في عام 2018، كان كارلوس غصن أحد أقوى مديري شركات السيارات في العالم، قبل أن يصبح الآن شخصية دولية هاربة، وفق تقرير بموقع "بيزنس إنسايدر" الأميركي.
بصفته رئيس تحالف "رينو نيسان ميتسوبيشي"، أشرف رجل الأعمال -المولود في البرازيل والذي درس في فرنسا- على مبيعات السيارات التي بلغت إيراداتها أكثر من 243 مليار دولار في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2018.
ومع الوقت، حصل على ألقاب عديدة مثل "كاسح الثلج" للمساعدة في تغيير اتجاه شركات السيارات الفاشلة.
وفي تقرير بالموقع، قال الكاتب غراهام رابيير إن غصن لم يعد مديرا عالميا، بل أصبح فارّا دوليا، حيث هرب بطريقة ما من الإقامة الجبرية في اليابان أثناء انتظار المحاكمة بتهمة سوء السلوك المالي والاستخدام الشخصي لأصول الشركة.
وسبق أن نفى غصن جميع الادعاءات منذ اعتقاله الأول في نوفمبر/تشرين الثاني 2018.
وأوضح الكاتب أن النظريات انتشرت حول كيفية تمكّن غصن من خداع السلطات بعد أن أكد أنه وصل بسلام إلى لبنان، الذي ليست بينه وبين اليابان معاهدة لتسليم المجرمين، مما يجعل استمرار محاكمته صعبا.
وبحسب الكاتب، أفادت مصادر إعلامية لبنانية أن غصن ربما يكون قد اختبأ داخل حقيبة حمل آلة موسيقية تابعة لفرقة كانت تعزف في منزله بطوكيو.
وبيّن أن تقارير أخرى أشارت إلى أن غصن -الذي كان يحمل جوازات سفر دولية متعددة- فر من السلطات باستخدام أوراق وهوية مزورة.
وقال مسؤول في بيروت إن غصن دخل البلاد بجواز سفر فرنسي، وذلك حسب ما ذكرته صحيفة نيويورك تايمز.
وبغض النظر عن أساليبه، يعدّ هروب غصن الدولي أزمة أخرى في ملحمة من المحتمل أن تحدد ثلاثة عقود من المنافسة الشديدة وعقد الصفقات في صناعة السيارات، وهو اتجاه بدأ عندما كانت السيارات الكهربائية لا تزال بعيدة المنال.
شركة رينو
وكشف الكاتب أن غصن بعد تخرجه من معظم البرامج الهندسية النخبوية في فرنسا، انضم إلى شركة الإطارات الفرنسية ميشلان.
من هناك، شق طريقه من خلال أدوار مدير المصنع وأدوار القيادة البحثية، حيث كُلّف في نهاية المطاف بإصلاح عمليات الشركة في أميركا الجنوبية.
وقد سمحت له سمعته في النهاية بالظفر بوظيفة الرئيس التنفيذي لشركة رينو.
وأفاد الكاتب بأن باحثين من جامعة كوفنتري قالوا إن شركة رينو استعادت أرباحا قياسية خلال عامين، وإن الادخار في التكاليف من تبسيط الإنتاج وإدخال التحول الصناعي الثالث، ساعد شركة صناعة السيارات على زيادة أرباحها بشكل كان كافيا لشراء حصة تبلغ 37% من شركة نيسان قبل نهاية العقد.
وأشار الكاتب إلى أن هوامش نيسان الإجمالية نمت بسرعة، بنسبة تجاوزت 10% في الألفيّة الثانية، قبل أن تدمّر الأزمة المالية العالمية شركات السيارات.
ولفت الكاتب إلى أنه حتى في الوقت الذي كافح فيه الاقتصاد العالمي للارتداد، عادت شركة نيسان لتحقق أرباحا مهمة بسرعة.
وبينما كان التحالف بين نيسان ورينو في طور الازدهار في 2010، كانت رواتب غصن تزداد يوما بعد يوم لتصل إلى أكثر من 15 مليون دولار سنويا، متفوقا على جميع المديرين التنفيذيين لصناعة السيارات ما عدا ماري بارا من "جنرال موتورز"، وفق تقرير الموقع الأميركي.
طائرة غصن
وأوضح الكاتب أن غصن كان يتنقل بين مقر الشركتين في قارات مختلفة على متن طائرة شركة نيسان "غولف ستريم جي 650"، التي يصل ثمنها إلى 67 مليون دولار ويمكن أن تستوعب ما يصل إلى عشرة أشخاص.
وعلى مدار عام 2016، استنادا لصحيفة "وول ستريت جورنال"، توقفت الطائرة في أكثر من 35 مطارا على امتداد أكثر من 80 يوما من السفر في ذلك العام.
كما غادرت بيروت ثماني مرات في الأسابيع السبعة التي سبقت اعتقاله في نوفمبر/تشرين الثاني.
من جانبه، ذكر موقع بلومبيرغ عام 2018 أن شركة نيسان استأجرت أيضا عقارات في البرازيل وفرنسا وبيروت وطوكيو.
وبحلول عام 2016، كان التحالف ناجحا لدرجة أنه استحوذ بسهولة على حصة تبلغ 34% من شركة ميتسوبيشي، بعد أن تعرضت هذه الشركة الصانعة للسيارات لعدة فضائح.
تحالف 2022
أشار الكاتب إلى أن الخطة الجريئة التي وضعها غصن في عام 2017 تشير إلى "معلم جديد" لتحالف الشركات الثلاث التي رحبت بشعار جديد لعصر جديد.
وقد صرّح غصن في ذلك الوقت "من المتوقع أن يتجاوز إجمالي مبيعاتنا السنوية 14 مليون وحدة، مما يولد إيرادات متوقعة قيمتها 240 مليار دولار بنهاية الخطّة".
في الواقع، لا يزال الوقت مبكّرا حتى تتحقق أهداف التحالف، ولكن احتمال نجاحه قد تحوّل إلى حالة من الفوضى في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، عندما اعتُقل غصن أثناء محاولته المغادرة على متن طائرة تابعة للشركة في طوكيو بصحبة مدير شركة نيسان غريغ كيلي، وفق ما يذكر الكاتب.
بعد مرور عام على أول مرة اعتُقل فيها، كان غصن موجودا في اليابان إما في الحجز أو في الإقامة الجبرية، حتى هرب.
بعد الإقامة لمدة ثلاثة أشهر ونصف في سجن ياباني، مع محدودية فرص الوصول إلى العالم الخارجي والسماح له بممارسة 30 دقيقة من التمارين الرياضية يوميا وأخذ حمامين فقط في الأسبوع، عقد غصن وفريقه القانوني صفقة كفالة مع المدعين العامين.
ونبّه الكاتب إلى أن شروط الكفالة التي تبلغ قيمتها تسعة ملايين دولار، نصّت على أن يحتفظ الفريق القانوني بجوازات سفر غصن الثلاثة.
كما طلب المدّعون أيضا أن يكون له الحد الأدنى من الاتصال بزوجته، خشية أن يتمكن الثنائي من العبث بالأدلة والشهود أو الهرب.
في هذا الشأن، نقلت صحيفة التايمز عن جونيشيرو هيروناكا قوله: "كان من الصعب عليه القيام بذلك دون مساعدة بعض المنظمات الكبيرة. أريد أن أسأله: كيف أمكنه فعل هذا بنا؟" وأضاف المحامي أن غصن ترك جميع ممتلكاته على ما يبدو في اليابان، وفق ما يذكر الكاتب.
وينقل الكاتب تصريحا مقتضبا لغصن قال فيه إنه كان يهرب من نظام العدالة "المزور".
غصن قال "أنا الآن في لبنان ولن أظل رهينة نظام العدالة الياباني المزور حيث الجرم مفروض والتمييز متفشٍ، كما أن حقوق الإنسان الأساسية مرفوضة، وذلك في تجاهل صارخ للالتزامات القانونية لليابان بموجب القانون الدولي والمعاهدات التي من المحتم أن تتمسك بها".
وأضاف "لم أهرب من العدالة، وإنما هربت من الظلم والاضطهاد السياسي. أستطيع في الوقت الراهن أن أتواصل بحرية مع وسائل الإعلام وأنا أتطلع إلى البدء بذلك الأسبوع القادم".
في غضون ذلك نقلت وكالة الصحافة الألمانية اليوم الاثنين أن غصن سيعقد مؤتمرا صحفيا في العاصمة اللبنانية بيروت بعد غد الأربعاء 8 يناير/كانون الثاني في الساعة الواحدة ظهرا بتوقيت غرينتش.
اعلان
ويقول الكاتب في نهاية التقرير "سيكون علينا جميعا انتظار ظهور غصن للحصول على إجابات".