يمارس الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من حين لآخر، زعزعة لاستقرار أسواق النفط، التي من الممكن أن تضع ضغوطا تصاعدية على سعر برميل النفط، بعكس المأمول.
خلال الأسبوع الماضي، جدد ترامب انتقاده لمنظمة "أوبك"، وطالبها بخفض فوري للأسعار المرتفعة.
وتعد تلك المرة الثالثة التي يهاجم فيها ترامب "أوبك"، الذي قال في أحدث تغريداته، إن "أوبك المحتكرة" يجب أن تتذكر أن سعر البنزين مرتفع، وأنهم يقدمون القليل للمساعدة.
وأضاف أن الأعضاء يدفعون الأسعار نحو الارتفاع، بينما الولايات المتحدة تدافع عن الكثير من أعضاء المنظمة، مقابل القليل من الدولارات.
وتابع: "اخفضوا الأسعار الآن"، بل طلب مباشرة من السعودية أكبر منتج للنفط في أوبك بزيادتها إنتاجها.
** انعكاس مباشر
قال المحلل الكويتي لأسواق النفط العالمية، أحمد حسن كرم، إن تصريحات الرئيس الأمريكي تؤثر في أسعار النفط مباشرة.
وأضاف في اتصال هاتفي مع الأناضول: "ترامب رئيس واحدة من أكبر الدول استهلاكا للنفط في العالم، وبالتالي فإن تصريحاته تنعكس بشكل مباشر على الأسواق".
وأشار إلى أن ترامب يحاول خفض أسعار النفط عبر تواصله مع دول "أوبك"؛، لأن ارتفاع الأسعار غير مرغوب به، ويؤدي لتباطؤ نمو الاقتصاد الأمريكي.
وتابع: "هناك تكتلان داخل أوبك؛ واحد منهم يميل للسياسة الأمريكية برفع الإنتاج.. والآخر معارض لها".
وتوقع المحلل الكويتي ارتفاع أسعار النفط، حال تأثر إنتاج إيران النفطي بعد فرض العقوبات الأمريكية، وإقدامها على غلق مضيق هرمز الذي يعبر من خلاله ثلث الإنتاج العالمي من النفط.
وحسب معطيات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، فإن قرابة 80 بالمائة من النفط المستخرج في السعودية والكويت والإمارات والعراق، يتم نقلها عبر مضيق هرمز إلى الأسواق الآسيوية.
وحتى 2016، احتل المضيق المرتبة الأولى لست سنوات متتالية، بين الممرات البحرية الدولية المستخدمة لنقل وتجارة النفط، وفق المعطيات ذاتها.
وزاد كرم: "قد نرى أسعارا مرتفعة جدا للنفط، مع تزايد المخاطر الجيوسياسية والتجارية على حد سواء".
** موجة تصحيح
فيما يري الخبير النفطي محمد زيدان، أن الأسعار قد تدخل في موجة تصحيح هابطة على المستوى القصير، إلى مستويات 68 ثم 65 دولارا للبرميل، بناء على مؤثرات تم استيعابها في الفترة الماضية، أبرزها تدخل ترامب المباشر في توجيه دول "أوبك" على رأسها السعودية لزيادة الإنتاج.
وقال زيدان في اتصال لـ"الأناضول" إن المخاطر الجيوسياسية وانخفاض صادرات فنزويلا وليبيا تم تسعيرها في برميل النفط، الذي وصل لمستويات قياسية منذ 4 سنوات.
وأشار إلى أن نسب التزام "أوبك" انخفضت من 148 إلى 105 بالمائة وفق آخر تقرير ما يعكس زيادة حقيقية بالإنتاج.
وتحوم أسعار النفط حالياً عند مستويات هي الأعلى منذ نوفمبر/تشرين ثاني 2014؛ حيث يتداول خام برنت القياسي بين 75 إلى 80 دولارا، فيما يراوح الخام الأمريكي بين 70 إلى 75 دولارا للبرميل.
وحول مدى إمكانية زيادة السعودية وروسيا إنتاجهما من النفط، ذكر زيدان أن البعض يشكك في قدرة الدولتين علي زيادة الإنتاج مليون برميل يوميا، حسبما تم الإعلان من قبل، مشيرا إلى أنه قد يتم اللجوء للمخزون الكبير لدى الدولتين.
واتفق الأعضاء في "أوبك" والمنتجون المستقلون في 23 يونيو/ حزيران الماضي، على زيادة إنتاج النفط بمليون برميل يومياً، اعتباراً من الشهر الجاري.
وستكون الزيادة المتفق عليها، عبر تقليص الإنتاج من 2.2 مليون برميل فعليا كانت مطبقة حتى نهاية الشهر الماضي، إلى 1.2 مليون برميل اعتبارا من الشهر الجاري.
وكان الأعضاء في "أوبك" ومنتجون مستقلون من خارجها، بدأوا مطلع 2017، تنفيذ اتفاق خفض الإنتاج بنحو 1.8 مليون برميل، على أن ينتهي أجل الاتفاق في ديسمبر/كانون الأول 2018.
** أزمة قائمة
وتعاني فنزويلا، العضو في منظمة "أوبك"، أزمات اقتصادية قائمة بسبب نقص السيولة والتضخم الجامح والركود الشديد التي تعاني منه البلاد.
ونتيجة للأزمة الآخذة بالتفاقم، أصبحت فنزويلا غير قادرة على إنتاج النفط الخام، وتمويل استخراج الخام وتصديره.
وتفرض إدارة ترامب عقوبات متزايدة على أفراد وشركات من فنزويلا، في إطار حملة للضغط على الرئيس نيكولاس مادورو، لـ"القيام بإصلاحات سياسية واقتصادية".
وبالنسبة لإيران، أعلن ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي مع إيران التي تنتج أكثر من 3.8 ملايين برميل يوميا.
ومن شأن إعادة فرض عقوبات على طهران، أن يؤثر على إمدادات النفط للدول المستوردة للخام الإيراني، وبالتالي تراجع الطلب وارتفاع الأسعار.