[ ناقش مقبل نصر غالب في حلقته العديد من مظاهر الحياة في العدين ]
في الحياة العامة للناس بمناطق العدين، والأماكن المجاورة لها، تلاشت واختفت العديد من الأدوات التي كان يستخدمونها لتسيير شؤون حياتهم، وحلت محلها أدوات أخرى، وفي المقابل لا تزال الذاكرة تحتفظ بالعديد من الأمثال والتعابير، التي لاتزال سائدة حتى اليوم، وقد تختلف من منطقة لأخرى.
في هذه الحلقة نستعرض أسماء العديد من تلك الأدوات، والأمثال والحكم، وأنماط التعليم الشعبي في تلك المناطق.
أدوات انتهت
- العضادة: وهي عبارة عن كيس نحيف صغير محشو حبة سوداء، يوضع حول عنق المولود، كي يحرك رأسه بسهولة في محور واحد، فلا يصاب بالتواء في الرقبة أو عصبة تؤلمه.
وحين تريد الأم التفرغ لإكمال عملها في المنزل، تُربط المولود على ثوب ملفوف حوله يسمى (مقمط)، حتى لا يحرك الطفل يديه ورجليه في غيابها، ويلف الثياب على وجهه فيختنق ويموت، أو ينقلب على وجهه فلا يستطيع العودة أو التنفس ويموت.
- الوظف: بفتح الواو وكسر الظاء، وهو عبارة عن حبل يقع في وسطه مكان لوضع الحجر فيه، وتدوير الحبل من طرفيه، ثم فتح أحد الطرفين، فيطير الحجر نحو الرباح (القرود) بمسافة تمثل قوة الراعي، ويكون له صوت يفزع بقية القرود.
المحجش: وهو حبل نحيف لربط الثوب أو السروال على الخصر.
اقرأ أيضا: مقبل نصر غالب في حلقته الـ24 ينبش في الذاكرة الشعبية في العدين ويستعرض مفردات ونباتات وحكايات انقرضت
الكراش: مشاعل تجهز قبل عيد الأضحى، ويتم اشعالها أيام العيد، وذلك لهضم لحم الأضحية، خاصة أن أكثر الأسر لا تجد اللحمة إلا في العيد فيأكلها الأولاد بشراهة، ورغبة بعد العصر، ويخرجون الوديان بالمشاعل يغنون ويلعبون كل الألعاب حتى منتصف الليل، وهم يرددون:
كريشو كريشو
كله من الكراشي
ذي ما بسل ولا شيء
القحوف: قبقاب من الخشب يستعمل داخل البيت.
الطبل: بفتح الطاء مع الشدة وفتح الباء، وهو بريد شعبي يقوم بتجميع الرسائل من المغتربين في الغربة كل في إطار العزلة التي يعيش فيها، ويصل العزلة المحددة، ويوزع الرسائل والطرود بأمانة ودقة، بأجر متعارف عليه بينهم، ولا أدري سبب تسميته بالطبل، وهذه الوظيفة والتسمية موجودة في مناطق الحجرية بمحافظة تعز، ومع ذلك قلصت الاتصالات ومحلات الصرافة دوره.
ولا أدري سبب إضافة بعض النباتات إلى أسماء غريبة مثل فسوة العسيق، وهي عش الغراب، وزرع الحنش، وورد الليل، والشام المصري (ذرة الهند البيضاء)، والشام الهندي (ذرة الهند الصفراء)، وهناك صنف من أنواع الذرة يطلق عليه "ذرة منزلة"، وقيل بأنها نزلت من السماء ضمن المائدة التي طلبها النبي عيسى.
تعليم الحروف الأبجدية
قيل أن النظرية الحديثة أن تعلم الطالب الجديد الحرف في كلمة، ولا تعلمه الحروف مجردة، وهو لا يدرك معنى الحرف ورمزيته، والحقيقة أنها ليست حديثة، فقد كانت الأسرة تعلم طفلها هذه الحروف في كلمات من قاموسه قبل أن يذهب إلى الفقي في الكتاتيب، مثال:
ألف: الفني أبي
باء: بر وسمن
تاء: تورة لحوح
ثاء: ثربة كبش
جيم: جمنة قهوة
حاء: حلاوة حالي
ويعلمون الاطفال العلاقة مع عناصر البيئة والتكيف معها والتفاعل مثل:
الدكة تشتي قفلول
والقفلول من النجار
والنجار يشتي لبن
واللبن من البقر
والبقر تشتي حشيش
والحشيش من الجبل
والجبل يشتي مطر
والمطر من ربنا
عيقوا (نادوا) لأصحابنا
هيا ندعو ربنا
يا الله اسقينا الغيث
حتى ما يعرف بالديسكو فالديسكو العديني يأتي بنفس الطريقة، ومن ذلك:
حبيكني وحبوكوك اها اها
لما ثلوث اسوكوك اها اها
وقلك لي اروكوك اها اها
واليوم تقول نسوكوك
يا ليت ما عرفكوك
حكم وأمثال
ومن الحكم العدينية الشهيرة والمتداولة بين السكان نسرد هذه الأمثال:
ما أطول الطريق على المستعجل
وما أطول الزمن على المتاني
بكي بكي ودمع وسرفته (فخذه) تتسمع
ودردره (فطيرة صغيرة) بجيبه
حرق الله قليبه
اقرأ أيضا: مقبل نصر غالب في الحلقة 21 من مذكراته يكشف لأول مرة لمحات من تاريخ مذيخرة وجيش السلال لتأديب الباشا
ومنها أيضا:
ما عليك إلا تلحي، والحطب والماء عليا
لكل طاهش ناهش
لكل طويل طرف
الرفيق قبل الطريق
جعيل (رجال) حازب (لابس جديد) ولا شيبة راكب
الأقصوصة
كونك مقربس (جالس) فوق القوز (الحجر) والعسيق (الثعلب) جنب العسيق (شجرة شوكية كبيرة) خوع (صرخ) لما فقعني (فجعني) واشتلوك الهواء الهاوي (نقز) وانتذوقك (سقطت) فوق الشخذ (نبات شوكي صغير) وأخي مفصع (واقف) في السقف يشجن (يتفرج) ويتكعكع (يضحك).
بعض المفاهيم
العواف: بضم العين لقمة صغيرة، تعطى للطفل بعد العصر يستعين بها على الانتظار للعشاء.
الصبحة: تأخر الفطور على الرجل فتفرز المعدة عصارتها الصفراوية على الماء الذي شربه، فيقال قلبت عليه الصفراء، وتسببت له بالصداع، فهو مصبوح، لذلك يعطى أي شيء يأكله، كي يقرع الصبحة، وينتظر الصبوح، ولا يصاب الصائم بها لأنه لا يشرب الماء.
يتبع في الحلقة القادمة.
*خاص بالموقع بوست.