على الرغم من التطور العلمي في المجالات الطبية، إلا أن السرطان ما زال حتى الآن أحد أكثر الأمراض التي لم يتم السيطرة عليها. وفي حالات عديدة يتم اكتشاف المرض في حالات متأخرة، ما يجعل فرصة نجاح العلاجات ضئيلة جداً.

وفي الولايات المتحدة تحديداً، جرى تشخيص ما لا  يقل عن 26380 إصابة جديدة بسرطان المعدة (15900 رجل و10480 امرأة) هذا العام، فيما وصلت نسبة الوفيات إلى حوالي 11090 حالة وفاة بسبب هذا النوع من السرطان (6690 رجلاً و4400 امرأة). وهذه الأرقام تثير تساؤلات عديدة عن أسباب حدوث هذا المرض، وهل هناك عوارض تساعد في الكشف المبكر عنه، وإلى أي حد يمكن أن يكون هذا النوع من الأمراض مميتاً؟

ويحدث سرطان المعدة عادة بسبب تغيّرات (طفرات) في الحمض النووي داخل خلايا الجسم والذي يتجمع داخل الخلية في عدد كبير من الجينات الفردية، يحتوي كل منها على مجموعة من التعليمات التي تخبر الخلية بالوظائف التي يجب أن تؤديها، وكذلك كيفية النمو بحسب ما جاء في تعريف جمعية السرطان الأميركية. ويمكن أن تؤدي الأخطاء في التعليمات إلى توقف الخلية عن وظيفتها الطبيعية، وقد تسمح بأن تصبح الخلية سرطانية. وخلال هذه العملية البيولوجية تظهر عادة عوارض جسدية، قد تكون بمثابة إنذار للمريض من أجل زيارة الطبيب.

يقول أخصائي السرطان الدكتور حسن قانصو لـ "العربي الجديد": "يوجد مجموعة من العوارض المشتركة بين جميع مرضى السرطان، بينها الكسل والإرهاق وفقدان الوزن، إلا أن هذه العوارض تختلف من مريض إلى آخر، وبحسب نوع المرض". يضيف: "يشخص مرض السرطان عادة من خلال إجراء فحوصات طبية، أو من خلال التصوير الإشعاعي، وهناك أيضاً عوارض يمكن أن تساعد في الكشف المبكر عن السرطان، وتحديداً سرطان المعدة، والأجهزة الهضمية. وقد لا يسبب حتى سرطان المعدة أي أوجاع، ولكن يمكن أن يكتشفه الطبيب من خلال فحوصات عادية بينها للعيون والوزن".

ويقول: "يتبدل عادة لون العيون فتصبح صفراء بشكل مخيف، ويترافق ذلك مع فقدان الوزن، وعندها يمكن أن يطلب الطبيب إجراء مزيد من الفحوصات الطبية للتأكد من الإصابة بالمرض، وهل أن المرض يتعلق بالكلى والكبد أم بالمعدة. وبالتالي يمكن القول إن هناك إشارات تساعد في كشفه مبكراً، ويمكن إيجازها بتغيّر لون العيون وحتى شكلها أحياناً، إضافة إلى تغيّر الوزن والكسل والتعب".

ويشير قانصو إلى أن "سرطان المعدة بين الأكثر خطورة، إذ لا يظهر أي علامات واضحة، مثل حصول أورام في المعدة، أو تغيير فجائي في لون البشرة. وعادة تنمو الخلايا السرطانية بسبب تبدل أليات عملها، علماً أن لا سبب محدداً للإصابة بسرطان المعدة، لكن قد يرتبط بنوعية الغذاء وتناول المشروبات الكحولية والتدخين". ويضيف: "الرجال أكثر إصابة بسرطان المعدة من النساء، وتحصل غالباً بعد بلوغ سن الخمسين، ويعد العلاج صعباً في حالات التقدم بالعمر".

ويكشف تقرير أصدره صندوق أبحاث السرطان الدولي أن التدخين والتعرض لمواد كيميائية صناعية بين أكثر أسباب الإصابة بسرطان المعدة، كما أن تناول الأطعمة المحفوظة بالملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة، إلى جانب زيادة الوزن أو السمنة.

عوارض وعلاجات

وبحسب موقع "مايو كلينك" الطبي لا يتسبب سرطان المعدة بأعراض في مراحله المبكرة، إلا أنه من المتعارف عليه أن الأعراض قد تشمل عسر الهضم والألم في الجزء العلوي من البطن. وفي أحيان كثيرة قد لا تحدث الأعراض حتى يتقدم السرطان، وقد تتسبب المراحل المتأخرة من سرطان المعدة في ظهور أعراض مثل الشعور بالتعب الشديد وفقدان الوزن وتقيؤ الدم والبراز الأسود.

إضافة إلى ذلك، تحدث تغيّرات في لون الجلد، خاصة في المنطقة المصابة في مراحل متقدمة، ونتبدل عادة إلى اللون الأصفر أو الأحمر، كما قد تميل إلى اللون الأسود، كما يوجد تقرحات لا تلتئم. وفي حالات عديدة يصاب المريض بحمى مزمنة.

يتطلب علاج سرطان المعدة عادة إجراء جراحة، لقطع الجزء المصاب، أو يحصل ذلك من خلال أدوية وعلاجات كيميائية. ووفق قانصو، تتكلل العمليات الجراحية بالنجاح إذا أجريت في بداية التشخيص.

والسرطان مصطلح عام يشمل مجموعة كبيرة من الأمراض التي يمكنها أن تصيب كل أجزاء الجسم. ويُشار إلى تلك الأمراض أيضاً بالأورام الخبيثة والخراجات. ومن السمات التي تطبع السرطان التولّد السريع لخلايا شاذة يمكنها النمو خارج حدودها المعروفة ومن ثم اقتحام أجزاء الجسم المتاخمة والانتشار إلى أعضاء أخرى، ويُطلق على تلك الظاهرة اسم النقيلة، وتمُثّل النقائل أهمّ أسباب الوفاة من جرّاء السرطان.

وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن السرطان هو ثاني سبب رئيسي للوفاة في العالم، وتُعزى إليه وفاة واحدة تقريباً من أصل 6 وفيات على صعيد العالم، وتُمنى البلدان منخفضة الدخل ومتوسطة الدخل بنسبة 70 في المائة تقريباً من الوفيات الناجمة عن السرطان.