أدى صدور تقرير للخارجية الأمريكية حول اغتيال الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، التي تحمل الجنسية الأمريكية، إلى غضب فلسطيني بسبب عدم حسمه بمسؤولية الجيش الإسرائيلي عن جريمة الاغتيال.
إبعاد المسؤولية عن الاحتلال
وقالت الخارجية الأمريكية إن الرصاصة التي قتلت أبو عاقلة لا تتيح التوصل إلى "استنتاج نهائي" في ما يتعلق بمصدر الرصاصة التي قتلتها في 11 أيار/مايو وتسلمتها من السلطات الفلسطينية.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس إن "خبراء بالستيين خلصوا إلى أن الرصاصة متضررة بشكل كبير ما حال دون التوصل إلى استنتاج نهائي"، بعد "تحليل جنائي شديد التفصيل" بمشاركة خبراء من الخارج.
لكن الوزارة قالت إن مجلس الأمن الأمريكي، خلُص إلى أن إطلاق النار من مواقع الجيش الإسرائيلي "كان مسؤولاً على الأرجح عن مقتل أبو عاقلة". لكن الناطق باسم الوزارة استدرك قائلا: "لم يجد مجلس الأمن الأمريكي أي سبب للاعتقاد بأن هذا كان متعمدًا".
وأضاف: "لكن (الحادث جاء) نتيجة لظروف مأساوية خلال عملية عسكرية بقيادة الجيش الإسرائيلي ضد حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية في 11 مايو/أيار 2022 في جنين، والتي أعقبت سلسلة من الهجمات الإرهابية في إسرائيل".
وقال المتحدث الأمريكي: "تقدر الولايات المتحدة وتواصل تشجيع التعاون بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية في هذه الحالة المهمة، سوف نظل منخرطين مع إسرائيل والسلطة الفلسطينية في الخطوات التالية ونحث على المساءلة".
النيابة الفلسطينية ترد
التقرير الأمريكي استدعى ردا فلسطينيا جاء على لسان السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير والنيابة العامة وعائلة أبو عاقلة.
فقد استغربت النيابة العامة الفلسطينية مما خلص إليه التقرير الأمريكي، وأكدت في بيان نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" أن "التقارير الفنية الموجودة لدينا تؤكد أن الحالة التي عليها المقذوف الناري قابلة للمطابقة مع السلاح المستخدم"، وهذا مناقض تماما لما توصل إليه التقرير الأمريكي.
وأضاف بيان النيابة أن النتائج التي توصلت إليها تحقيقاتها بُنيت على مجموعة من الأدلة والبينات الدامغة والتي تضمنت تقارير فنية ومعاينات وإفادات شهود العيان؛ حسمت بشكل قاطع أن اغتيال الشهيدة شيرين أبو عاقلة كان باستهداف مباشر من أحد أفراد قوة جيش الاحتلال الإسرائيلي المتمركزة بالمكان، وأثبتت بالوجه القاطع أن وقت ومكان وقوع الجريمة لم تكن هناك أي مظاهر أو مواجهات مسلحة.
وتضمنت البينات التقارير الفنية المتعلقة بالمقذوف الناري المستخرج من رأس الشهيدة شيرين أبوعاقلة، والتي بينت أن المقذوف من عيار 5.56 خارق للدروع وأطلق من مسافة 170 إلى 180 مترا بمسار إطلاق يتوافق ومكان تمركز قوة جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وكشفت النيابة الفلسطينية أنها أطلعت الجانب الأمريكي على فحوى النتائج التي توصلت إليها، كون الشهيدة تحمل الجنسية الأمريكية، ونشير إلى أن الجانب الأمريكي قام بإجراء تحقيق منفصل منذ وقوع الجريمة وبهدف استكمال تحقيقاتهم تم تسليمهم المقذوف الناري لمدة 24 ساعة لإجراء الفحص الفني اللازم من قبل خبراء أمريكيين تم إحضارهم لهذه الغاية، وتم إعادة المقذوف للنيابة العامة أصولا، وتم التأكد من خلال الخبراء الفنيين لدينا بأنه أعيد بذات الحالة التي سلم عليها.
وانتقدت النيابة العامة الفلسطينية ما خلص إليه التقرير الأمريكي من أنه لا وجود لأسباب تشير إلى أن الاستهداف كان متعمدا، وقالت إن الجانب الأمريكي كان على اطلاع بمجمل تحقيقات النيابة العامة التي أكدت مسألة التعمد في القتل سواء بما هو موثق بتسجيلات الفيديو أو من خلال شهود العيان أو مسار ومسافة وارتفاعات إطلاق النار، أو من خلال استهداف من حاول إسعاف الشهيدة.
ورفضت النيابة الفلسطينية نتائج التحقيق الأمريكي وقالت إنها هي الجهة المختصة بإجراء التحقيق قانونا، "وأي نتائج تحقيقات تجريها أي جهات أخرى غير ملزمة لنا قانونا، واستنادا إلى التحقيقات فإن إسرائيل تتحمل المسؤولية الكاملة عن تعمد اغتيال الشهيدة الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، وسنعمل على استكمال إجراءاتنا القانونية لملاحقة إسرائيل أمام المحاكم الدولية".
السلطة: سنتابع القضية في المحاكم الدولية
من جهته قال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، إن السلطة "تحمل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن مقتل الصحفية شيرين أبو عاقلة التي اغتيلت بنيران الجيش الإسرائيلي في جنين في 11 أيار الماضي".
وأضاف أبو ردينة، في تصريح، الاثنين: "لن نقبل بأي حال من الأحوال التلاعب بنتيجة التحقيق الفلسطيني، وسنتابع قضية اغتيالها في المحاكم الدولية، خاصة أمام المحكمة الجنائية باعتبار أن إسرائيل هي المسؤولة عن قتلها وعليها أن تتحمل النتائج".
وقال: "نعبر عن أسفنا لتنصل الحكومة الإسرائيلية من تحمل مسؤولياتها تجاه اغتيال أبو عاقلة، ونطالب الإدارة الأمريكية بالحفاظ على مصداقيتها وأن تحمل إسرائيل المسؤولية كاملة عن جريمة قتل الشهيدة أبو عاقلة، لأن الوقائع الفلسطينية والدولية تؤكد مسؤولية الجيش الإسرائيلي بدون أدنى شك".
منظمة التحرير: لن نسمح بحجب الحقيقة
أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ حمل كذلك حكومة الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية اغتيال شيرين أبو عاقلة، مؤكدا: "سنستكمل إجراءاتنا أمام المحاكم الدولية".
وأكد الشيخ، الاثنين: "لن نسمح بمحاولات حجب الحقيقة أو الإشارات الخجولة في توجيه الاتهام لإسرائيل".
عائلة أبو عاقلة: لا نصدق
كما نددت عائلة أبو عاقلة، الاثنين، بنتائج التحقيق الأمريكي.
وقالت العائلة في بيان: "بالنسبة لإعلان وزارة الخارجية الأمريكية بأن الاختبار الذي أجري للرصاصة التي قتلت شيرين أبو عاقلة، وهي مواطنة أمريكية، لم يكن حاسما بشأن مصدر السلاح الناري الذي أطلقت منه، لا يسعنا أن نصدق الأمر".
واغتالت قوات الاحتلال الإسرائيلي في 11 أيار/ مايو الماضي، مراسلة قناة "الجزيرة" شيرين أبو عاقلة، برصاصة في الرأس في أثناء تغطيتها لعملية اقتحام بمدينة جنين، شمالي الضفة الغربية المحتلة.
ولقي الاغتيال تنديدا فلسطينيا وعربيا ودوليا واسعا.
وكانت مؤسسات صحفية أمريكية رائدة، مثل قناة "CNN"، ووكالة "أسوشيتد برس"، وصحيفتي "واشنطن بوست" و"نيويورك تايمز"، قد نشرت تحقيقات خاصة أجرتها، وخلصت إلى أن أبو عاقلة قُتلت برصاص إسرائيلي، فيما توصل تحقيق لقناة "الجزيرة" إلى النتيجة ذاتها.