توفي اليوم السبت بالرباط عميد الصحفيين بالمغرب مصطفى العلوي عن عمر ناهز 83 سنة.
يعتبر العلوي -المولود سنة 1936 بمدينة فاس (شمال)- عميد الصحافة في المغرب، حيث بدأ حياته المهنية في وقت مبكر من استقلال البلاد في خمسينيات القرن الماضي، وأصدر مجلة "المشاهد" التي كانت تحظى بمتابعة واسعة كونها من المشاريع الإعلامية الناجحة في مرحلة ما بعد الاستقلال.
تعرض للاختطاف عام 1963 ونقل إلى مركز سري لاعتقال المعارضين عرف بدار المقري، وذلك بسبب معاداة أحمد رضا كديرة صديق الملك الحسن الثاني ومستشاره ومسؤولين آخرين له.
ولم يجد من أمر باختطافه من تهمة لتوجيهها له سوى أنه مؤيد للمعارضة اليسارية القوية ممثلة في حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، الذي ضم المعارضين الشرسين لحكم الملك، وفي مقدمتهم الراحل المهدي بن بركة.
وخلال مقامه بدار المقري، التقى العلوي بالرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك، الذي اعتقل على الأراضي المغربية إبان دعم النظام الناصري للجزائر خلال الحرب بين البلدين، والتي عرفت بحرب الرمال عام 1963.
اشتهر العلوي بعلاقته المميزة مع الراحل الحسن الثاني، وبقصصه الطريفة معه، وحكى أنه ذات يوم ذهب ليغطي مظاهرات ساخطة على النظام في منطقة الريف، فأتى به مدير الأمن الوطني وسأله عما يفعله هناك فأجابه بأنه كان يغطي زيارة المواطنين لعين طبيعية بغرض الاستشفاء تسمى "العين الحمراء".
لكن ما لبث أن استقبله الحسن الثاني وخاطبه بقوله "إذا كنت ضحكت على مدير الأمن الوطني فلن تضحك علي، وإن لم تخبرني أين كنت فسأعطيك أنا كل التفاصيل".
وخلال استضافة المغرب إحدى القمم العربية بتمويل مغربي خالص دون مساعدة الدول العربية، وخلال الندوة الصحفية التي عقدها الملك بعد انتهاء أشغال القمة، فوجئ العلوي بسؤال مكتوب يصل إليه لطرحه في الندوة يتعلق بمن مول أشغال القمة، فأجاب الحسن الثاني قائلا "انظر إلى وجه وزيري في المالية وستعرف من أين التمويل".
واكتشف العلوي لاحقا أن الرجل الذي أوصل إليه السؤال الذي أراد الحسن الثاني طرحه، أخطأ في وجهته وعوض أن يقدمه لمدير وكالة المغرب العربي للأنباء (رسمية) قدمه لمصطفى العلوي.
وفي أحد الأيام استقبل الحسن الثاني في لقاء سري أعضاء الكتلة الوطنية المعارضة، وجعلهم يحلفون على المصحف بعدم البوح بانعقاد هذا اللقاء، لكن فوجئ الجميع بمصطفى العلوي ينشر الخبر في جريدته، فما كان من الملك إلا أن بعث إلى العلوي يطلب منه اسم من سرب خبر اللقاء، فبعث العلوي ردا إلى الملك في ورقة كتب فيها "يا سيدي هل تذكر يوم تقابلنا في دار الباهية في مراكش وقلت لي إن الصحفي المحترم هو الذي لا يكشف مصادره؟".
قال العلوي إنه تعرض لمحاولة اغتيال في بداية ثمانينيات القرن الماضي، حيث اقتحم مسلح مكتبه وهدد بإسكاته نهائيا، فانقض العلوي على الرجل ووجه المسدس الذي كان يحمله بعيدا عنه، فما لبث المسلح أن فر بعد أخْذ سلاحه وألقي القبض عليه لاحقا دون أن تكشف التفاصيل الكاملة للقضية.
وكان مصطفى العلوي عدوا لدودا لوزير الداخلية القوي وقتها الراحل إدريس البصري، وكان يوجه له انتقادات كثيرة عبر جريدته.
وبتهم مختلفة، أغلقت بعض الجرائد التي أصدرها العلوي، وكانت آخر جريدة أصدرها وبقيت حتى وفاته هي جريدة "الأسبوع الصحفي" التي اشتهرت بأسلوبها البسيط في تناول المواضيع الإعلامية، مثلما اشتهرت بصفحتها الأخيرة التي ظل العلوي ينشر عموده الأسبوعي فيها بعنوان "الحقيقة الضائعة".
وإلى جانب عشقه الكبير للكتب حيث عرف بشدة اطلاعه وثراء مكتبته، أصدر مصطفى العلوي عدة كتب، منها "مذكرات صحفي وثلاثة ملوك"، و"الملك المظلوم".