[ جهاز يسمح للمرضى بأن يظلوا على قيد الحياة حتى لو توقفت قلوبهم ]
العديد من أفلام الخيال العلمي تعرض المستقبل الذي تندمج فيه الآلة مع الإنسان، والذي يؤدي إلى اختفاء الخط الواضح الفاصل بين البشر والروبوتات. واليوم فإن تقنية تتيح للمرضى أن يظلوا على قيد الحياة حتى لو توقفت قلوبهم عن العمل، وقد تكون مثالا على هذا الاندماج.
وفي مقاله الذي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أفاد الكاتب والطبيب حيدر وارايش بأنه بصفته طبيبا مختصا في أمراض القلب، فقد وجد نفسه وجها لوجه مع مزايا ومخاطر مثل هذا الاندماج.
ويضطر عشرات الآلاف من الأميركيين إلى استخدام جهاز مساعدة بطينية كي يظلوا على قيد الحياة، وهذا ما يجعلنا في الواقع نلقي نظرة عميقة على أحد أشكال اتحاد الإنسان والآلة. يتم وصل أجهزة مساعدة البطين الأيسر مباشرة بقلوب المرضى الذين يعانون من قصور القلب الحاد، حتى تساعدهم على ضمان استمرار نشاط الدورة الدموية في جميع أنحاء الجسم.
وأشار الكاتب إلى أن الانتقال إلى مرحلة يتم فيها دمج الآلة في جسم الإنسان قد تكون نعمة للبشرية وليست نقمة. لطالما استعان البشر بالوركين الاصطناعيين جراء الإصابة بالتهاب في المفاصل، وبالعدسات اللاصقة لتحسين النظر، ولكنهم مع ذلك لم يقوموا من قبل بزرع أجهزة داخل أجسامهم يمكن أن تغير تجربتهم البشرية.
ويمكن للمرضى الذين خضعوا لزراعة جهاز مساعدة البطين الأيسر أن يظلوا على قيد الحياة حتى لو توقفت قلوبهم عن العمل، وهو أمر لم يكن من الممكن تصوره من قبل، فقد أثبتت هذه الأجهزة أن ضمان ضخ وتدفق الدم في كامل أنحاء الجسم أهم من ضربات القلب.
مضاعفات
ورغم أن العديد من المرضى الذين خضعوا لزراعة جهاز مساعدة البطين الأيسر يمكن أن يتعرضوا لمضاعفات مدمرة مثل السكتات الدماغية والنزيف والالتهابات، فإن أغلبهم لاحظوا نتائج إيجابية لا يمكن توقعها من قبل. في المستقبل القريب، ستساعد هذه الأجهزة الأشخاص الذين يعانون من قصور قلبي حاد على العيش فترة أطول مقارنة بأولئك الذين خضعوا لزراعة قلب، حيث تبين أن هذا الجهاز يمكن أن يطيل عمر المرضى 11 سنة في المتوسط.
ومن خلال تجربة جهاز "مومانتوم 3"، وهو أحدث جيل من أجهزة ضخ الدم، تبين أن معدل البقاء على قيد الحياة بالنسبة للمرضى الذين خضعوا لزراعة الجهاز، قد قدر بسنتين، وهذا المعدل قريب جدا من معدل البقاء على قيد الحياة بالنسبة للمرضى الذين خضعوا لزراعة قلب.
في شأن ذي صلة، صرح المدير الطبي لمركز القلب والأوعية الدموية بمستشفى بريغهام ومستشفى النساء مانديب ميهرا، وهو أستاذ أيضا في كلية الطب بجامعة هارفارد والمشرف الرئيسي على هذه الدراسة، بأن الهدف الرئيسي من زراعة جهاز مساعدة البطين الأيسر لدى المرضى المسنين ليس منحهم سنوات إضافية فقط، بل منحهم أيضا فرصة للاستمتاع بالحياة.
وأشار الكاتب إلى أنه بفضل التحسينات التي أحدِثت على هذه الأجهزة، لم يعد مرضاه يرغبون في الحصول على فرصة للخضوع لجراحة زرع قلب. خلال السنة الماضية، طوّر عدد من الباحثين نموذجًا أوليًّا من أجهزة الضخ التي يمكن شحنها لاسلكيًّا، لكن ينبغي على المريض ارتداء سترات أو حزام خاص.
من شأن هذا الأمر أن يسهل على عديد من المرضى التعايش مع وجود هذا الجهاز، كما أنه سيسمح لهم بالقيام بعدة أنشطة لم يكن بمقدورهم القيام بها من قبل مثل السباحة. وفي سياق متصل، قال الدكتور ميهرا إنه ينبغي تطوير الجيل التالي من هذه الأجهزة بحيث يمكن زراعتها بشكل كامل داخل الجسم تماما مثل جهاز تنظيم ضربات القلب، وذلك كي ينسى الشخص أنه مريض.