تشهد السعودية هذه الأيام ظروفا جوية قاسية تمثلت في سيول جارفة، وضباب كثيف، وزخات برد، بالإضافة إلى ظهور ظاهرة "الشاهقة المائية" بشكل غير مسبوق على الشواطئ الغربية للبلاد، بعد أن كانت في السنوات الماضية تقتصر على عرض البحر.
يأتي ذلك في ظل استمرار تحذيرات المركز الوطني للأرصاد بشأن تقلبات مناخية تُعد من أشد درجات الخطورة في بعض المناطق خلال الساعات القادمة، وفق ما رصدته "الأناضول"، الثلاثاء.
** استمرار الطقس الممطر
وأطلق المركز خلال الساعات الأخيرة تحذيرات بألوان متعددة تعكس تفاوت مستوى الخطورة خلال الساعات المقبلة، بدءا من اللون الأصفر، مرورا بالبرتقالي، وصولا إلى الأحمر الذي يمثل الدرجة القصوى.
فقد طالت التحذيرات باللون الأصفر مناطق مثل الرياض (وسط) وعسير وجازان (جنوب غرب). ويدل هذا التحذير على وجود حالة جوية تحتاج إلى الانتباه لكنها ليست خطيرة جدا.
بينما ذهبت التحذيرات باللون البرتقالي إلى منطقتي الباحة والحدود الشمالية (شمال). ويشير ذلك إلى وجود حالة جوية خطرة قد تؤثر بشكل مباشر على الحياة أو الممتلكات.
أما التحذيرات باللون الأحمر فكانت من نصيب منطقتي مكة المكرمة (غرب) والشرقية (شرق)، ما يعني أنهما معرضتان لحالة جوية شديدة الخطورة وقد تكون مهددة للحياة والممتلكات.
وتتضمن التحذيرات ذات اللون الأحمر تقديرات بجريان سيول، وحدوث صواعق رعدية، وتشكل ضباب متوسط وكثيف، يصاحبه تراجع كبير في مدى الرؤية، ورياح شديدة السرعة، وارتفاع كبير للأمواج.
** سيول جارفة
وتأتي هذه التحذيرات غداة طقس صعب خاصة في منطقة مكة المكرمة، الاثنين، الذي رافقته أمطار غزيرة أدت إلى تشكل سيول جارفة رصدتها عدسات ناشطون إعلاميون على منصات التواصل الاجتماعي.
ويُعد تشكّل السيول أمرا متكررا في مكة المكرمة خلال فصل الشتاء، نظرا لطبيعتها الجغرافية كمدينة تقع في واد محاط بالجبال من جميع الجهات، ما يسهم في تجمّع مياه الأمطار وجريانها بشكل سريع نحو المناطق المنخفضة.
وفي هذا الصدد، ذكرت وزارة البيئة والمياه والزراعة في تقريرها اليومي حول كميات هطول الأمطار في مناطق المملكة كافة، إن 136 محطة رصد هيدرولوجي ومناخي سجّلت منذ صباح الاثنين وحتى صباح الثلاثاء، هطول أمطار بمناطق الرياض ومكة المكرمة والمدينة المنورة والقصيم والشرقية وحائل والحدود الشمالية والباحة والجوف.
وأوضحت الوزارة أن مناطق بمدينة مكة المكرمة شهدت أعلى معدل لكميات هطول الأمطار على مستوى المملكة، والتي تراوحت بين 89 ملم لكل متر مكعب في منى، ثم الغزة بـ67.7 ملم، ثم أجياد بـ64.6 ملم.
** جهود كبيرة
من جانبها، تواصل أمانة مكة المكرمة تنفيذ خططها للتعامل مع تداعيات الحالة المطرية التي شهدتها المدينة الاثنين، بما يشمل جهود مستمرة على مدار الساعة لمعالجة المواقع المتأثرة وضمان سلامة السكان وانسيابية الحركة في الطرق العامة، وفق ما نقلته وكالة الأنباء السعودية.
ولفتت الوكالة إلى أنه "تمّ شفط تجمعات المياه وإزالة الأتربة من الطرقات وتنظيف فتحات تصريف مياه الأمطار، لضمان انسيابية تدفق مياه السيول دون عوائق".
وضمن توقعات الساعات المقبلة، أشارت الوكالة إلى "تحذيرات بهطول أمطار رعدية متوسطة إلى غزيرة تؤدي إلى جريان السيول مصحوبة بزخات من البرد (الثلج) على مناطق عسير والباحة ومكة المكرمة".
كما حذرت من "تكون الضباب وهطول أمطار رعدية على العاصمة الرياض، ومناطق القصيم (وسط) والشرقية وجازان".
ولفتت إلى أن "درجات الحرارة تواصل انخفاضها مع وجود فرصة لتكون الصقيع على الأجزاء الشمالية للمملكة".
فيما أشارت قناة "الإخبارية" السعودية الرسمية، مساء الثلاثاء، إلى "استمرار هطل الأمطار على منطقتي الرياض والشرقية والمرتفعات الجنوبية وتسجيل درجات حرارة صفرية على الأجزاء الشمالية خلال اليومين القادمين".
** توخي الحيطة
وضمن جهود السلطات في المملكة للتعامل مع هذه الأجواء المناخية الصعبة، دعا الدفاع المدني السعودية عبر منشورات الثلاثاء بمنصة إكس، المواطنين إلى توخي الحيطة واتباع الإرشادات إثر الحالة المناخية التي تشهدها أجزاء من المنطقة الشرقية.
وأشار إلى المنطقة الشرقية بالبلاد تشهد إنذار أحمرا يتضمن توقعات بأمطار غزيرة وفق ما صدر عن المركز الوطني للأرصاد بالبلاد.
كما دعا الدفاع المدني المواطنين إلى الابتعاد عن الأودية وتجمعات المياه.
وشدد على أهمية اتباع إرشادات السلامة أثناء القيام بالرحلات البرية، كاختيار الأماكن الآمنة والمناسبة، ونصب الخيام بعيدا عن الأودية والشعاب والمناطق المنخفضة مع ضرورة إبلاغ الأهل بالوجهة المقصودة وتوقيت العودة.
وشدد كذلك على أهمية متابعة الأطفال وعدم تركهم وحدهم حول مناطق تجمعات المياه والسيول والمسـتنقعـات المائية وعدم السباحة فيها، كونها أماكن غير مناسبة لذلك وتشكل خطورة.
** ظاهرة فريدة
وبخلاف تلك الأمطار التي تشهدها المملكة، شهدت منطقة غربي السعودية "شاهقة مائية" بطريقة غير مسبوقة في تاريخ تلك الظاهرة المناخية بالبلاد.
وقال المتحدث الرسمي للمركز الوطني للأرصاد السعودي، حسين القحطاني، منشور عبر منصة إكس الاثنين، إن "شاهقة (منطقة) رابغ هي الأقوى ولامست الشاطئ لأول مرة، وساهمت في ارتفاع الأمواج".
وأكد أن "إدارة البحث والتطوير بالمركز ستعمل على دراسة هذه الحالة الخاصة".
وفي مداخلة هاتفية مع إعلام سعودي، تابعها مراسل الأناضول، أوضح القحطاني، أن "تلك الشاهقة المائية ليست بغريبة على شواطئ المملكة خاصة وقد سجلناها في أكثر من مكان السنوات الماضية".
واستدرك قائلا: "لكن هذه الحالة استثنائية لقد اقتربت من الشاطئ، وانتهت عندما لامست اليابسة، وهذه حالة فريدة لتلك الشاهقة التي تتكون من سحب رعدية عديدة".
ولم يكشف القحطاني عن أي خسائر جراء تلك الشاهقة.