد بالسياسية بالدين في مدينة المخا٬ فإلى جانب أنها ميناء إستراتيجي٬ فهي تضم معسكرات منذ مئات السنين٬ وكأي مدينة ساحلية تمتاز بطابع معماري خاص بها٬ وبطقوس شعبية ودينية متميزة٬ ففي هذه المدينة جامع الشاذلي٬ وهو أحد شيوخ الصوفية على الطريقة الشاذلية٬ وعلى بعد بضعة كيلومترات٬ من المدينة٬ توجد بلدة "يختل"٬ وبها مقام ومزار الشيخ الصوفي "ابن علوان".
وتصارع هذه المدينة٬ اليوم٬ للحصول على حريتها٬ بعد أن عاثت فيها الميليشيات الانقلابية فسادا٬ كما هو الحال مع بقية المدن اليمنية التي يسيطر عليها الانقلابيون.
فقد تعطلت الحياة الاقتصادية وتوقفت دورتها في المدينة والميناء٬ الذي يقع في منتصف الطريق٬ تقريبا٬ بين محافظتي الحديدة وتعز.
ورغم الاستغلال الاقتصادي الذي تعرضت له مدينة المخا٬ طوال ثلاثة عقود وأكثر من حكم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح٬ كمركز اقتصادي ومالي وميناء شهير٬ فإن المدينة لم تحصل على أبسط الرعاية الحكومية٬ في عهد صالح٬ على مستوى البنية التحتية والتحديث والتطوير لمؤسساتها المهمة وخاصة الميناء٬ إضافة إلى الإهمال المطلق الذي وجدته المدينة القديمة٬ حتى أن معظم بناياتها التاريخية صارت أثرا بعد عين.
والمخا٬ ليست مجرد مدينة تاريخية وميناء وحسب٬ فهي أيضا مدينة سياحية بامتياز٬ فلديها عدد من الشواطئ في المناطق المحيطة بها٬ وتتميز تلك الشواطئ بالمزارات الدينية والأدوية الزراعية وبأشجار النخل الباسقات التي يكثر انتشارها في تلك السواحل٬ كما هو الحال مع ساحل تهامة الغربي.