[ الصفقات السعودية مهمّة لبعض الشركات دون غيرها ]
رصدت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية في تقرير لها يوم الثلاثاء، أعدّه إد كروكس، "أهمية السعودية بالنسبة لتجارة الأسلحة العالمية"، معتبرة أن الولايات المتحدة مدعوّة، هي ودول أخرى، إلى أن تحذو حذو ألمانيا بمقاطعة بيع الأسلحة للمملكة، بعد فضيحة جريمة قتل الصحافي والكاتب السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول.
التقرير استُهل بالإشارة إلى أن قرار ألمانيا وقف مبيعات الأسلحة إلى السعودية بعد جريمة خاشقجي، يؤكد الطريقة التي أصبح بها إنفاق المملكة العسكري مهمّاً على نحو متزايد بالنسبة إلى الحكومات والشركات في أميركا الشمالية وأوروبا.
لسنوات كانت السعودية من أكبر مستوردي الأسلحة في العالم. وفي العقد الماضي، زادت مشترياتها بقوّة، مع اتباع قيادتها سياسة أمنية إقليمية حازمة، بما في ذلك حربها العسكرية في اليمن منذ عام 2015.
ومع بروز جريمة خاشقجي إلى صدارة أحداث هذا الشهر، أعلنت ألمانيا، يوم الإثنين، أنها ستقطع مبيعات الأسلحة للسعودية نتيجة الظروف المحيطة بوفاته.
كذلك حضت برلين بقية الدول على أن تحذو حذوها، وأكدت أن الحظر سيكون أكثر فعالية إذا شارك فيه المزيد من البلدان، على الرغم من أن الرئيس دونالد ترامب أشار مراراً إلى أنه متردّد في اتخاذ إجراء لمنع مبيعات الشركات الأميركية للرياض.
تقرير الصحيفة يلفت الانتباه إلى أن صادرات الأسلحة إلى السعودية ليست ذات أهمية خاصة للاقتصادين الألماني أو الأميركي، لكنها مسألة قد تكون حرجة بالنسبة إلى مصانع معيّنة.
في السياق، يُشير التقرير إلى أن ترامب قد يكون عمد إلى تضخيم تقديراته لعدد الوظائف التي يمكن دعمها بصفقات الأسلحة مع السعودية، لكنه، برأي الكاتب، محق في القول إن خفض المبيعات ستكون له عواقب بالنسبة إلى بعض المصنعين.
لكن مع ذلك، فإن الاعتماد متبادل في اتجاهين. إذ إن الحاجة إلى أنظمة أسلحة تعمل مع بعضها، تعني أنه لن يكون سهلاً على السعودية أن تحوّل مشتريات معظم أسلحتها إلى روسيا أو الصين.
الرسوم البيانية الخمسة التالية تساعد في توضيح أهمية السعودية بالنسبة لتجارة الأسلحة العالمية، والقضايا التي يتعيّن على الولايات المتحدة وبقية الدول النظر فيها عندما تقرّر ما إذا كانت ستتّبع خطى ألمانيا أم لا.
بالنسبة إلى الاقتصاد الأميركي ككل، تُعدّ مبيعات الأسلحة للسعودية ضئيلة. إذ شكلت المعدات العسكرية 18% من صادرات الولايات المتحدة إلى المملكة العام الماضي، لكنها لم تتجاوز 0.13% من إجمالي الصادرات العالمية، وفقاً للبيانات الرسمية.
وقد أعلن البلدان العام الماضي أن المملكة ستشتري أسلحة أميركية بقيمة 110 مليارات دولار في السنوات المقبلة، ويعتقد ترامب أن هذه الصادرات ستدعم ما يصل إلى 500 ألف وظيفة، لكنه لم يستشهد بأي مصدر لهذا التقدير، الأمر الذي قوبل بشكوك من قبل المحللين.
تقرير "فايننشال تايمز" يشير إلى أن معظم القوى العاملة في صناعة الدفاع الأميركية التي يبلغ عدد أفرادها حوالي المليون، تُنتج معدات للحكومة الفيدرالية، التي كانت لديها ميزانية شراء عسكرية بقيمة 134 مليار دولار في السنة المالية الماضية وحدها، أي أكثر من 40 مرة من قيمة الصادرات إلى السعودية في العام ذاته.
ويعني هذا أن مبيعات الأسلحة للسعودية قد تشكل مصادر مهمة لإيرادات شركات معيّنة. فقد زادت كثيراً واردات السعودية من بعض المنتجات المحددة، مثل القنابل والقذائف، ما يجعلها عميلاً مهماً لمصنّعي هذه الأسلحة.
ومن أصل الاتفاق الأميركي لبيع 110 مليارات دولار من الأسلحة إلى المملكة، لم يُترجَم حتى الآن سوى 14.5 مليار دولار من العقود. لكن مجموعة "لوكهيد مارتن" الأميركية للدفاع والفضاء، قالت إن نصيبها من الخطة قد يساوي مبيعات قيمتها 28 مليار دولار.
ووفقاً لبيانات يونيو/ حزيران الماضي، كانت لدى الشركة طلبات مراكمة بقيمة 105 مليارات دولار، ولذلك، فإن إضافة هذه المبيعات السعودية يمكن أن تُحدث فرقاً جوهرياً في نتائج أعمالها.
صادرات الأسلحة الأوروبية إلى السعودية زادت بوتيرة أقل سرعةً - المصدر: مكتبة مجلس العموم، وزارة الاقتصاد الألمانية
وتظهر مبيعات أسلحة الدول الأوروبية للسعودية نمواً أقل حدّة، إذ تهيمن المبيعات على الطلبات الكبيرة العرَضية.
ومن المتوقّع أن تتجاوز قيمة مبيعات وتسليم الأسلحة من فرنسا 500 مليون يورو هذا العام، وفقاً لما ذكره المحلل المتخصص في شؤون الطيران والدفاع، ساش توسا.
وبالنسبة إلى المملكة المتحدة، كانت السعودية سوقاً مهماً جداً لصناعة دفاعها، إذ مثّلت 36% من إجمالي الصادرات البريطانية من حيث الحجم العام الماضي، وفقاً لشركة "سبيري داتا" Sipri data. "أهمية السعودية بالنسبة لتجارة الأسلحة العالمية" رصدتها صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، كاشفةً أن الدور السعودي مهمّ جداً بالنسبة إلى بعض الشركات الأميركية بعينها، وليس بالنسبة لقطاع التصنيع العسكري بأسره.