سلطنة عمان تضع أحد موانئها التجارية تحت تصرف إيران
قررت سلطنة عمان وضع أحد الموانئ التجارية الهامة تحت تصرف إيران، وفق تصريحات دبلوماسية عمانية.
وقال السفير العماني لدى إيران «سعود البرواني» إن سلطنة عمان خصصت أحد موانئها ليكون تحت تصرف التجار الإيرانيين.
وأشار «البرواني» إن السلطنة ستمنح التجار الإيرانيين تأشيرات لسنة كاملة على الأقل في تصريحات نشرتها وكالة «تابناك» الإيرانية .
وأكد السفير العماني أن علاقة سلطنة عمان بإيران تختلف عن علاقتها مع كل الدول العربية وغير العربية، مؤكدا أن عمان لأول مرة قررت أن تضع ميناء هام تحت تصرف الإيرانيين، منوها بأن بلاده تنهى الإجراءات القانونية لهذا المشروع إضافة إلى منح الغيرانين تأشيرة لمدة سنة كاملة على الأقل وفي حال انتهى العام ورغب الشخص أن يبقى في عمان تتحول تلقائيا إلى أجازات إقامة في امتياز لم تمنحه عمان لأي دولة أخرى سوى إيران.
وأشار إلى أن السلطنة مستعدة لتقديم مثل هذا الخدمات لإيران فقط، واصفا إياها بالدولة الحليفة .
كما كشف السفير العماني عن عزم بلاده زيادة الرحلات الجوية بين السلطنة ومختلف المدن الإيرانية، مشيرا إلى أنه مع بداية يونيو/حزيران المقبل ستكون هناك رحلة جوية يومية بين مسقط ومدينة مشهد الإيرانية، ومع بداية أغسطس/آب سيرتفع عدد الرحلات الجوية من مسقط إلى طهران إلى 3 رحلات يوميا.
وختم بالقول: «نعتزم إقامة رحلات جوية مباشرة أيضا إلى أصفهان وبندر عباس، كما أننا بصدد نقل المسافرين الإيرانيين إلى أنحاء العالم عبر الخطوط الجوية العمانية».
يشار إلى أن سلطنة عمان عرفت بدورها في تقريب وجهات النظر داخل البيت الخليجي أو بين دول الخليج العربية وجيرانها، في الكثير من القضايا الحساسة.
ورغم كونها عضوا في «مجلس التعاون الخليجي»، تميزت بعلاقات حسنة مع إيران، وتبنت مواقف محايدة وأحيانا مخالفة للإجماع الخليجي في عدد من القضايا الإقليمية، من دون أن تتخلى عن حرصها على نبذ الصدام وإبقاء باب الحوار مفتوحا مع جميع الأطراف.
ولم تشارك مسقط دول الخليج في عملية «عاصفة الحزم» بقيادة السعودية ضد «الحوثيين» في اليمن، وإلى جانب تأكيدها أهمية وحدة سوريا واستقرارها.
تغريد خارج السرب
وتحاول سلطنة عمان دوما أن تلعب دورا معتدلا ومحايدا في ظل الصراعات الموجودة بمنطقة الشرق الأوسط، حيث تسعى للنأي بنفسها عن أن تكون طرفا في خلافات أو صراعات إقليمية، الأمر الذي جعل البعض يرى أن عمان تغرد دائما خارج السرب الخليجي، من خلال اتخاذ مواقف بعيدة نهائيا عن الموقف الخليجي.
هذا الدور المحايد الذي تحاول السلطنة الحفاظ عليه، رغم الضغوط التي تتعرض لها من قبل دول «مجلس التعاون الخليجي»، جعلها تقوم بدور الوساطة في العديد من الأزمات الإقليمية، التي كان أبرزها انطلاق المفاوضات النووية بين إيران والغرب في عام 2013 بعد توسط سلطنة عمان بين الطرفين، مما جعل وزير الخارجية الأمريكي «جون كيري»، يشيد بدور السلطنة في إبرام الاتفاق النووي، كما لعبت مسقط دور الوسيط بين طهران وواشنطن للإفراج عن معتقلين، بينهم ثلاثة شبان أمريكيين اعتقلتهم إيران في 2009، وإيرانية أفرجت عنها واشنطن في 2012.
وقد تصاعدت الأزمة السياسية في منطقة الشرق الأوسط في وقت مبكر من هذا العام وذلك بسبب قيام المملكة العربية السعودية بإعدام رجل الدين الشيعي «نمر النمر» في يناير/كانون الثاني، وتلى حكم التنفيذ ردة فعل ساخطة من إيران، لذا يعد تدخل عمان اختبارا على قدرتها على الوقوف في الحياد.
وأدانت القيادة في سلطنة عمان الهجمات العنيفة على الوجود الدبلوماسي السعودي في اثنتين من المدن الإيرانية بعد إعدام «النمر» ووصفته بالسلوك غير المقبول، ولكنها على عكس باقي دول الخليج لم تسع إلى تخفيض أو قطع العلاقات الدبلوماسية مع طهران، حيث قام «يوسف بن علوي» وزير الخارجية العمانية، وكذلك سفير سلطنة عمان في إيران «سعود بن أحمد البرواني» بالسفر إلى إيران للاجتماع بالمسؤولين السياسيين في طهران ومناقشة الأزمة الراهنة.
وترى مسقط بأن التصعيد السياسي والتوتر في المنطقة والفتنة الطائفية هو أمر مؤسف للغاية، وقد يؤثر على المصالح الوطنية الخاصة بالسلطنة في المنطقة.
وفي العام الماضي قدمت السلطنة جهدا كبيرا وذلك لدفع الحوار بين الأطراف المتنازعة في كل من سوريا واليمن، ولكن رغم ذلك فإن السعودية وعددا من حلفائها وشركائها قد خفضوا أو قطعوا علاقتهم مع إيران وهي (البحرين، جزر القمر، جيبوتي، الأردن، الكويت، قطر، الصومال، السودان والإمارات العربية المتحدة)، وكذلك أعرب المسؤولون في كل من تركيا ومصر عن تأييدهم لموقف السعودية، وتعد هذه الأزمة الدبلوماسية حجر عثرة تجاه المبادرات الهشة لحلحلة الأزمة في كل من اليمن وسوريا.
وتشارك سلطنة عمان الجمهورية الإيرانية في الموقع الاستراتيجي المطل على مضيق هرمز، لذلك فإن لدى سلطنة عمان مصالح وطنية خاصة بها تجعلها تشارك في تخفيف حمى التوترات السياسية بين دول الخليج وإيران، كما أن مسألة الحصول على الطاقة على المدى الطويل هي أحد أهم أهداف عمان رغم أن المشروع لم يبدأ حتى الآن وذلك لمد خط أنابيب غاز بين البلدين تحت الماء.
وتواجه عمان والتي هي من أقل الدول الخليجية امتلاكا للنفط مشاكل اقتصادية خطيرة وذلك نتيجة انخفاض النفط، لذا يعد استيراد الغاز الطبيعي من إيران مطلبا سياسيا واقتصاديا مهما بالنسبة لعمان، و في الوقت ذاته فإنه يفتح آفاقا للسلطنة وذلك من أجل الحصول على الغاز من آسيا الوسطى الغنية بالنفط.