وقعت محكمة في اليابان غرامة على شركة دنتسو، كبرى وكالات الدعاية والإعلان، بسبب ساعات عمل الإضافية التي تسمح بها الشركة للموظفين.
وأصدرت محكمة في طوكيو الجمعة قرارا يلزم الشركة بدفع 500 ألف ين (حوالي 4400 دولار) لانتهاكها قوانين العمل.
وتعرضت شركة دنتسو للتدقيق من جانب المسؤولين بعد انتحار وفاة موظفة شابة تُدعى ماتسوري تاكاهاشي عام 2015.
وتمثل الوفاة جراء العمل الإضافي مشكلة قائمة منذ فترة طويلة في اليابان، وتُعرف هذه المشكلة في اليابان باسم "كاروشي".
وتوصلت السلطات اليابانية إلى أن العمل المُفرط لتاكاهاشي، والذي أفادت تقارير بأنه وصل إلى 100 ساعة من العمل الإضافي في الشهر قبل وفاتها، قد أدى إلى انتحارها.
وعلى إثر ذلك، تجددت الدعوات لإدخال تعديلات على نظام ساعات العمل الطويلة والعمل الإضافي غير مدفوع الأجر المخالف للقانون.
وقال سكوت نورث، أستاذ علم الاجتماع في كلية الدراسات العليا للعلوم الإنسانية في جامعة أوساكا، إن العمل الإضافي يمثل "مشكلة مزمنة في اليابان".
وحذر من أن الغرامة البسيطة التي فُرضت على شركة دنتسو لن تكون رادعا كبيرا لها ولغيرها من الشركات.
حياة مُهدرة
وسُلّط الضوء على هذه المشكلة مرة أخرى هذا الأسبوع، حينما ذكرت هيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية "ان اتش كيه" أن السلطات اعتبرت أن وفاة الصحفية ميوا سادو في عام 2013 كانت نتيجة للعمل الإضافي. وتوفيت سادو التي كانت تبلغ من العمر 31 عاما جراء فشل في وظائف القلب.
وبعد عام من وفاة سادو، توصلت السلطات المحلية إلى نتيجة مفادها أن الصحفية التي كانت متخصصة في تغطية الأخبار السياسية كانت تعمل 159 ساعة إضافية في الشهر، وكانت تأخذ يومين عطلة فقط خلال الشهر، وهو ما أدى إلى وفاتها.
وقال والدا سادو في تعليق لهما بثته محطة "ان اتش كيه": "حتى اليوم وبعد أربع سنوات من وفاتها فإننا لا نصدق حقيقة وفاة ابنتنا. نأمل بأن حزن العائلة المكلومة لن يذهب سُدى."
وتعد وفاة الموظفين جراء ساعات العمل الكثيرة في اليابان مشكلة اجتماعية منذ الستينيات من القرن الماضي.
وفي ظل تزايد الضغط الشعبي، وافق رئيس الوزراء شينزو آبي على خطة تتضمن إصلاحات شاملة في أماكن العمل تتضمن وضع حد أقصى للوقت الإضافي وتحسين أجور الموظفين الذين يعملون بعقود.
عدد الوفيات
يُعلن رسميا في اليابان عن وقوع عدة مئات من الوفيات بسبب العمل لساعات طويلة كل عام جراء الإصابة بسكتات قلبية أو دماغية أو حالات انتحار. ويقول المدافعون عن حقوق العاملين إن العدد الحقيقي أكبر من ذلك بكثير.
وتوصل بحث حكومي نُشر العام الماضي إلى أن نحو ربع الشركات اليابانية تقريبا تُجبر الموظفين على ساعات عمل إضافية تتجاوز 80 ساعة شهريا وغالبا دون مقابل، وهناك 12 في المئة من الموظفين يتجاوزون 100 ساعة عمل إضافي في الشهر.
ويُعتبر العمل أكثر من 80 ساعة إضافية في الشهر هو المستوى الذي يتزايد فيه احتمال وفاة الموظف بسبب الإرهاق في العمل.
ويُقدم للحكومة 2000 طلب سنويا للحصول على تعويضات بسبب وقوع حالات وفاة جراء العمل الإضافي. وقال البروفيسور نورث إن نحو 37 في المئة من هذه الطلبات حصلت بالفعل على تعويضات.
تغيير الثقافة؟
وقد بُذلت جهود لتغيير ثقافة ساعات العمل الطويلة في اليابان، بما في ذلك مبادرات لتشجيع الموظفين الحكوميين على أخذ المزيد من الإجازات. وقد ألزمت شركات أيضا موظفيها على "مغادرة العمل مبكرا" في أيام مُحددة.
وأفادت تقارير بأن شركة دنتسو وضعت إصلاحات في أعقاب وفاة تاكاهاشي تشمل إطفاء الأنوار في الساعة العاشرة كل ليلة في محاولة لإجبار الموظفين على المغادرة.
وركز قانون بدأ تنفيذه في عام 2014 للتصدي لظاهرة "كاروشي" على حملات التثقيف والتوعية بمخاطر العمل الإضافي. وقال البروفسور نورث إنه بالرغم من أن هذا القانون يطالب الموظفين ببذل جهود لتقليل ساعات العمل، فإنه في الوقت نفسه لا يفرض أي عقوبات لعدم القيام بذلك.
وقال إن "جهود الحكومة لمعالجة مشكلة العمل الزائد / كاروشى لا يمكن وصفها بأنها ناجحة".