[ تعتبر مدينة أرضروم، واحدة من أهم مناطق الاستيطان في هضبة الأناضول (آسيا الصغرى) ]
تحتضن مدينة أرضروم التركية (شرق) نحو 20 ضريحًا وقبة، بنيت في فترات تاريخية مختلفة، مشكلة كنوزًا حقيقية ترصع تاج التاريخ التركي بقيمة لا تقدر بثمن.
تعتبر مدينة أرضروم، واحدة من أهم مناطق الاستيطان في هضبة الأناضول (آسيا الصغرى) التي تتمتع بطبيعة ثرية وسهولا مناسبة للزراعة وموارد مائية ضخمة وإنتاجا كبيرًا من الحبوب، ويطلق عليها "النقطة المفتاحية" بين الشرق والغرب نظرا لأنها كانت حلقة الوصل بين المناطق منذ القدم وحتى اليوم.
وحظيت المدينة عبر فترات التاريخ المختلفة ببناء العديد من الأضرحة والقباب التي تحولت إلى معالم مهمة ترمز إلى المدينة، الغنية بقيمها الثقافية وأوابدها الأثرية العريقة.
شهدت المدينة خلال دولة السلادقة (1071 - 1202) وسلاجقة الأناضول (1077 - 1307) والدولة الإيلخانية (1256 – 1335) والإمبراطورية العثمانية (1299 – 1923)، بناء 20 ضريحًا وقبة.
تعتبر أضرحة وقباب "أوج كمبدلر"، و"حبيب تيمورطاش بابا"، و"رابعة خانم"، و"جمجمة خاتون"، و"قرنلق"، و"كمشلو"، مدرسة المئذنة المزدوجة وقبتها، و"ضريح الأمير سلدق"، أبرز الأضرحة والقباب في أرضروم.
تعكس الزخارف الحجرية التي تغطي هذه الأضرحة والقباب المنتشرة في نقاط مختلفة من المدينة، البعد الفني للفترات التاريخية التي تنتمي لها، فضلًا عن أنها تشكل أبرز معالم المدينة.
وتقف مدرسة المئذنة المزدوجة وقبتها، التي بدأ تشييدها في القرن الثالث عشر الميلادي، كواحدة من أبرز المباني التاريخية في أرضروم، فضلًا عن أنها تعتبر أحد أبرز رموز المدينة.
تستقطب هذه المباني التاريخية عشرات الآلاف من السياح المحليين والأجانب كل عام، فيما تأخذ الأضرحة والقباب، التي تحتل مكانًا مهمًا في التاريخ والتقاليد التركية، الزوار في رحلة معطرة بأريج الماضي وعراقته.
وقال الدكتور حسين يورتداش، الأستاذ في قسم تاريخ الفن بكلية الآداب جامعة أتاتورك بأرضروم، إن ضريح وقبة "أوج كمبدلر" اللذان يعودان لفترة دولة السلادقة، يعتبران أحد أقدم المباني التاريخية التي تعود للعصر التركي في أرضروم.
وأضاف يورتداش للأناضول، أن "ضريح الأمير سلدق" في أرضروم يمثل أحد أبرز النماذج الأولى والنادرة للهندسة المعمارية للأضرحة في منطقة الأناضول.
وأشار يورتداش إلى أن دولة "بني سلدق" حكمت أرضروم بعد الدولة البيزنطية، وهي أكثر دولة أو إمارة قامت بنهضة عمرانية في المدينة بالنسبة لفترة الحكم التركي في المنطقة.
ولفت يورتداش أن "ضريح الأمير سلدق" يتميز يتصميم هندسي فريد لا يشبه التصاميم الأخرى الموجودة في منطقة الأناضول، مشيرًا أن هذا الضريح يشكل بداية تبلور ثقافة الأضرحة والقباب في منطقة الأناضول، والتي تطورت بشكل سريع وثري في عهد السلاجقة.
وأشار يورتداش، أن أضرحو وقباب "قرنلق" و"كمشلو" و"رابعة خانم" و"جمجمة خاتون"، تم تشييدها في القرن الرابع عشر، في عهد الدولة الإيلخانية.
ونوه يورتداش، بأن ثقافة تشييد الأضرحة والقباب اكتسبت زخمًا فريدًا خلال الفترة العثمانية، وأن فنون الهندسة والعمارة بدأت تأخذ بعدًا متطورًا في هذه الحقبة.
وقال يوتداش إن الأضرحة التذكارية والقباب تعكس تطور الهندسة المعمارية للدول التركية التي حكمت الأناضول.
وأضاف: أن هذا التقليد ترسخ في الثقافة التركية. لذلك فإن فن بناء الأضرحة والقباب بات مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بالأتراك.
وأشار يورتداش إلى أن السمة المعمارية للأضرحة والقباب تعكس وجهة النظر الفنية للعصر التي بنيت فيه، كما تعكس احترام السكان لأسلافهم وفق الثقافة التركية.
وشدد يورطاش على أهمية المحافظة على النسيج التاريخي لأرضروم ونقله إلى الأجيال القادمة. مؤكدا أن هذا يعد واجبا على سكان أرضروم وكل المواطنين الأتراك.
وتابع "الأتراك هم أكثر شعب حمل لواء الإسلام. ولذلك يتوجب علينا الحفاظ على أرضروم وكل الأناضول. ولذلك أيضا علينا الحفاظ على هذه الآثار التاريخية التي تعد ميراث أجدادنا".
وأكد يورطاش على ضرورة المحافظة على هوية المدينة، وعدم المبالغة في تشييد المباني الخرسانية والأحياء الجديدة التي تُفقد المنطقة هويتها. مشيرا إلى أن المدن تصبح ذات معنى طالما تم الحفاظ على آثارها التاريخية.