[ نجلاء العمري ]
تبحر الكاتبة والروائية اليمنية نجلاء العمري في روايتها الجديدة الموسومة بـ(مراكب الضوء) في تفاصيل المشاعر الإنسانية بشأن الحب والحنين والفقد والموت وتبحث من خلالها عن منبع للضوء والحرية.
وتقول الكاتبة عن روايتها، الصادرة عن دار “كنوز المعرفة العلمية للنشر والتوزيع”، في العاصمة الأردنية عمان أن عملها السردي إنما هو روايتان لذاكرة واحدة، عميقة ونابضة لم ولن تشيخ؛ ذاكرة الحب والتوق والموت والحزن والتفاصيل الصغيرة المحفورة كلغة سريالية قديمة تندثر فيها الأبنية لتبقى الأحرف منقوشة كالوشم، حافلة بالحكايا والوجع.
وترصد هذه الرواية، التي تتألف من 130 صفحة، ركض فتاة خلف معنى مختلف للحياة لكنها تفقد في رحلة البحث تفاصيل أخرى، فتكتشف الظمأ لأشياء لا ندرك أهميتها إلا بعد فقدانها. لنبتدئ بها رحلة العذاب والتخلق، وتحملك أجواء الرواية إلى أوجاع نفسك المختبئة.
تقول الكاتبة “كتبت رواية مراكب الضوء في عام 2005 وكانت إرهاصات نفسية عميقة لعدة تجارب ترتبط بفلسفة الموت والحياة تبلورت على إثر وفاة والدي رحمه الله، حيث بدا الموت صاخبا وموجعا. وظهرت تفاصيله الجارحة في كل مناحي الحياة”.
والكتاب عبارة عن روايتين وهما “مراكب الضوء” و”ذاكرة لا تشيخ”، وفي كلا الروايتين نجد تسليطا قويا للضوء على مشكلات اجتماعية موجعة تتعرض لها النساء تحديدا، كل ذلك عبر تكثيف للغة والمشاعر الإنسانية العميقة.
وتسجل نجلاء العمري حضورها في المشهد الإبداعي اليمني منذ منتصف تسعينات القرن الماضي من خلال كتاباتها الصحافية في مختلف المنابر الإعلامية المحلية وكتاباتها الإبداعية، إذ صدرت لها عام 2001 مجموعة قصصية حملت اسم “أوجاع بنكهة الليمون”.
وصدرت لها عام 2002 رواية حملت اسم “ذاكرة لا تشيخ”، وفازت بجائزة مؤسسة العفيف اليمنية، وفي عام 2007 أصدرت مجموعة قصصية بعنوان “قلبك يا صديقي”.
في هذا الحوار القصير تتحدث العمري عن بداية حياتها الادبية ومشوارها المهني.
تكتبين الشعر والقصة القصيرة والرواية، حدثينا عن بداياتك وكيف كان مشوارك الأدبي؟
بدأت الكتابة في وقت المبكر في الصف السادس تقريبا، وكانت رئة جديده خلقت لي لأتنفس؛ فالكتابة فضاءا رحبا تستطيع من خلاله ان تعيش عوالما أخرى، وأن تعبر عن مكنونات نفسك التي قد لا تستطيع ان تبوح بها لأحد، و شيئاً فشيئاً تصبح الكتابة جزء لا يتجزأ من ذاتك ويصبح القلم اصبعك السادسة.
والبدايات غالباً ما تكون خواطر وأفكار منثورة ثم يتخلق لديك احساس عميق بالأشياء وتتغلغل روحك بصمت حتى تصبح فمها الذي ينطق وعينها الى تنظر، ثم تنثر ذاتك بين الأشياء فتتوحد بالكون دفعة واحده ويصبح الكاتب صوت الوجود العميق.
ما الذي دفعك نحو كتابة القصة القصيرة ؟
حول توجهي نحو القصة القصيرة قصة قصيرة أيضا، إذ ذات يوم وجدت قصاصة من صحيفه ملقاة على الأرض وكان فيها قصة قصيره لكاتب لم يظهر اسمه في تلك القصاص وكانت قصة أكثر من قصيرة لكنها سحرتني وأدهشتني ورحت أبحث عن الكاتب حتى اكتشفت انه رائد القصة القصيرة الكاتب الروسي تشيخوف وكانت أجمل صدفة حملتني إلى هذه العوالم الخلاقة والفن الجميل.
عادة ما يسأل من هو هذا البطل، ومن هي هذه البطلة، وكتب توماس مان، الأديب الألماني المقاوم للنازية، حول موضوع البطل والمؤلف، والخلط بينهما قائلاً: “ إحذروا هذا التأويل، إحذروا مثل هذه الفضائح، في أسئلتكم .. كيف ترين ذلك ؟
هذا ما يحدث فعلا حيث كثيراً ما يخلط القارئ بين المؤلف وأبطال رواياته، ودائما يعتقد أن الكاتب يكشف أجزاء من نفسه أو من حياته وهذا كثيراً ما يعيق الكاتب عن الكتابة الحرة بدون قيود وخاصة عندما تكتب المرأة، إذ غالباً ما يسلط الضوء على حياتها الشخصية ! ويحاول البعض التلصص على خصوصياتها.
وهذا كما يظلم الكاتب يظلم الكتاب أيضا الذي لا يحصل على القراءة المرتكزة على جوهر النص وأبعاده الأعمق.