[ مسلح ]
تشهد المحافظات المحررة عمليات اغتيال ممنهجة، طالت رجال أمن، ومسؤولون في الدولة، وقيادات في بعض الأحزاب، وبعض قادة المقاومة الشعبية، و مدنيون عُزل.
نالت عدن النصيب الأكبر من تلك الاغتيالات، ودخلت إلى صفها -مؤخرا- محافظات اقتربت من التحرير الكامل، كمحافظتي شبوة ومأرب، فبدأت ترتفع وتيرة تصفية كثير من المسؤولين والفاعلين في المجتمع.
وقُيدت العشرات من الجرائم ضد مجهول، كان آخرها اغتيال مدير الأحوال المدنية والسجل المدني بمحافظة شبوة، العقيد محمد سالمين بن لشقم، يوم أمس الثلاثاء 17 يناير/كانون الثاني، وسبقها، قبل أيام، محاولة اغتيال فاشلة للفنان الكوميدي علي السعداني بمأرب، واغتيال نجل مدير الاستخبارات العسكرية بمأرب، أسامة مجاهد شعلان.
ويعيد إلى الأذهان مسلسل الاغتيالات، السيناريو المماثل الذي شهدته صنعاء، إبان رئاسة رئيس الوزراء الأسبق لحكومة الوفاق الوطني، محمد باسندوة، والتي استمرت منذ أواخر 2011، وحتى سقوط الدولة في سبتمبر/أيلول 2014، لكن تلك الجرائم الممنهجة توقفت بمجرد سيطرة الانقلابيين على العاصمة، وهو ما يضع علامة استفهام عن أسباب ذلك.
ويتهم عديد من المسؤولين والسياسيين اليمنيين، الانقلابيين بالوقوف وراء عمليات الاغتيال تلك، سعيا لإفشال مساعي الحكومة الشرعية في تطبيع الحياة في الأراضي المحررة، ولإعاقتها عن التقدم باتجاه صنعاء، واستعادة الدولة.
وظلت محافظة مأرب، التي تعد اليوم منطلقا للعمليات العسكرية التي ينفذها التحالف العربي في اليمن، بعيدة عن عمليات الاغتيالات مقارنة بمحافظات أخرى.
وتحولت مدينة مأرب الى حاضنة للآلاف من اليمنيين، الذين فروا إليها هروبا من جحيم المليشيا في بقية المدن.
الفوضى ورقة صالح والإرهابيون
وعن أسباب تنامي ظاهرة الاغتيالات في المناطق المحررة، يقول المحلل السياسي سمير الصلاحي إن حكم المخلوع علي عبدالله صالح لليمن ثلاثة عقود ونيف جعلت له"أذرعًا ومخالب كثيرة فيها".
ويذكر لـ"الموقع بوست" أن المخلوع صالح يستخدم الآن أدواته تلك للعمل على إقلاق الأمن والسكينة فيها، لتكون ورقة رابحة يستخدمها أمام المجتمع الدولي، لإثبات أن الشرعية عاجزة عن تحقيق الاستقرار في المناطق المحررة، وأنه حين خرج منها انتقلت إلى حضن الفوضى والإرهاب.
ويضيف "هناك الكثير من التنظيمات المتطرفة، التي كانت قد سيطرت على بعض المناطق والمحافظات، حتى جاءت قوات الشرعية وخلصت المجتمع منها، وهي تنتقم من ما تعرضت له من ضربات موجعة، وتحاول أن تحقق أي اختراق في جدار الشرعية، على أمل العودة من جديد".
ويؤكد الصلاحي في ختام حديثه أن من الطبيعي أن تتعرض اليمن لـ"هزات أمنية كثيرة"، كونها تعيش مرحلة انتقالية، وعاشت حربا مدمرة مع عدو عنصري لا مبادئ عنده أو قيم، ولا يتورع عن ارتكاب الجريمة في أي وقت وزمان، طالما وهي تحقق له بعض أهدافه.
أدوات الانقلابيين
من جانبه، يرى الناشط السياسي محمد المقبلي أنه لا يمكن تفسير ظاهرة الاغتيالات بمعزل عن الإرهاب والجريمة السياسية المنظمة في اليمن، والتي كانت ملازمة للدولة التي تخلق نظامها السياسي من خارج بيئة النظام السابق.
ويوضح في حديثه لـ"الموقع بوست" أن العمليات الإرهابية هي إحدى أدوات الانقلاب والثورة المضادة، كونها حدثت مع انتقال مشروع الدولة من صنعاء إلى مأرب أو عدن.
وشدد المقبلي على ضرورة اليقظة الأمنية والاستخباراتية رفيعة المستوى من قِبل القوات الشرعية، والتي يجب أن تكون بعيدة عن بيئة النظام السياسي الذي أطاحت به الثورة الشبابية.
وتقلصت حدة الاغتيالات في العاصمة المؤقتة عدن بشكل ملحوظ، مع عودة الدولة، واستقرار الحكومة هناك، وكذا نشاط الأجهزة الأمنية التي تمكنت من القبض على عشرات المتهمين بالضلوع في تلك الجرائم.