يُعد الكاكاو من المشروبات المحببة لدى الأطفال والكبار، وذلك لمذاقه اللذيذ إلى جانب فوائده في تعزيز القدرات العقلية وإبطاء ظهور أعراض الشيخوخة وغيرها الكثير.
ورغم أن أغلبنا يحب الشيكولاتة بكل أنواعها، فإن لها جانباً مظلماً قد يجعلك تفكر مرتين قبل أن تقضم من لوحك المفضل في المرة المقبلة.
فلذة نكهة الكاكاو التي نشتريها بكل بساطة من رفوف المحلات، تصل إلينا بشكلها النهائي بعد مرورها بسلسلة جرائم؛ كالعبودية، وسرقة الطفولة، والعنف، والدم.
الصحافي الدانماركي ميكي ميستراتي، تتبع خط استيراد وزراعة وتصدير حبوب الشوكولاتة، ليكتشف فضائح عدة كالإتجار بالأطفال في ساحل العاج وما حولها.
وفضح ميستراتي في فيلمه "طعم الشوكولاتة المر"، شركات الإنتاج بعدما كشف مدى معاناة هؤلاء الأطفال. ولفت إلى أن هذه الشركات لم تفِ بوعودها بتحسين أوضاعهم وإعطائهم ما يستحقون.
يثير الفيلم بطبيعة الحال مشاعر الشفقة تجاه أطفال يتم تسخيرهم بهدف الحصول على ألواح شيكولاتة لتحسين مزاج غيرهم، كما يظهر حقيقة اغتصاب حقوق الأطفال والإتجار بسنوات عمرهم مقابل حفنة من المال.
حقول العذاب
ينمو الكاكاو في مزارع صغيرة تملكها عائلات تتوارثها جيلاً بعد جيل، ويضطر الطفل لمساعدة أبيه لجلب قوت يومه، فيُحرم من التعليم.
ويبدأ مع موسم حصاد زهرة الكاكاو في أفريقيا رحلة عذاب للمزارعين الفقراء وأبنائهم، الذين لا يتجاوزون الـ 15 عاماً، إذ يتم إجبارهم على الأشغال الشاقة والخطرة في أحيان كثيرة، بل يتعرضون للضرب حال توقفهم عن العمل.
لا يتلقى أغلبهم أجوراً أبداً، ومعظمهم يبقون في حقول الشوكولاتة حتى الموت ولا يرون أسرهم مرة أخرى، باستثناء عدد قليل تم انقاذهم وتأهيلهم.
لا يعرفون طعمها
ولفت تقرير بثته قناة CNN الأميركية إلى أن "الأكثر إيلاماً لهؤلاء أن بعضهم لم يتذوق طعم الشيكولاتة في حياته".
ورغم غياب أرقام دقيقة، لكن التقديرات تشير إلى وجود حوالي 800 ألف طفل يعملون في مجال زراعة الكاكاو في ساحل العاج.
وهناك 3 مليون ونصف عاجي يعيشون على زراعة الكاكاو، ولا يتجاوز دخل الفرد منهم في السنة ألف دولار سنويّاً، أي حوالي 80 دولار شهريّاً فقط، على الرغم من السعر العالي التي تباع بيه الشيكولاتة فى جميع أنحاء العالم.
وتصدر ساحل العاج، الواقعة في المنطقة الاستوائية غرب القارة، ثلث احتياجات العالم من الكاكاو سنويّاً.
وتشتري شركة "كارغيل" الأميركية نحو ٢٠٪ من حبوب الكاكاو المزروعة بها، وتتولى تصديرها بصورتها الخام للخارج؛ حيث يتم تسييلها لتصبح زيتاً أو تُحول إلى زبدة أو مسحوق، تُباع إلى المصانع التي تحولها بدورها إلى شيكولاتة.
ويقدر سوق صناعة الشيكولاتة بحوالي 110 مليارات دولار سنويّاً، لا يتقاضى المزراع منها سوى حفنة من الدولارات كل شهر، مهما تضاعف سعره في السوق.