على رغم تسجيل البطالة في السعودية أدنى معدل لها منذ عام 1999 خلال الربع الأخير من عام 2022 والتي وصلت إلى ثمانية في المئة، إلا أن تقرير الهيئة العامة للإحصاء كشف عن تسجيلها ارتفاعاً طفيفاً خلال الشهور الثلاثة الأولى من العام الحالي بمقدار 0.5 في المئة بين السعوديين من الجنسين.
تحقيق المستهدف
تشير أرقام التقرير الحكومي الصادر أخيراً عن اقتراب أرقام البطالة من أحد مستهدفات "رؤية السعودية 2030" والتي تسعى إلى أن يكون المعدل الطبيعي ما بين أربعة وسبعة في المئة، فيما أرجعت هيئة الإحصاء السبب الرئيس لتسجيل الارتفاع الطفيف إلى تحرك معدلات البطالة بين الأناث لأعلى، إذ وصلت إلى 15.7 في المئة بزيادة نحو 1.1 نقطة مئوية خلال الربع الأول من العام الحالي قياساً بالربع السابق.
وعلى أساس سنوى سجلت نسب البطالة بالبلاد انخفاضاً بمقدار 0.9 في المئة خلال الربع الأول من العام الحالي، قياساً بالفترة ذاتها من العام الماضي، إذ بلغت 10.1 في المئة.
وقال المحلل الاقتصادي صلاح الشلهوب إن "الارتفاع البسيط خلال الربع الأول من العام الحالي محدود جداً على المدى المتوسط، لا سيما وأننا شهدنا انخفاضاً كبيراً وملموساً خلال الربع الأخير من 2022"، لافتاً إلى أن سوق العمل في السعودية تعد من الأسواق النشطة القادرة على استيعاب الزيادة في أعداد خريجي الجامعات على مدار العام.
دقة القياس
وأضاف الشلهوب أن "القياس السنوى لمعدلات البطالة يكون أدق من القياس الربعي، لا سيما وأنه مع نهاية كل عام دراسي يكون هناك ارتفاع بعدد الراغبين في دخول سوق العمل من الخريجين الجدد، لذا نجد أن هناك تفاوتاً بسيطاً في النسب خلال البيانات الربعية أثناء العام الواحد".
وتوقع المحلل الاقتصادي أن "تشهد معدلات البطالة خلال الأعوام المقبلة انخفاضاً ملموساً في ظل الإعلان عن عدد كبير من المشاريع التي أطلقتها البلاد خلال الشهور الأخيرة"، لافتاً إلى أنها ستوفر فرص عمل جديدة.
وأشار الشلهوب إلى أن البرامج التي تطلقها الحكومة السعودية موائمة للتخصصات مع حاجات سوق العمل، متابعاً القول إن "وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بين حين وآخر تطلق عدداً من برامج توطين الوظائف والمهن، والتي تسهم في دخول عدد كبير من الشباب السوق السعودية"، لافتاً إلى الجهود الحكومية المتواصلة لإصلاح منظومة التعليم الجامعي، ومنها زيادة عدد المقاعد الدراسية المخصصة للأقسام التطبيقية والعملية التي تحتاجها سوق العمل، والتي ستنعكس بشكل إيجابي على خفض معدلات البطالة خلال العامين المقبلين.
تكثيف الجهود
تعمل الحكومة السعودية على تكييف جهودها الرامية إلى توفير فرص عمل للمواطنين من خلال إطلاق عدد من البرامج والمبادرات الهادفة إلى جذب السعوديين لسوق العمل المحلية، ومن بينها برنامج "نطاقات المطور" الذي أطلقته وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في مايو (أيار) 2021، وتهدف من خلاله إلى توفير وظائف جاذبة للمواطنين لزيادة نسبة مشاركتهم في العمل وبخاصة داخل القطاع الخاص، وبحسب المعلن حينها فإنه يسهم في توفير أكثر من 340 ألف وظيفة للمواطنين حتى عام 2024.
معدلات عالمية
في سياق متصل قال صندوق النقد الدولي في بيانه الختامي الذي صدر عقب اختتام وفده زيارته الأخيرة إلى الرياض الشهر الماضي، إن "الاقتصاد السعودي يشهد نمواً ملحوظاً نتيجة الانتعاش القوي في الاستثمار الخاص واستمرار الوتيرة القوية لنمو القطاع غير النفطي، وكذلك مواصلة تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية".
وأشار بيان الصندوق إلى أن الاقتصاد السعودي أسرع اقتصادات "مجموعة الـ 20" نمواً خلال عام 2022، وأن معدلات البطالة بين السعوديين شهدت انخفاضاً إلى أدنى مستوياتها التاريخية، إضافة إلى ارتفاع معدل مشاركة المرأة في سوق العمل لنحو 36 في المئة خلال العام الماضي.
وشهدت معدلات البطالة في السعودية انخفاضاً ملموساً بعد إطلاق الحكومة عدداً من برامج التوطين والتوظيف، فبعد أن كانت 12.9 في المئة قبل خمسة أعوام تراجعت عام 2021 إلى 11 في المئة، قبل أن تسجل ثمانية في المئة خلال الربع الأخير من العام الماضي، وهو أدنى مستوى لها منذ 23 عاماً.