[ اقتصاديون : أهم المصادر التمويلية التي ما تزال تحت سيطرة الانقلابيين "شركتي الغاز والنفط" و "إدارة البنوك الحكومية" ]
يتفنن الانقلابيون بابتكار مصادر تمويل جديد لتغذية حروبهم الداخلية تحت مسميات مختلفة، بالإضافة إلى استغلال مؤسسات الدولة الإيرادية الخاضعة لسيطرتهم.
فبالإضافة إلى فرض الإتاوات من الشركات والمحلات التجارية والاستقطاع من رواتب الموظفين تحت اسم التبرع للمجهود الحربي تارة، وللبنك المركزي تارة أخرى، برع الانقلابيون في خلق "سوق سوداء" لبيع النفط والغاز بأسعار مضاعفة، بعد إعدامه في المحطات وأسواقه الرسمية.
وتشير إحصائية، ناتجة عن دراسة اقتصادية قام بها باحثون، إلى وجود قرابة 700 سوقا سوداء ونقطة بيع للمشتقات النفطية في العاصمة صنعاء فقط، فضلا عن باقي المحافظات الخاضعة كليا أو جزئيا لسيطرتهم.
كما رجحت أن أرباح الميليشيات من مادة "البنزين" فقط تزيد عن مليون دولار يوميا، وهو المبلغ الذي يمثل فارق السعر الرسمي الذي تم تحديده لهذه المادة.
أما فيما يتعلق بالغاز المنزلي، والمحدد قيمة القنينة الواحدة 1200 ريال، أي ما يعادل 5 دولارات، فإن السوق السوداء التابعة للانقلاب تبيع القنينة للمواطن بمتوسط 4000- 5000 ريال، وأحياناً يقومون بإخفائه وافتعال أزمات، ليتم إخراجه وبيعه بأسعار مضاعفة.
وقال "اقتصاديون" إن تجفيف مصادر التمويل الحكومية، على أقل تقدير، أمر مهم للغاية، ويجب أن لا يتوقف عند نقل البنك المركزي وإيرادات الغاز المسال، لمحاصرة الانقلابيين اقتصاديا.
وكانت الحكومة الشرعية قد اتخذت الشهر الماضي قرارا قضى بتعيين محافظا للبنك المركزي، مع نقله إلى العاصمة المؤقتة "عدن"، كما وجهت مؤخرا شركة الغاز المسال لتوريد عائدات الغاز إلى البنك المركزي في مأرب.
ويرى مهتمون بالشأن الاقتصادي إن خطوات مماثلة يجب أن تلحق تلك القرارات، لتشمل ميناء الحديدة والبنوك والمصارف وشركات الاتصالات، وصناديق التأمين، لاستكمال محاصرة الانقلاب.
حسابات بنكية حكومية
المستشار الاقتصادي والقانوني "عبدالكريم سلام" يرى أن "الضرائب بأنواعها المختلفة، فارق مبيعات المشتقات النفطية، الرسوم الجمركية، وعائدات الجمارك في المنافذ الخاضعة لسيطرة الانقلابين، تعد من أهم مصادر تمويل المليشيات".
وأضاف "سلام" في حديث لموقع "الموقع بوست":آ لقد شرع الانقلابيون أيضا بجمركة السيارات والمركبات، التي داخل البلاد، فضلا عن رسوم الخدمات والواجبات الزكوية، وعائدات المؤسسات الخدمية، أضف إلى ذلك الجبايات التعسفية التي يفرضونها على التجار والصناع وأرباب العمل بالقوة القهرية تحت مسمى دعم المجهود الحربي".
وتابع: "الحسابات البنكية للجهات الحكوميةآ في المصارف لأن تلك المؤسسات الحكومية خاضعة لموالين لهم يمكن التصرف بأرصدتها تحتآ مسميات مختلفة كغطاء قانوني فيما هي تذهب للأغراض غير المخصصة لها مستفيدين من تعليق أعمال الأجهزة والإجراءات المحاسبية المتعارف عليها في الظروف العادية".
تجفيف منابع التمويل
"هناك العديد من مصادر التمويل لا تزال بإيدي الانقلابيين، كضرائبآ كبارآ المكلفين، مراكزهمآ التجارية، بعضآ من ضرائبآ القات، والواجباتآ في المناطقآ التيآ تحتآ سيطرتهم".
وقال الدكتور "محمد قحطان" أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز إن رسومآ المعاملات كالرخص والإصداراتآ للوثائقآ الرسمية، وجماركآ البضائعآ التيآ تدخلآ عبرآ ميناءآ الحديدة، تعد من أهم المصادر التي تدر الأموال لسلطة الانقلاب".
وأضاف "قحطان" في تصريح ل "الموقع بوست": "كما لا نغفل عوائد المشروعات العامة التي مركزها فيآ صنعاء، مثل شركة الاتصالات وكذا الرسومآ المفروضة على الشركات الخاصة، فضلا عن رسومآ وضرائب المحلات التجارية والأسواق المنتشرةآ
في مختلف المحافظات الخاضعة لسلطة الانقلاب، وكذا ضرائب الدخل ومختلف أنواع رسوم الخدمات".
وتابع: بالإضافة إلى ذلك، فقد فرضت المليشيات طرق جديدة للدخل عبر الإتاوات على المحلاتآ التحارية ورجال الأعمال، تحتآ مبرآ دعم المجهودآ الحربي، علاوة على ذلك، عوائد المتاجرة بالمشتقات النفطية والغاز، كنا لا ننسى الأموالآ التي تتدفق من الخارج كدعم طائفي نصرة للمليشيات".
وأردف: "بالإمكان تجفيف هذه المنابع عبر تهيئةآ العاصمة المؤقت عدن، أمنيا وإداريا وبالبنيةآ الأساسية التي أهمها الكهرباء والماء وشركةآ اتصالات مركزها عدن، مع نقل مراكز المؤسساتآ آ والمشروعات العامة من صنعاء إلى عدن".
واستطرد: "إقفال الموانئ والمطارات الخاضعة لسيطرة الانقلاب، والعمل على نقل مراكز البنوك إلى العاصمة المؤقتة، وتيسير الحركة التجارية مع مختلف محافظات الجمهورية، كما لا يجب التغاضي عن إحكام السيطرة على البحار والسواحل وإقفالآ جميع منافذالمساحات الجغرافية الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين، ولاشك أن حدوث ذلك متوقفآ على قدرة عالية تتطلبها الحكومة الشرعية".
قطاعات إيرادية بقبضة الانقلابيين
"من أهم المصادر التي ينبغي على الحكومة البدء بها بعد "نقل المركزي" ومنع إيرادات الغاز المنزلي والمسال، تحويل طرق الملاحة من الحديدة إلى عدن وحضرموت، لاستكمال حصار المليشيات الانقلابية".
وقال "محمد الجماعي" الصحفي المختص بالشؤون الاقتصادية: "كما ينبغي على الحكومة مراعاة وضع المواطنين في المحافظات التي يسيطر عليها الانقلابيون، لأن الحصار سيكون شماعة يعلقون عليها كل أعمالهم الابتزازية، مثلما يجري الآن في صنعاء من فرض التبرعات (إجباريا) في المدارس، المساجد، شركات الصرافة، وغيرها، تحت مسمى دعم البنك المركزي".
وأضاف "الجماعي" في حديث خاص للموقع بوست: إيرادات "ميناء الحديدة" تزيد عن 10 مليارات ريال شهريا، وتحويل هذا المورد لصالح الحكومة سيشكل عبئا كبيرا على الانقلابيين، ويفتح الباب واسعا أمام التجار لتوسيع شراكاتهم وأسواقهم من خلال ربطهم بالعاصمة التجارية والاقتصادية وحاليا السياسية عدن".
وتابع: "كما أن من أهم المصادر التمويلية التي ما تزال تحت سيطرة الانقلابيين "شركتي الغاز والنفط" و "إدارة البنوك الحكومية" كالإنشاء والتعمير، كاك بنك، بنك الإسكان، والمؤسسة الاقتصادية بأذرعها الكبيرة مثل شركة الأدوية (يدكو)، وكذلك ما تبقى من المؤسسات الإيرادية التابعة لوزارة النقل والأوقاف والتامينات".