فتحت سلطة النقد الفلسطينية وهي المؤسسة القائمة بأعمال البنك المركزي، في وقت سابق من الأسبوع الجاري، قنوات إلكترونية في قطاع غزة، لتجاوز أزمة شح السيولة النقدية لدى المواطنين.
غزة تواجه اليوم أزمة نقدية غير مسبوقة، جراء الحرب المدمرة التي تشنها إسرائيل منذ أكتوبر/تشرين أول الماضي، والتي أدت لمقتل قرابة 35 ألف فلسطيني، وجرح عشرات الآلاف ودمار هائل في البنية التحتية.
وخلال الحرب دمر الجيش الإسرائيلي فروعا للبنوك بالكامل، وقام بعمليات سطو على فروع أخرى وأجهزة صراف آلية، بحسب ما نشرته تقارير مثل نيويورك تايمز وصحيفة لوموند الفرنسية مؤخرا.
وأصبحت الحاجة ملحة إلى بدائل عن السيولة النقدية لتنفيذ المدفوعات بين المواطنين في قطاع غزة، في ظل تعطل غالبية البنوك.
وتمنع إسرائيل منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر/تشرين أول، إدخال أية فئات من النقد إلى قطاع غزة، ونجم عن ذلك أزمة شح حادة في السيولة النقدية.
وفي غزة كانت تعمل 10 مصارف محلية ووافدة، من خلال 56 فرعا تخضع جميعها لرقابة سلطة النقد الفلسطينية، لكن مع الحرب تراجع عدد الفروع العاملة إلى 5 فروع فقط، والبقية إما دمرت أو غير قادرة على فتح أبوابها.
وحتى مطلع أبريل/نيسان الماضي، كانت تعمل فقط 3 أجهزة صراف آلية ATM من أصل 91 تقدم خدماتها في القطاع.
قنوات إلكترونية
والأربعاء، أعلنت سلطة النقد إطلاق نظام مدفوعات وحوالات فوري بين البنوك وشركات خدمات الدفع لمساعدة فلسطينيي قطاع غزة على تسديد التزاماتهم، وتنفيذ معاملاتهم المالية بوسائل الكترونية.
وأبلغت سلطة النقد مراسل الأناضول، أن الخدمات الإلكترونية وتنفيذ الحوالات الفورية، سيكون مجانيا على طرفي العلاقة (المرسل والمستقبل)، بحيث لن يتحمل المُرسل والمستفيد أية تكلفة.
وزادت: "أولاً يشترط أن يكون لدى المرسل والمستفيد حسابا مصرفيا لدى أي من البنوك العاملة في السوق الفلسطينية، أو محفظة إلكترونية التي تصدرها شركات الدفع والتي تنشط في الضفة الغربية وقطاع غزة".
وبدأت تلك الشركات في استخدام وسائل الإعلان المتاحة تحت الحرب لتشجيع الأفراد على فتح المحافظ الإلكترونية، والتي يتم تحميلها مجانا على الهواتف الخليوية الذكية.
بعد ذلك، يتمكن المرسل للمبلغ المالي من إضافة رقم هاتف المستفيد المعتمد لدى البنك المسجل أو لدى شركات المحافظ الإلكترونية، ووضع قيمة الحوالة المالية، ومن ثم تصل الحوالة مباشرة إلى المستفيد.
كما قد يضيف المرسل، رقم الحساب المصرفي لدى المستفيد بدلا من رقم الهاتف لتنفيذ الحوالة المالية، بأي مبلغ بالعملة الإسرائيلية "الشيكل".
أما للأفراد حملة الهواتف الخليوية غير الذكية أو غير المتصلة بخدمة الإنترنت، فإن البنوك وشركات الدفع فتحت الباب أمامهم لتنفيذ الحوالات المالية من خلال رسائل نصية.
هنا، سيكون أمام سكان غزة القدرة على بيع وشراء السلع والخدمات دون أية مدفوعات للكاش، وتتجاوز الأزمة القائمة حاليا داخل مختلف محافظات القطاع.
وفي بيان الأربعاء، دعت سلطة النقد المواطنين في قطاع غزة إلى تثبيت تطبيقات البنوك الإلكترونية التي يتعاملون معها، والمحافظ الإلكترونية لشركات خدمات الدفع على هواتفهم.
بالتزامن مع ذلك، طلبت سلطة النقد من المصارف والشركات تعزيز مراكز الاستعلامات الهاتفية لمساعدة المواطنين على الجاهزية للاستفادة من النظام الجديد.
كما قامت بالتنسيق مع الشركات المزوّدة للإنترنت لتوفير خدماتها في مراكز البيع وتجمعات المواطنين والنازحين، لمساعدتهم على استخدام التقنيات الجديدة في تنفيذ معاملاتهم وتلبية احتياجاتهم.
وتظهر بيانات سلطة النقد أن إجمالي ودائع العملاء في غزة حتى ديسمبر/كانون أول الماضي، يبلغ 1.8 مليار دولار، تشكل نسبتها 10.5 بالمئة من إجمالي ودائع القطاع المصرفي الفلسطيني البالغ 17.4 مليار دولار.
بينما تبلغ محفظة القروض والتسهيلات الائتمانية 990 مليون دولار، تشكل نسبتها قرابة 9 بالمئة من إجمالي التسهيلات المصرفية لدى القطاع المصرفي ككل، البالغ قرابة 11.3 مليار دولار.
وخلفت الحرب على غزة، منذ 7 أكتوبر أكثر من 113 ألفا بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وحوالي 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.
وتواصل إسرائيل الحرب رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف القتال فورا، وكذلك رغم أن محكمة العدل الدولية طالبتها بتدابير فورية لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية"، وتحسين الوضع الإنساني بغزة.