سقط خمسة قتلى من المتظاهرين في السودان برصاص قوات الأمن، حسبما صرحت لجنة أطباء السودان المركزية، في ظل خروج حشود من المتظاهرين باتجاه القصر الرئاسي.
وخرج ألوف إلى الشوارع في السودان الخميس للمطالبة بإنهاء الحكم العسكري. واستخدمت قوات الأمن السودانية قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق حشود من المتظاهرين الذين خرجوا في أنحاء متفرقة من البلاد.
وفي وسط العاصمة الخرطوم، استخدمت قوات الأمن خراطيم المياه إلى جانب قنابل الغاز لمنع المتظاهرين من الزحف باتجاه القصر الرئاسي، بحسب شهود عيان.
وحمل متظاهرون لافتات مطالبين بالقصاص للشهداء الذين قضوا في مظاهرات سابقة، بينما ردد متظاهرون آخرون هتافات مناوئة للبرهان مطالبين الجيش بالعودة للثكنات.
وشهدت العاصمة السودانية الخرطوم صباح اليوم انقطاعا في خدمات الإنترنت، قبل مظاهرات مؤيدة للديمقراطية في أنحاء البلاد. وتعد هذه هي المرة الأولى منذ شهور التي تقطع فيها خدمات الإنترنت قبيل خروج متظاهرات.
وتحيي هذه المظاهرات ذكرى مرور ثلاث سنوات على خروج مسيرات حاشدة ضمن احتجاجات 2019 التي أطاحت بنظام عمر البشير وقادت إلى ترتيب لتقاسم السلطة عبر حكومة انتقالية مكونة من مدنيين وعسكريين.
لكن انقلابا في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان أطاح بتلك الحكومة الانتقالية ليستحوذ الجيش على السلطة.
كما تتزامن مظاهرات 30 يونيو/حزيران مع ذكرى انقلاب قاده الرئيس السوداني السابق عمر البشير عام 1989 على آخر حكومة مدنية منتخبة ديمقراطيا لتقع السودان على مدى ثلاثة عقود في قبضة الجنرال الحديدية بدعم من الإسلاميين.
وأدى انقلاب البرهان إلى خروج مسيرات حاشدة استمرت على مدى أكثر من ثمانية أشهر تطالب الجيش بترك السياسة.
كما دفع الانقلاب حكومات أجنبية إلى خفض مساعداتها للسوادان، مما عمّق أزمة اقتصادية مزمنة تعايشها البلاد.
ومنذ استحواذ الجيش على السلطة، شهدت البلاد انقطاعات في خدمات الإنترنت، في محاولة لإعاقة حركة التظاهر شبه الأسبوعية.
وقال مسؤولون في اثنتين من الشركات الخاصة في قطاع الاتصالات بالسودان، شريطة عدم الإفصاح عن أسمائهم، إنهم تلقوا أوامر من السلطات بإغلاق الإنترنت مرة أخرى يوم الخميس.
وقالت الوكالة الفرنسية للأنباء إن خطوط الهاتف والإنترنت متعطلة منذ الساعات الباكرة صباح الخميس.
وكثفت القوى الأمنية من وجودها في الخرطوم يوم الخميس رغم الإعلان مؤخرا عن رفع حالة الطوارئ التي فُرضت في أعقاب الانقلاب.
وأغلقت قوات أمنية جسورا فوق نهر النيل بين الخرطوم واثنتين من المدن هما أم درمان وبحري، في خطوة أخرى تُتخذ في أيام المظاهرات الكبرى لإعاقة حركة المتظاهرين.
وأفاد موقع باج نيوز الإخباري بأن "اللجنة الأمنية بولاية الخرطوم أعلنت إغلاق كل الجسور فوق النيل، ما عدا جسرَي سوبا وحلفايا، وذلك استباقا لمظاهرات مليونية" اليوم الخميس.
وخلال مسيرات الأربعاء في شمال الخرطوم، لقي متظاهر سوداني مصرعه. وقالت لجنة أطباء السودان المركزية إن المتظاهر توفي إثر الإصابة "برصاصة في الصدر".
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، دشن ناشطون وسم "مليونية زلزال 30 يونيو" للمطالبة بعودة السلطة للمدنيين.
ودعت قوى الحرية والتغيير إلى "المشاركة بفعالية" في مظاهرات اليوم الخميس 30 يونيو/حزيران، قائلة إنها "طريقنا لإسقاط الانقلاب وقطع الطريق أمام أي بدائل وهمية".
من جهته، دعا المبعوث الأممي الخاص فولكر بيرثيس القوات الأمنية إلى ممارسة ضبط النفس.
واستدعت الخارجية السودانية مبعوث الأمم المتحدة للبلاد فولكر بيرثيس، وذلك على خلفية تصريحات أدلى بها الأخير بخصوص مظاهرات الخميس المناهضة للجيش.
ونقلت الوكالة الرسمية للأنباء في السودان عن وكيل وزارة الخارجية دفع الله حاج علي، القول إن تصريحات بيرثيس غير مقبولة لما تنطوي عليه من وصاية وانتهاك للسيادة الوطنية.
وقال بيرثيس إن "العنف ضد المتظاهرين لن يتم التسامح معه". وأضاف بأن أحدًا لا ينبغي أن "يعطي فرصة للمخربين الباحثين عن تصعيد في السودان".
في غضون ذلك، يعكف الاتحاد الأفريقي، وتكتُّل الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية في شرق أفريقيا (إيغاد) ، والأمم المتحدة على محاولات لعقد محادثات بين الجنرالات والمدنيين، لكنها تلقى مقاطعة من جانب كل الفصائل المدنية الرئيسية.
وتحذر الأمم المتحدة من مغبة الأزمة الاقتصادية والسياسية في السودان، والتي تهدد بدفع ثلث سكان البلاد الذين يربوا تعدادهم على الـ 40 مليونا صوب نقص في الغذاء على نحو مهدد للحياة.