[ صورة توثق الثائرين اليمنيين في ثورة الرابع عشر من أكتوبر ]
في تفاعل رسمي وشعبي واسع، احتفى اليمنيون بالذكرى الـ61 لثورة 14 أكتوبر 1963م، والتي قامت ضد المستعمر البريطاني، بعد أن استمر أكثر من 129 عاماً في جنوبي اليمن.
وتحل غدا الاثنين الذكرى الحَاديةِ وَالسّتّين لثورة 14 اكتوبر المجيدة، التي تذكر اليمنيين بتلك اللحظة التاريخية من أكتوبر عندما امتلكوا قرارهم وقلبوا المعادلة على واحد من أكبر الأنظمة الاستعمارية التي عرفها التاريخ.
وتميزت ذكرى ثورة أكتوبر هذا العام بالحضور الحكومي البارز والتفاعل الشعبي الواسع لثورة مثلت تحوّلا نوعيا في مسار نضال الشعب اليمني ضد الاستعمار، وبقوافل الشهداء الذين قدموا أرواحهم قربانا في محراب الوطن، لتحقق الاستقلال ولطرد المستعمر من جزء غالي من الأراضي اليمنية.
الثورة التي انطلقت من جبال ردفان في محافظة لحج، بقيادة راجح لبوزة وعبود الشرعبي وأحمد الكبيسي وأكثر من 50 فدائنا ممن رسموا خيوط الفجر الاولى وصنعوا نصرا على اعتى امبراطورية حينها، الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، بالتزامن مع ثورة 26 سبتمبر 1962ضد النظام الإمامي في الشمال.
كانت أهداف ثورة أكتوبر هي ذاتها أهداف الثورة الأم – 26سبتمبر - والتي شكلت في مجملها منظومة متكاملة غير قابلة للانتقاء والتجزئة، وكانت بمثابة برنامج عمل سياسي عكس مدى الوعي السياسي لدى قادة ورواد الثورة الأوائل.
وفي الشأن ذاته شدد التحالف الوطني للأحزاب والقوى السياسية اليمنية، على ضرورة تصحيح المسار والمضي بكل جدية نحو توحيد القوى المناهضة للانقلاب، لضمان استعادة الدولة وإنهاء التمرد الحوثي، داعيا الحكومة وكل مؤسسات الدولة للعودة للعمل في العاصمة المؤقتة للبلاد.
وأكد تحالف الأحزاب، في بيان صادر عنه بمناسبة الذكرى الـ 61 لثورة الـ 14 من أكتوبر، أن "التحالف الوطني الداعم للشرعية وجماهير الشعب اليمني ماضون في الانتصار لمكتسبات الثورات اليمنية المدونة في سجلات المجد والشرف الرفيع (سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر)، التي ازدادت رسوخا وثباتاً في وجه المشاريع الضيقة الهادفة للنيل منها بصورة أو بأخرى".
وطالبت أحزاب التحالف الوطني، كافة مؤسسات الدولة للعودة إلى أرض الوطن، وممارسة مهامها من العاصمة المؤقتة عدن"، مشددا على ضرورة قيام الحكومة بالحد من الفساد والإهدار للمال العام، وتحسين الوضع المعيشي.
وتابع "لقد كانت ثورة الرابع عشر من أكتوبر الظافرة، امتدادا لثورة السادس والعشرين من سبتمبر، كنتيجة طبيعية لواحدية الثورة والتحام أحرار الثورتين الخالدتين، وتمسكهم بوطنهم الكبير وحتمية تحريره ونهضته واستقلاله، حيث وحّدت الثورتان شتات النضال الوطني وارتفعت بالوعي الجمعي، فانتصرت على نظام الاستبداد شمالا وعلى الاحتلال جنوبا".
وفي السياق دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، إلى استلهام روح ثورة 14 أكتوبر وتوحيد الصف الجمهوري، ضد المشاريع الاستعمارية الجديدة الذي يسعى عبرها النظام الايراني الى مصادرة إرادة الشعب اليمني، وتمزيق هويته، ونسيجه الاجتماعي.
وطالب الرئيس العليمي في خطاب للشعب بمناسبة ذكرى ثورة اكتوبر كافة القوى والمكونات السياسية، والاجتماعية الى استلهام روح القوة من ثورة 14 اكتوبر المجيدة، وتعزيز اصطفافها الوطني لمواجهة المتغيرات المحلية والاقليمية، والمضي قدما في جهود استعادة مؤسسات الدولة واسقاط الانقلاب، وتحويل الازمات الى فرص.
وقال العليمي، "ان قيم أكتوبر وسبتمبر والاستحقاقات الوطنية الراهنة، تحتم علينا العمل بصورة تكاملية لإنجاز اهدافنا الاساسية، والعبور باليمن من هذا المنعطف الذي يزداد تعقيدا مع ما تشهده المنطقة من تطورات متلاحقة".
وأضاف: "في ظل التحديات المتشابكة، نجد أنفسنا أمام مسؤولية تاريخية تستدعي توحيد الصف الجمهوري، والوقوف بحزم ضد المشاريع الاستعمارية الجديدة الذي يسعى عبرها النظام الايراني الى مصادرة إرادة شعبنا، وتمزيق هويته، ونسيجه الاجتماعي".
وتابع "في هذه المناسبة الخالدة، نقف لنستلهم من عبقرية أكتوبر القوة والقدرة على استعادة مؤسسات الدولة، والاستقرار، والسلام، والتنمية".
من جانبه قال نائب رئيس الجمهورية السابق، علي محسن الأحمر، إن ثورتي أكتوبر وسبتمبر استمدتا زخما ثوريا لتمزيق الإمامة والاستعمار في شمال وجنوب اليمن.
وأضاف الأحمر "أطلق الأبطال من جبال ردفان شرارة التحرر ضد الاحتلال البغيض، مستمدين زخمهم من ثورة الـ26 من سبتمبر المجيدة، فتوحدت الثورتان لتمزيق قيود الإمامة والجهل والتخلف والاستبداد والاستعمار".
وأكد أن "الثورتين مضتا معًا في مسارٍ واحدٍ نحو الهدف الأسمى: اليمن الكبير".
من جهته قال رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك "من عدن النضال والصمود وموطن المناضلين ومأوى الأحرار، وبمناسبة الذكرى 61 لثورة 14 أكتوبر الخالدة التي انطلقت من جبال ردفان بقيادة راجح لبوزة ورفاقه الذين رسموا خيوط الفجر الأولى وصنعوا نصرا على اعتى إمبراطورية حينها، أوجه تحية إجلال وإكبار لنضالات اليمنيين وكبرياءهم النبيل عبر التاريخ".
أضاف "مثلما كانت عدن مفتاح النصر ضد الانقلاب الحوثي المدعوم إيرانيا، فإنها ستظل عنوان الانتصار الكبير لاستكمال استعادة الدولة".
وزير الأوقاف والإرشاد د.محمد بن عيضة شبيبة، كتب "14 أكتوبر ثورة تاريخية قاومت المحتل وجسدت واحدية النضال الثوري مع ثورة 26 سبتمبر ضد الغزو الإمامي من الداخل والإحتلال البريطاني من الخارج".
بدوره قال محافظ شبوة السابق محمد صالح بن عديو، إن وحدة الموقف والهدف الأثر المهم لانتصار ثورتي أكتوبر وسبتمبر المجيدتين.
وأضاف بن عديو "شكلّت ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963 م حدثاً مهماً في تاريخنا الوطني وأعطت مع توأمها ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م قوة دافعة لحركة النضال الوطني التي تُوّجِت بالاستقلال في الثلاثين من نوفمبر 1967م".
وتابع: "كان لوحدة الموقف والهدف للثوار على كامل التراب اليمني شماله وجنوبه الأثر المهم في انتصار الثورتين، ابتهجت عدن بانتصار سبتمبر وتعزز موقف الصف الجمهوري في مواجهة مخلفات الكهنوت باندلاع ثورة أكتوبر وبرحيل المستعمر سقطت فلول الملكية".
الصحفي سمير حسن، علق بالقول "يذكرنا التاريخ النضالي لرموز ثورة 14 أكتوبر بقصة المناضل حسين عثمان عشال كبطلٍ تمَّ تغييبه، لكن أدوراه النضالية المناهضة للاستعمار البريطاني لم تغب؛ فكان أول قائد عسكري للجيش بعد الاستقلال، وأول من جاء باتفاقية الوحدة عام 1972م".
في حين يرى الكاتب الصحفي توفيق السامعي، أن من أكبر الدروس التاريخية اليمنية في العصر الحديث التي ينبغي أن يحافظ عليها اليمنيون، ويعملون بها، إدراكهم أن تحرير الشطرين من الاحتلال البريطاني والكهنوت الإمامي ما كان سيكتب له النجاح مالم يسند احدهما الآخر.
وقال "ثورة الرابع عشر من اكتوبر ما كانت لتنجح لولا السند الشمالي بالدعم المالي والبشري والتسليحي وتوفير الأرض لاستقبال الثوار وتدريبهم والانطلاق للكفاح المسلح من تعز وقعطبة ودمت".
وأضاف "ما كان لثورة السادس والعشرين من سبتمبر أن تنتصر لولا الدعم البشري والمالي الجنوبي واستقبال عدن للثوار الشماليين".
وأكد أن محافظة مارب ومنطقة حريب ظلت ثقباً أسوداً يلتهم الثوار الجمهوريين الشماليين بما يقوم به الاحتلال البريطاني من استقبال العناصر الإمامية وتسليحهم ودعمهم في الجبهة الشرقية في بيحان، وما كانت مأرب تتحرر نهاراً إلا وسيطر عليها الإماميون ليلاً، وظلت مارب في قبضة الإماميين إلى ان تم تحرير الجنوب وعودة بيحان لليمنيين الجنوبيين، حتى تمت السيطرة على حريب عام 1967 وبعدها تمكنت الجمهورية من مارب وظلت جمهورية إلى اليوم".
وتابع "اليوم مأرب هي قلعة الجمهورية وحصنها الشامخ وحارسها الأمين، وسيظل الجنوب مهدداً بالاجتياح الإمامي ما لم يوحد الجميع جهودهم وصفوفهم لإسقاط الإمامة الجديدة في الشمال".
وكيل وزارة الإعلام عبدالباسط القاعدي، نشر "احياء الذكرى ال61 لثورة 14 اكتوبر المجيدة وقبلها الذكرى ال62 لثورة 26 سبتمبر الخالدة اثبت أن الشعب أكثر وعيا بأهداف وقيم الثورة اليمنية"، متابعا "كل عام وشعبنا وبلادنا بألف خير وأمن واستقرار".