رغم آثار الدمار التي خلفها قوات الحوثيين وصالح في مدينة عدن، كبرى مدن جنوب اليمن، والعاصمة المؤقتة للبلاد، يحاول سكان هذه المدينة بمشقة كبيرة إستئناف حياتهم وسط تحديات بالغة، من بينها تثبيت الإستقرار والأمن والتخفف من تبعات الحرب، والتخفيف من مظاهر التسلح الذي أجبر عليه الأهالي في أثناء الحرب، دفاعاً عن أنفسهم، في مواجهة الحوثيين ، كما يعبرون عنه من خلال الكتابات المنتشرة على جدران المدينة.
لا تزال شوارع المدينة أقل اكتظاظاً بالسكان والمارة من ذي قبل، وربما يعود جزء من السبب في ذلك إلى الإغلاق الجزئي للمدينة في وجه المواطنين القادمين من مناطق الشمال، حيث تنتشر بشكل غير مسبوق نقاط تفتيش عديدة على مداخل عدن، ولا يسمح بمرور مواطني المحافظات الأخرى إلا بتصريح دخول من المقاومة الشعبية أو بإثبات أنه أحد المقيمين في المدينة.
مظاهر التسلح في عدن تكاد تكون أقل بكثير من مظاهر التسلح في المناطق التي لا تزال ترزح تحت قبضة قوات الحوثيين صالح، رغم انتشار السلاح بشكل واسع في صفوف أبناء عدن خلال حرب الدفاع عن المدينة لدحر الحوثيين، غير أن ميول الناس هنا فطرياً نحو المدنية والسلم ساهم في تسريع وتيرة التخلي عن التسلح فور الانتهاء من الحرب، والاتجاه نحو محاولة تضميد الجراح.
صحيح أن عدن شهدت حوادث إغتيالات وتفجيرات عدة منذ دحر الحوثيين وقوات صالح عن المدينة في يوليو الماضي، غير أنها كانت أقل حدة من حوادث العنف والاغتيالات والتفجيرات التي شهدتها العاصمة صنعاء الواقعة تحت حكم الحوثين وقوات صالح بالحديد والنار.
في نفس الوقت تبدو هذه الحوادث والتفجيرات التي شهدتها عدن أبعد ما تكون عن كونها نتائج مباشرة لحرب الدفاع عن المدينة، وإنما إمتداد لعداوات سابقة بين "الجماعات الدينية الجهادية" من جهة، وبين المؤسسات الأمنية للدولة من جهة ثانية، سواء الإغتيالات التي طالت ضباطاً في جهاز الأمن السياسي "المخابرات"، أو التفجيرات "الإرهابية" التي استهدفت قوات إماراتية، تبنتها "داعش"، واعتبرتها رداً على دور الإمارات في التحالف الدولي ضد "داعش" في العراق وسورية.
مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه التنظيمات "الجهادية" وجدت فرصتها في الفوضى والأوضاع الهشة التي خلفتها الحرب، بسبب ضعف حضور الدولة أو غيابها.
تعج مدارس عدن بالطلاب الدارسين، لكن مدراس المدينة تستقبل طلابها هذا العام بألوان طلاء جديدة جذابة، بعد أن تبنت الإمارات العربية المتحدة إعادة تأهيل المدارس، كأحد مشاريع إعادة الأمل للتحالف العربي بقيادة السعودية.
(اليمن العربي) قامت بجولة في عدد من أحياء مدينة عدن جنوب اليمن، والتقطت مجموعة من الصور التي تظهر عودة الحياة إلى المدينة بشكل طبيعي، حتى في أحياء منطقة التواهي التي تزعم بعض وسائل الإعلام أنها تحت سيطرة التنظيمات "الجهادية".