أوائل العام الماضي كانت كوريا الجنوبية تعتزم نشر نظام الدفاع الصاروخي الأميركي (ثاد). ورأت الصين أن هذه الخطوة تهدد أمنها، وردت عليها بقوة وسرعة، وتضمن هذا الرد سلاحا جديدا لم يدخل مثل هذه المعارك من قبل، وهو السياحة.
فبعد نشر نظام ثاد، شهدت كوريا الجنوبية انخفاضا في عدد السياح الصينيين القادمين إليها بنسبة 40% مما أثر كثيرا على السياحة فيها. علما بأن السياح الصينيين يمثلون نسبة 50% من جملة السياح القادمين لكوريا الجنوبية.
وكانت بكين قد هددت وكالات السفر والسياحة بالغرامة إذا استمرت في الحجز الجماعي للمواطنين إلى كوريا الجنوبية.
سلاح ناجح
وكانت هذه الخطوة أول استخدام ناجح للإضرار باقتصاد كبير. وما حدث لكوريا الجنوبية يمكن أن يكون مؤشرا لأشياء ستأتي مستقبلا. فخلال أقل من عقد واحد تحولت الصين إلى أهم دولة لتصدير السياح لمنطقة آسيا والباسيفيكي.
ففي اليابان وتايلند وتايوان وسنغافورة وبالي، يشكل الصينيون أكبر مجموعة سياح أجانب، إذ بلغ مجموعهم العام الماضي 129 مليون سائح، كما أنهم وفي أغلب الحالات ينفقون أكثر من نظرائهم الغربيين أو الآسيويين.
وقال الباحث بالقضايا الأمنية والاقتصادية إدواردو سارافالي: إذا فرض الصينيون قيودا تجارية فهناك فرصة للشكوى لمنظمة التجارة الدولية، لكن السياحة قضية من الصعب أن تكون محل نظر من قبل المنظمة.
فشل مع دولة واحدة
وكانت تايوان الوحيدة التي صمدت بوجه استخدام الصين السياحة كسلاح وذلك بفضل تاريخها الطويل للتعامل مع المحاولات الصينية لإيذائها أو عزلها. ففي هذه البلاد لم يستغرب الناس عندما تسبب انتخاب ساي إنغ-وين المؤيد لاستقلال جزيرة تايوان عام 2016 في تقييد الصين حركة سياحها.
واستبدلت تايوان السياح الصينيين بسياح من دول الاقتصادات الناشئة، مثل إندونيسيا وماليزيا، وقدمت إغراءات تمثلت في تخفيض تكاليف السفر وتمديد التأشيرات.
وقالت مجلة فورين بوليسي إن من غير الواضح أن تستمر الصين باستخدام هذا السلاح بشكل منتظم، لكن الواضح أنه حتى متعة السفر ليست بمنأى عن القوة المتنامية لقهر الدولة الصينية.
وبالمقابل، لن يتوقع أن تستطيع الدول الأخرى الرد على السلاح الصيني الجديد، أو تقيّد دولة ديمقراطية مثل كوريا الجنوبية حركة تنقل سكانها وتمنعهم من السفر للسياحة بالصين إذا أرادوا، كما أن السياح الأجانب الذين يتوجهون للصين قليلو العدد نسبيا بسبب صعوبة الحصول على تأشيرة دخول وندرة المرافق السياحية بالإضافة إلى التلوث.