[ تتحدث اوساط سياسية ان المبادرة المسربة خرجت وفق اتفاق اللجنة الرباعية ]
يدخل الملف اليمني طورا جديدا من التعقيدات وسط انسداد في الحلول السياسية والميدانية، وفشل الترقيعات في حسم الأزمة المتأرجحة بين مفاوضات السياسة، و لهيب الحرب منذ اكثر من عامين.
وفجرت مسودة حلول للمبعوث الاممي الى اليمن اسماعيل ولد الشيخ احمد حزمة من المواقف المتتابعة منذ إزاحة الستار عنها يوم أمس.
وتذهب تلك المسودة التي سربتها قيادات تابعة لمليشيا الحوثي في صنعاء الى الاطاحة بالرئيس هادي ونائبه، وتعيين نائب يتم التوافق عليه من جميع الاطراف، ويتولى مهمة تشكيل حكومة جديدة وفق آلية مزمنة لترتيب الوضع في اليمن.
وبعيدا عن الخوض في تفاصيل تلك الخطة ومدى صحتها، إلا أن المواقف التي تلتها تشير الى وجود تحركات تنطلق من حالة التوجس إزاء تلك الخطة، وبما ينذر بوجود حالة تصدي مناوئة تسبق اقرارها او دخولها حيز التنفيذ.
فخلال الساعات الماضية توالت بيانات التأييد والمساندة من قبل مسؤولي السلطة المحلية في المحافظات التابعة للشرعية للرئيس هادي والحكومة، بما يشبه حالة الاستنفار، وتبع ذلك اعلان تأييد ومباركة من قبل قيادة الجيش الوطني، التي طالبت بالتمسك بالمرجعيات الثلاث، ورفض أي حلول خارج إطارها.
المسودة الأممية ذهبت الى مناحي بعيدة عن متطلبات المرحلة القائمة، ولم تلامس حتى قشور المشكلة القائمة في اليمن، ناهيك عن جذورها المتشعبة والمتشابكة والمتقاطعة في آن واحد.
من ناحية الشكل العام للمسودة فهي ذاتها التي تحدث عنها وزير الخارجية الامريكي جون كيري، وسبق ان سربتها البي بي سي سابقاً، وقدم السفير البريطاني في الرياض اعتذاره للرئيس هادي بعد نشر تلك المبادرة.
وتتحدث اوساط سياسية ان المبادرة خرجت وفق اتفاق اللجنة الرباعية (السعودية، الامارات، امريكا، بريطانيا)، وهي الاطراف الممسكة بالملف اليمني بكل تفاصيله.
بالنسبة للمبعوث الاممي فلم يكشف بعد عن تلك المسودة بشكل رسمي، وأكتفى بالقول أنه حمل معه مبادرة تحظى بدعم لا مثيل له من قبل العالم، داعيا الى تفعيل الأطر السياسية للحل في اليمن، وعدم المضي أكثر باتجاه الحرب.
على صعيد المواقف من تلك المبادرة فلم تعلن أي دولة موقفها منها، سواء سلباً او ايجاباً، باستثناء دولة الامارات العربية المتحدة، التي أعلن وزير دولتها انور قرقاش تأييده لتلك الخطة، مستبقا حتى وصولها للشرعية، التي نفى رئيس الوزراء فيها احمد عبيد بن دغر علم حكومته بأي تسوية او مشروع اتفاق من قبل المبعوث الاممي.
بالنسبة للحكومة الشرعية ايضا فقد اتخذت العديد من الخطوات التي عكست هبتها للحفاظ على ما تبقى من كيان، فإضافة الى تلك البيانات المؤيدة والالتفاف الواسع حولها، بدأت التحرك في خطوات نحو الأمام، وهو ما اتضح في حديث نائب رئيس الجمهورية الفريق الركن علي محسن الاحمر الذي أعلن أنه كان من المؤسسين لحزب المؤتمر الشعبي العام، معلناً عن تنيط عضويته في الحزب.
هذه الخطوة ربما هدفت الى استباق ترتيب الوضع المستقبلي بالنسبة للرجل، ومن خلفه رجال المؤتمر الشعبي العام الموالين للشرعية، بعيدا عن المخلوع صالح، كما تهدف الى إحياء روح الرجل بإعتباره رجل سياسي قبل أن يكون رجلا عسكريا.
ويرى مراقبون أن ما يجري حالياً يأتي انعكاسا لأزمة لم تتضح بعد يجري الاعداد لها في دهاليز المفاوضات، والتسويات، وبدت مجسدة في مسودة المبعوث الاممي.
وسبق تلك المسودة بيانات سياسية ربما تصب في صالح تسوية الملعب امام تلك المبادرة، من خلال الدعوة لإيقاف الحرب في اليمن، واعتبارها محصورة بين طرفين متصارعين، دون النظر الى مسبباتها الاصلية ممثلة بالإنقلاب وتداعياته، وحالة الفرز التي احدثها بين انقلاب على الشرعية والارادة اليمنية، وبين شرعية واضحة مدعومة بقرارات اممية.
أمام هذا كله ثمة مباحثات سياسية نشطة بين الجانب الحكومي والجانب الروسي، بعد مباحثات مسبقة مع الجانب الامريكي، لم تتضح نتائجها وهويتها بعد، لكن في المقابل هناك مقاومة ملتهبة في كل الجبهات، وجيش وطني يقاتل.