اهتم موقع شبكة “سي ان بي سي” الأمريكية بتصريح ممثل السعودية لدى منظمة “أوبك” الخميس، والذي قال فيه إن صادرات المملكة النفطية لن ترتفع كثيرا هذا الشهر. وأكد الموقع أن ذلك سيمثل ضربة موجعة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يعتمد على حلفائه السعوديين في إغراق السوق لأجل تخفيض أسعار النفط العالمية.
وأفاد الموقع نقلا عن “داو جونز″ أن ممثل السعودية لدى (أوبك) المهندس أديب الأعمى، أكد أنّ إجمالي صادرات المملكة في شهر تموز / يوليو الحالي ستكون مقاربة لإنتاج الشهر الماضي، ومن المتوقع أن تنخفض صادرات النفط الخام السعودي بمقدار 100 ألف برميل يومياً في آب / أغسطس المقبل وذلك مقارنة بالشهر السابق.
وصرح “الأعمى” أن المملكة العربية السعودية لن تغرق الأسواق وسوف تحافظ على التوازن الدقيق بين العرض والطلب .
وذكر مصدر مختص بشؤون الطاقة أن إجمالي الصادرات السعودية من النفط قد بلغت نحو 7.2 مليون برميل يوميا في حزيران / يونيو الماضي.
وقد سجلت أسعار النفط ارتفاعا في آسيا الجمعة بعد تصريحات ممثل السعودية.
حين اتصل بـ”صديقه” الملك
وكان ترامب هاجم في بداية الشهر الحالي منظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك»، منبها إياها إلى ضرورة الكف عن التلاعب في أسواق النفط العالمية، كما زاد من الضغط على السعودية لزيادة الإمدادات من أجل تعويض انخفاض الصادرات من إيران.
وقال ترامب على حسابه في “تويتر” قبلها إن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وافق على زيادة إنتاج النفط. لكن في وقت لاحق، تراجع البيت الأبيض عن تصريحات الرئيس قائلا إن ملك السعودية قال إن بلاده يمكنها زيادة إنتاج النفط إذا اقتضت الضرورة.
ثم عاد الرئيس الأمريكي وجدد دعوته للسعودية إلى زيادة الإنتاج لمستوى قياسي جديد، وحثها على ضرورة مساعدة الولايات المتحدة في خفض أسعار الوقود في الوقت الذي تساند فيه واشنطن الرياض في صراعها مع طهران.
وقال ترامب «يجـب ألا نـنسى أن الجانب السلبي الوحيد في (الانسحاب من) اتفاق إيران هو أننا نخسر الكثير من النفط، وعليهم تعويض ذلك. من هو عدوهم الأكبر؟ إنه إيران. نعم. فكروا في الأمر. إيران هي عدوهم الأكبر، ومن ثم سيتعين عليهم القيام بذلك”.
وأضاف «لدي علاقة جيدة جدا مع الملك (السعودي) وولي عهد السعودية والمحيطين بهما وسيتعين عليهم ضخ مزيد من النفط”.
وارتفعت أسعار النفط، حينها، بفعل مخاوف من أن يؤدي فرض عقوبات أمريكية على إيران إلى إخراج كميات كبيرة من النفط من الأسواق العالمية بينما يرتفع الطلب العالمي على الخام.
لكن سعر خام القياس العالمي برنت هبط أمس الإثنين نحو واحد في المئة لكنه لم يبعد عن 79 دولارا للبرميل، في الوقت الذي حذر فيه المحللون من ضآلة طاقة الإنتاج الفائضة اللازمة لتعويض حالات التعطل المحتملة للإمدادات.
قلق من لجوئه لاحتياطي أمريكا
وبحسب وكالة فرانس برس فقد أثارت تقارير صحافية أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يمكن أن يلجأ قريبا إلى الاحتياطي الاستراتيجي للنفط من أجل خفض الأسعار قلقا من استغلال هذا المخزون المخصص لحالات الطوارئ لأغراض سياسية.
وكان تخزين هذا الاحتياطي بدأ ابّان الصدمة النفطية في العام 1972 وهو موجود في أربعة مواقع في ولايتي تكساس ولويزيانا في جنوب الولايات المتحدة وحجمه 660 مليون برميل محفوظة في كهوف ملحية تحسبا لأي خلل في امدادات النفط.
وتدرس الإدارة الحالية استخدام بين 5 و30 مليون برميل من النفط، حسب ما نقلت وكالة “بلومبورغ” عن مصادر لم تسمها. ويأتي التحرك قبل انتخابات منتصف الولايات المقررة في تشرين الثاني/نوفمبر وبينما الضغوط تتزايد بعد ارتفاع أسعار المحروقات منذ عام نتيجة ارتفاع أسعار الخام.
ومع أن ارتفاع أسعار النفط مرده جزئيا إلى الخلل مؤخرا في إنتاج النفط في ليبيا وكندا، إلا أن محللي السلع الأساسية يشيرون إلى عوامل عدة من بينها قرار ترامب إعادة فرض العقوبات على إيران أحد مصدري النفط الرئيسيين.
وبمجرد انتشار الشائعة بأن ترامب يمكن أن يلجأ إلى الاحتياطي الاستراتيجي تراجعت أسعار النفط الأمريكي بأكثر من 4% أي نحو 3 دولارات للبرميل الاثنين.
ويقول محللون إن ظروف الإنتاج ليست صعبة بشكل استثنائي بينما يبدي آخرون شكوكا بأن استخدام الاحتياطي مبرر.
ويعلق فيل فلين المحلل لدى مجموعة “برايس فيوتورز″ إنه “من المنطقي إزاء الخلل الذي يهدد الإنتاج العالمي استخدام هذا الاحتياطي بشكل طارئ”، مضيفا “لكنني أخشى أن تبدأ الولايات المتحدة استغلال الاحتياطي كسلاح للتلاعب بالأسعار وأنه سيفقد تأثيره في حال حصول أزمة فعلية في الأسواق”.
يشير آخرون إلى جهود من أجل تخفيف ضغوط الإنتاج خصوصا من قبل منظمة الدول المصدرة للنفط “اوبك” في حزيران/يونيو الماضي من أجل دعم الإنتاج.
تراجعت أسعار البنزين هذه السنة بعد ارتفاعها إلى نحو 3 دولارات للغالون (3,7 ليتر) خلال أيار/مايو. وبات المعدل الوطني الآن 2,86 دولار للغالون حسب الوكالة الأمريكية للسيارات.
وصرح اندرو ليبو المساهم لدى مجموعة “كوموديتي ريسرتش” أن “ارتفاع أسعار المحروقات الذي يحاول ترامب التصدي له قبل انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر تم حلّه جزئيا فقد تراجعت هذه الأسعار”.
وتقول وكالة الطاقة الدولية التي تمثل حكومات دول تستورد النفط إنه لم تحصل مشاورات بين الدول الأعضاء من أجل التنسيق لاستخدام مخزونات الطوارئ.
استخدام نادر
ولم تلجأ السلطات الأمريكية إلى الاحتياطي الاستراتيجي إلا نادرا وتم ذلك بالتنسيق مع وكالة الطاقة الدولية ودول أعضاء أخرى.
في العام 1991، أطلق الاحتياطي الاستراتيجي الأمريكي 17 مليون برميل في الأسواق خلال عملية “عاصفة الصحراء” بعد اجتياح العراق للكويت.
كما ضخ 11 مليون برميل بعد الإعصار كاترينا في العام 2005 و30 مليون برميل في العام 2011 بعد إطاحة نظام معمر القذافي في ليبيا.
وكانت المرات الأخرى لاستخدام كميات أقل على غرار الصيف الماضي عندما استخدمت السلطات خمسة ملايين برميل بعد الإعصار هارفي.
والمستوى الحالي للاحتياطي الاستراتيجي أدنى من ذورته ويدرس السياسيون فوائد تقليصه وبيع النفط. ومثل هذا المسار قد ينطوي على مخاطر بالنظر إلى الزيادة في إنتاج الولايات المتحدة بفضل ازدهار مصادر الطاقة الصخرية.
وتعرض خطة للموازنة قدمتها إدارة ترامب تقليص احتياطي النفط الاستراتيجي إلى 410 ملايين برميل بحلول 2027 ما سيتيح لوزارة الطاقة إغلاق اثنين من أربعة مواقع التخزين.