[ الإعلامية اليمنية عفاف ثابت ]
"الإعلامي في اليمن مقصوص الأجنحة ومكبل بألف قيد".. هكذا، وبخلاف ما يعتقد الكثيرون، رأت المذيعة المبدعة عفاف ثابت أن الإعلاميين من أكثر الفئات تضررا بسبب الحرب والسياسة.
في حوارها مع "الموقع بوست" قالت عفاف إن "إلاعلامي اليوم إما أن يحتفظ بمبادئه فيموت جوعا أو يشترى وتشترى كرامته كي يحافظ على لقمة عيشه".
عفاف ثابت التي تقدم برنامج "صدى Com" على قناة اليمن الفضائية منذ ثلاثة أشهر تتحدث في هذا الحوار عن تجربتها في العمل الإعلامي، مشيرة إلى أن مظهر المذيع أو المذيعة اللائق أمر مهم، موضحة أن مظهر المذيع ليس الأمر الأهم بالتأكيد إذ إن نجاح المذيع يتكئ على ثقافته ولباقته وصوته ومدى تفاعله مع ما يهم الناس، وقبل كل هذا إنسانيته وضميره هما الأهم على الإطلاق.
وتنصح عفاف ثابت الإعلاميين من الجيل الجديد بقولها: "اهتموا بتطوير لغتكم العربية فهي لغتكم الأم اقرؤوا كثيرا فهذا سلاحكم الحقيقي كإعلاميين،قدموا أنفسكم بصورة لائقة بحضارة اليمن العريق فأنتم سفراؤها عند الآخرين".
نص الحوار:
* كيف دخلتِ المجال الإعلامي بعد أن كنتِ معلمة لغة عربية؟
** أولا أوجه لكم الشكر والتقدير لهذا اللقاء الذي أتمنى أن ينقل صورة صحيحة عما يمثلني. أما بالنسبة لجواب السؤال، كنت أطمح للإعلام قبل دخولي قسم اللغة العربية ولكني امتثلت لنصيحة والدي رحمه الله التي لن أنساها حين قال لي تريدين أن تكوني رقما صعبا في الإعلام عليك بدراسة اللغة العربية أولا وتقويم لسانك بها، وكان محقا فالمذيع الذي تنقصه لغة سليمة ربما سينجح ولكنه لن يكون رقما صعبا وسينساه الجمهور بسهولة.
* أين بدأت عملك في الإعلام وكيف وصلت إلى برنامج صداكم على الفضائية اليمنية؟
** بدأت بالتدقيق اللغوي لبعض المجلات والصحف ثم انتقلت للعمل في قناة "يمن شباب" لم أظهر على الشاشة إنما فقط تعليق صوتي وإعداد برامج، ثم توقفت القناة بسب الحرب وتوقفت أيضا عن العمل لأربع سنوات انتقلت خلالها للملكة العربية السعودية، هناك أتيحت لي الفرصة للعودة مجددا عبر إذاعة صعدة إف إم ومنها انطلقت ببرنامج "صداكم" على قناة اليمن الفضائية.
* كيف تقيمين الأداء الإعلامي في اليمن في الوقت الراهن؟
** الإعلام اليمني اليوم يجاهد مثله مثل المقاتلين في الجبهات، يجاهد كي يصمد أمام نهب واستيلاء الجماعة الحوثية على كل مفاصل الإعلام في اليمن، وكوني إعلامية تتحدث من قلب الحدث أدرك تماما ما يعانيه كل إعلامي في مثل هذه الظروف القاهرة.. فلا عتب ولا لوم إن كان هناك تقصير ما، إلى أن نستعيد يمننا من جديد.
* لماذا لم يعد هناك إعلاميون مبدعون في اليمن إلا في النادر بخلاف ما كنا نسمع في الماضي؟
** لا نستطيع أن نجزم بعدم وجودهم، ففي كل مكان وزمان لا بد أن تبرز أسماء جديرة بالذكر، ولكننا عامة نمر بمرحلة استثنائية وصعبة على كل أفراد المجتمع اليمني ومن ضمنهم الإعلامي الذي أصبح اليوم مقصوص الأجنحة ومكبل بألف قيد.
* كيف أثرت السياسة على الإعلاميين في اليمن؟
** هم من أكثر الفئات تضررا بسبب الحرب والسياسة الراهنة، فالإعلامي اليوم إما أن يحتفظ بمبادئه فيموت جوعا أو يشترى وتشترى كرامته كي يحافظ على لقمة عيشه.
غير أن الكثير منهم قدموا أرواحهم وكبلت حرياتهم وصودرت حقوقهم لمجرد أنه يحمل قلما أو عدسة كاميرا تحاول أن تكون إلى جانب الوطن فقط.
* مساحة البرامج الإبداعية في الفضائيات اليمنية تكاد تكون شحيحة جدا وموسمية ما هي الأسباب برأيك؟
** هذه إحدى إعاقات الحرب أيضا للأسف، السياسة وما يدور خلف كواليسها المعتمة طغت على كل جميل من المفترض أن تكون له الصدارة في القنوات، وأنا لست أبدا مع تهميش الجانب الثقافي والإبداعي بحجة الحرب والسياسة، فالناس دائما بحاجة لمتنفس ولمن يؤكد لهم أن اليمن ما زال بخير وما زال الإنسان اليمني قادرا على العطاء والدهشة في كل وقت.
* برنامج "صدى.Com" برنامج رائع ومبدع، ما تجربتك مع هذا البرنامج؟
** أتيحت لي الفرصة في قناة اليمن وهي قناة لكل اليمنيين بعد أن تركت أعمالي بصمة جيدة في إذاعة صعدة والتي ركزت دائما فيها على الأدب والشعر بكل ما قدمته، فقدمت تصورا للبرنامج وكان هدفي الأول هم كل المبدعين في شتى المجالات فنالت الفكرة موافقة المدراء بالقناة وانطلقنا بالبرنامج منذ ثلاثة أشهر وكانت له أصداء طيبة وخاصة في أوساط المثقفين والمبدعين، وسيستمر البرنامج ويتطور باستمرار الإبداع المتواصل في اليمن برغم كل الظروف.
* لماذا الحوارات بالذات؟
** الحوارات مهمة لنعطي كل مبدع حقه في التعريف بنفسه وأعماله وإبداعاته ولكن قد تتغير الفكرة وتصبح أكثر حيوية إن شاء الله في الدورة البرامجية الجديدة.
* ما هي معاييرك لاختيار ضيوفك في حلقات برنامج صداكم؟
** الإبداع هو أهم معيار، لا يهمني أبدا إن كان صاحب خبرة إبداعية فقد أستضيف طفلا موهوبا وينال استحسان الجميع، لا أهتم أيضا إن كان مشهورا أو معروفا بل على العكس أحاول أن أظهر الموهبة المغمورة أكثر لأن هذا هو أحد أهم أهداف البرنامج.
*هل أنت مع موضوع أن يكون الإعلامي متخصصا مثلا من يقدم برامج ترفيهية وهناك الإخبارية والحوارية... إلخ؟
** طبعا أن يقدم المذيع نفسه لجمهوره بشكل وقالب معين ويركز عليه أفضل بكثير من أن يظهر كل مرة في برنامج مختلف، فالمذيع المهتم بالسياسة لن يتقبله الناس إذا انتقل لبرنامج ثقافي مثلا والعكس كذلك، ولكل مذيع أن يقدم شيئا جديدا ومختلفا ولكن في إطار ما اعتاد الجمهور أن يسمع منه.
* ما هي معايير المذيعة الناجحة من وجهة نظرك هل التي تهتم بمظهرها أم ماذا؟
** مظهر المذيع أو المذيعة اللائق أمر مهم ولكنه ليس الأهم بالتأكيد، نجاح المذيع يتكئ على ثقافته ولباقته وصوته ومدى تفاعله مع ما يهم الناس، وقبل كل هذا إنسانيته وضميره هما الأهم على الإطلاق.
* ما هي البرامج التي من المفترض أن تشتغل عليها القنوات ووسائل الإعلام في اليمن حاليا؟
** كل برنامج سيستطيع أن يضمد جراح الناس ويخفف من معاناتهم.. وكل برنامج سيبث الأمل والفرح والسعادة إلى قلوبهم هو ما يجب أن يكون له الأولوية.
كذلك كل برنامج فكري سيرفع من وعي الناس وفضح معتقدات وخرافات كثيرة في اليمن ربما هي سبب ما وصلنا إليه اليوم.. وكل برنامج سيؤصل الهوية اليمنية ويؤكد على مبادئ الجمهورية.
هذه البرامج التي يحتاجها اليوم المواطن اليمني بالدرجة الأولى.
* كونك امرأة ومتزوجة ولديك أطفال كيف تتعاملين مع الأسرة والعمل في التلفزيون؟
** التعاون بين شريكي الحياة هو سر نجاح كل امرأة متزوجة وعاملة.. لا يمكن أن تفعل المرأة كل شيء بمفردها فهي لا تمتلك عصا سحرية والحمد لله أن بجواري رجلا يقدر المرأة ويحتفي بنجاحها.. فلولاه لما كنت.
* هل هناك صعوبات تتعلق بكونك أنثى في مجال الإعلام أم هذا عامل مساعد لك يميزك عن الذكور؟
** في السابق كان عدد النساء اليمنيات الإعلاميات قليلا جدا وخاصة من تظهر على الشاشة ولكن اليوم استطاعت المرأة أن تؤكد وجودها في هذا المجال وربما صار الصوت النسائي هو المطلوب أكثر كونها أصواتا تدعو للسلام ولحب الحياة على الدوام.
* ما هي التحديات والصعوبات التي واجهتك وتواجه الإعلاميين المبدعين في اليمن؟
** أكبر صعوبة تواجهنا جميعا هي الحرب بكل تبعاتها السيئة.
معظم الإعلاميين اليوم مشردون ومبعدون من أوطانهم وكثير منهم خائف على حياته وعلى حياة أحبائه التي قد تهدر بسببه.
الإعلامي اليوم يعاني الأمرين فإما أن يصمت ليعيش أو يتكلم ولكل كلمة حساب وثمن.
*برأيك.. هل هناك تحديات تواجه الإعلام اليمني والإعلام الشبابي؟
** نعم بالتأكيد.. أهم هذه التحديات هو كيف نستطيع التقليص من البرامج السياسية التي غزت القنوات اليمنية ونحل محلها برامج الأمل والحياة والسلام والمحبة.
الشاب اليمني اليوم بحاجة لمن يقول له المستقبل أمامك كبير والحياة لها ألف وجه جميل وليس من يقول له مستقبلك ضائع والحرب لها ألف قناع زائف.
ولكن أين هذه البرامج التي لا بد من وجودها اليوم؟
* ما خلاصة تجربتك في العمل الإعلامي، ما الذي يمكن أن تقوليه للجيل الجديد من الإعلاميين اليوم خصوصا وهم أمام قضايا مصيرية كبرى تعصف بالوطن؟ وأيضا ما هو الدور المفترض باللمثقف والكاتب اليمني أيضا؟
** بالنسبة للإعلاميين من الجيل الجديد أقول لهم استفيدوا من تجربة كل إعلامي سبقكم وخاصة أولئك الذين تمسكوا بمبادئهم وبكلمات الشرف التي عاهدوا بها وطنهم وربما كلفتهم أرواحهم.. تسلحوا بالثقافة والإبداع فهي طريقكم للنجاح والذكر الطيب، رددوا دائما شعار وطني أولا وقبل كل شيء ونحن جنوده المجندة في ميادين الكلمة والنضال المقدس.
وهي ذات الرسالة أقولها لكل كاتب ومثقف يمني، أنتم محاسبون أمام الله عن كل كلمة تقولونها أو تكتبونها فدوركم لايقل عن دور المجاهدين في معركة الذود عن الوطن، لا تسترخصوا أنفسكم فتسترخصكم الحياة.
* نصائح تتعلق بالمهنة الإعلامية توجهينها للإعلاميين الشباب؟
** اهتموا بتطوير لغتكم العربية فهي لغتكم الأم، اقرؤوا كثيرا فهذا سلاحكم الحقيقي كإعلاميين، قدموا أنفسكم بصورة لائقة بحضارة اليمن العريق فأنتم سفراؤها عند الآخرين.
* ما هي طموحاتك المستقبلية في مجال الإذاعة والتلفزيون؟
** يكفي أن يترك صوتي بصمة في عقل كل من يسمعني.. وأن يأتي اليوم الذي يقول فيه الناس رعاها الله ما كان أصدقها وأنبلها كإعلامية وكواجهة حقيقية لليمن العظيم.