بعد فشل مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ، بالحصول على موافقة الشرعية والانقلابيين، على خارطته التي سلمها للوفدين منذ أيام، وأثارت الكثير من الجدل؛ لقفزها على مرجعيات المشاورات، وعلى رأسها قرار 2216، أُثيرت العديد من التساؤلات حول مستقبل الخارطة الأممية للسلام في اليمن.
وعلى إثر ذلك عقد مجلس الأمن، يوم الاثنين 31 أكتوبر/تشرين الأول، جلسة لمناقشة آخر المستجدات المتعلقة بالأزمة اليمنية، أعرب خلالها أعضاء المجلس عن دعمهم لخارطة السلام التي قدمها "ولد الشيخ".
وفي ظل استمرار تعنت وفد الانقلابيين، وعدم امتثالهم للشرعية الدولية، قال مندوب بريطانيا الدائم لدى الأمم المتحدة ماثيو رايكروفت، إنه يشعر بخيبة الأمل، بسبب تحدي الحوثيين والرئيس السابق علي عبدالله صالح، لقرار مجلس الأمن 2216، وكذا الرفض العلني من قِبل الرئيس هادي لخارطة الطريق.
وأمام المنعطف الحاد الذي تواجهه الأزمة اليمنية، هناك ثلاثة سيناريوهات متوقعة سيرفع عنها الستار خلال الأيام القليلة القادمة، فإما أن يخرج مجلس الأمن برؤية جديدة، أو يقوم بالتعديل على رؤية ولد الشيخ بما يتلاءم مع وجهة نظر وفدي المشاورات (الشرعية والانقلابيين) تمهيدا للمباحثات، أما السيناريو الأخير فيكون بفرض الخارطة الأممية.
فما سيكون موقف دول التحالف العربي وتحديدا المملكة العربية السعودية، التي تدعم الشرعية في البلاد؟ وهل يمكن أن تتخلى عن الرئيس عبدربه منصور هادي، الذي تزيحه الخارطة؟.
موقف غير واضح
ولم يصدر حتى الآن موقف رسمي من قبِل السعودية حول الخارطة الأممية، لكن سفير المملكة لدى اليمن، محمد بن سعيد آل جابر، أشار خلال لقاءه الثلاثاء، 1 نوفمبر/تشرين ثاني، برئيس الوزراء، أحمد عبيد بن دغر، إلى أن أمن اليمن هو من أمن المنطقة، وأن قيادة البلدين سوف تواصل جهودها المشتركة سوية من أجل الوصول إلى سلام عادل وشامل في اليمن، إضافة إلى تأكيده على استمرار دعم المملكة للشرعية وللشعب اليمني لمواجهة الانقلاب، وهو ما يمكن اعتباره رسالة طمأنه للحكومة اليمنية من أن المملكة لن تتخلى عن اليمن تحت أي ظرف.
إلا أن مراقبين يعتقدون أن هناك تيارا داخل المملكة يرى أن ما قدمه ولد الشيخ، يشكل أرضية للنقاش، خاصة في ظل تركيز بعض بنود الديباجة على نقل الانقلابيين جميع راجمات الصواريخ البالستية إلى طرف ثالث، وانسحابهم من الحدود السعودية اليمنية، إلى مسافة 30 كم، من الحدود، من أجل تجنب وقوع أي هجوم مستقبلي على الأراضي السعودية.
وهو ما أكده الكاتب السعودي المعروف عبدالرحمن الراشد في مقال له، قال فيه إن خطة السلام التي طرحها ولد الشيخ، تستحق التأمل بإيجابية، وفيها الكثير من الأفكار التي تستحق التفاوض على تفاصيلها.
ورأى أن" الحكومة الشرعية تعجلت ورفضت فوراً مبادرة السلام٬ واعتبرتها مكافأة للانقلابيين"، موضحا أن" اعتراضها ضد تعيين نائب رئيس للجمهورية تنقل له معظم صلاحيات الرئيس".
وأضاف الكاتب السعودي: "إذا كان الرئيس هادي يستطيع أن يفرض حلاً بالقوة أو بالتراضي٬ من المؤكد أننا سنرحب به وندعمه٬ لكننا نعرف أنه لا يستطيع أن يفرض حله الذي يناسبه٬ ومثله الانقلابيون لا يستطيعون أن يفرضوا سلطتهم على الدولة رغم أنهم يحكمون صنعاء".
وكان سفير اليمن لدى بريطانيا والسياسي المعروف ياسين سعيد نعمان قد كتب هو الآخر مقالا أكد فيه أن ما يحتاجه اليمن، هو تسوية تنهي وإلى الأبد ظاهرة تأسيس الأنظمة المسلحة الموازية للدولة، سواء بهويات طائفية أو غيرها، وكذا تجفيف منابع المليشيات التي تستطيع أن تنقض على الدولة في أي لحظة، واستيعاب الجميع ضمن مشروع بناء الدولة الوطنية دولة المواطنة والقانون، وإعادة هيكلة الدولة بما يتوافق وحق الشعب في تقرير خياراته السياسية، وتطبيق صارم لقانون العدالة الانتقالية، والتزام بإعادة إعمار اليمن وتعويض المتضررين، مع علاقة استراتيجية شاملة أمنية وسياسية واقتصادية مع محيطها العربي.
يشار إلى أن مندوب اليمن الدائم في الأمم المتحدة خالد اليماني، أكد يوم أمس الاثنين في الجلسة التي عقدت في مجلس الأمن، أن" السيادة اليمنية اليوم تتمثل في مؤسسة الرئاسة والتي لا يمكن المساس بها باعتبارها المسؤولة والضامنة لاستكمال عملية الانتقال السياسي في اليمن وفق المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني ولاستكمال تقديم مشروع الدستور الاتحادي الجديد والانتقال اللاحق لتنفيذ الاستحقاقات الانتخابية".
ابتزاز إيراني للسعودية
وعلى هذا الصعيد يقول الصحافي والمحلل السياسي رشاد الشرعبي، إن بقاء جماعة الحوثي كقوة مسلحة ومسيطرة على جزء من شمال اليمن، وربما عاصمته، سيشكل تهديدا للمملكة العربية السعودية، والأمن القومي العربي؛ كون هذه الجماعة هي إحدى أدوات إيران العسكرية والسياسية في المنطقة.
واستبعد في تصريحه لـ(الموقع بوست) أن توافق السعودية على خارطة ولد الشيخ، لأن إيران ستظل تبتز المملكة عبر الحوثيين، وستفتح الطريق للأقليات الأخرى، لتتحرك بشكل طائفي يضر بالمنطقة.
وأشار "الشرعبي" إلى أن السبب فيما وصلت إليه الأمور في اليمن، هو بسبب الانقلاب، واختطاف مؤسسات الدولة، وفرض خيار مجموعة طائفية بقوة السلاح، مؤكدا أن أي تجاوز للأمر هذا، لن يحل السلام في البلاد، ولن يوفر الأمن والاستقرار للبلد والمنطقة، وربما الملاحة الدولية في منطقة البحر الأحمر، خاصة مضيق باب المندب.
وعن إمكانية فرض مجلس الأمن لخارطة ولد الشيخ، أكد المحلل السياسي، أن من الصعب أن يفرض المجلس خارطة تنسف شرعية السلطة القائمة، وتشرعن لانقلاب أضر باليمن وشعبه وجيرانه، خاصة في ظل عجز المجلس عن تنفيذ قرار 2216.
الضغط من قِبل الشرعية
إلى ذلك يرى المحلل السياسي محمد المهدي أن على الشرعية العمل على الأرض، واستمرار تحرير المناطق باتجاه صنعاء وتعز، للضغط على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحيلولة دون فرض الخارطة الأممية، وبالتالي العمل على إعادة صياغة الخطة وفقا للمرجعيات.
ويعتقد في حديثه لـ(الموقع بوست) أن خارطة ولد الشيخ التي تنسجم مع المصالح الدولية، ومع حلف الممانعة التابع لإيران، لا تلتفت لمصالح الشعب اليمني، واعتمدت على خلق أعلى نسبة تخويف لدى الشرعية، لترضى بما هو أدنى قليلا مما تريد، حد قوله.
ويؤكد "المهدي" أن السعودية، لا يمكن أن تتخلى عن الرئيس عبدربه منصور هادي، إلا في حاله وجود بديل غير مرتهن لإيران، لأن التجربة اللبنانية واضحة للمملكة، واليمن ليست بعيدة عن ما يدور في المنطقة سواء في العراق أو سوريا.